بعد الحديث عن مخاطر المنشطات واثرها السلبي على عمل الجسم وما ترتبه من خطر على وظيفة الاعضاء، واصلت "النشرة الرياضية" التطرق مع الدكتور جهاد ابو جودة (*) الى مسائل تتعلق بالعظم ومشاكله لمن يمارس الرياضة محترفاً كان ام هاوياً. واشار الدكتور ابو جودة الى ان الرياضي الذي يتعرض لضربات على الرأس (اكان بالكرة ام باللكمات ام غيرها…) معرض لخطر كبير تتفاقم نسبته وفقاً لعدد الضربات وقوتها. واوضح ان الخطر يتعاظم اذا ما كان الرياضي المعني مصاباً بعلة ما او مشكلة خلقية بسيطة، وقد تصل الامور الى حد النزيف في بعض الاحيان. واضاف: اذا اخذنا حالة كرة القدم مثلاً، فإن التطاول للوصول الى كرة مضافة الى الوضعية غير المستقيمة للرقبة والى قوة الضربة، فهو معرض لاصابة قد تكون قوية خصوصاً اذا ما تم تغيير مسار الشخص المعني بتعرضه لدفعة ما، ومن الممكن ان نشهد في مثل هذه الحالات الوصول الى شلل جزئي او دائم. واضاف الدكتور ابو جودة ان حالات الموت ليست بعيدة ايضاً في هذا المجال، فتعريض الخرزتين الاولى والثانية "سي 1 و سي2" للضغط والضرر، قد تفضي الى " طق الرقبة" وهو امر معروف اكثر ب"ضربة الارنب" التي تتعرض لها نقطة ارتكاز الدماغ. واشار الى ان هذا الامر نادراً ما يحصل في كرة القدم لان اللاعب يكون قد قدّر طريقة تحركه وتكون الضربة خفيفة نسبياً. العلاقة بين الظهر والقدم يتعرض العديد من الناس لاوجاع في الكاحل حين يمارسون رياضة المشي المفترض انها خالية من الخطورة. يوضح الطبيب ابو جودة ان سبب هذا الالم هو تضرر الوتر الذي يربط عظمة الكاحل ومقدمة الرجل، وللذين يسيرون حفاة القدمين او يرتدون احذية قاسية غير مرنة، او يهرولون دون اجراء التحمية المناسبة، يعرضون الوتر الى ان يلتهب ويسبب الالم وصولاً الى الركبة. اما الاوجاع التي يعتقد البعض انها متأتية من القدم، فقد لا تكون كذلك في الكثير من الاحيان. فهناك اناس يصابون بأوجاع في الرجل على مستوى الركبة ويؤكدون ان الالم هو في القدم، بينما تظهر الفحوصات ان السبب هو الم في الظهر، وتحديداً في عصب الظهر، امتد الى القدم. لذلك، من المهم اجراء فحوصات من قبل الطبيب لمعرفة حقيقة مصدر الالم. وروى الدكتور ابو جودة حادثة حصلت معه منذ فترة قصيرة، اذ قصده اهل ولد مراهق لوجع في القدم، وتبيّن ان الولد لا يمارس الرياضة ويهوى الالعاب الالكترونية التي يقضي وقتاً طويلاً في ممارستها، ومع بداية الموسم الدراسي طلب منه في حصة رياضية ان يركض على غرار زملائه، فأحس بعد اقل من ساعة بألم في رجله، وبعد اجراء الفحوصات اللازمة، تبين ان لديه رضوضاً في عظمة الرجل، وذلك لعدم جهوزيته وجهوزية العظم لمثل هذا النوع من الضغط. ففي هذه الحالة، تعرضت العظمة لرضة كما يتعرض الوتر للالتهاب او التمزق، وهي حالة شائعة لدى الرياضيين، ولا تظهر بالفحص السريري انما بصورة الرنين المغناطيسي اذ تظهر على شكل ورم داخل العظمة. ثلاثة مقدسات وشدد الدكتور ابو جودة على ثلاثة امور مهمة يجب على كل شخص ان يلتزم بها وهي: الانتباه الى نوعية الطعام والاهتمام بالغذاء الصحي، وممارسة الرياضة بعد اجراء الفحوصات اللازمة مع الاخذ في الاعتبار اختيار الرياضة التي تناسب العمر وقدرة الجسم على التحمل، اما الاهم بالنسبة الى الدكتور ابو جودة، فهو الانتظام في ممارسة الرياضة اياً كان الوقت او نوع الرياضة، وعدم اجبار الجسم على القيام بمجهود تفوق طاقة تحمّله. ورأى ان ممارسة المشي مثلاً نصف ساعة يومياً (او اكثر او اقل)، افضل واكثر اماناً للجسم من ممارسة المشي لمدة ساعتين متواصلتين مرة في الاسبوع او الشهر. ودعا الى عدم ارهاق الجسم لان مخاطره على العظم وباقي الاعضاء مكلفة وخطيرة، موجهاً نصيحة الى من يريد ممارسة الرياضة دون مواكبة من محترفين، ان يقوم بأقل مما يرغب به اي مثلاً اذا اراد الهرولة لمدة ساعة، فليقم بها لمدة نصف ساعة او 45 دقيقة. واكد انه من الضروري جداً الاخذ في الاعتبار عمر الانسان ودقرة الجسم على تحمل الضغوط، وان لا يعيش المرء على امجاد الماضي لان العمر لا يقف والجسم يتغير وقدرته تخف مع الوقت. (*) الدكتور جهاد ابو جودة: مدير مستشفى ابو جودة- جل الديب، متخرج من جامعة بيشا- باريس في قسم الجراحة الدقيقة (Microchirurgie). متخصص في مشاكل العظم وجراحة العظم، والطب الرياضي والجراحة المختصة بالرياضة.