أجمل ما في أحداث (الربيع العربي) أنها كشفت حقائق كثيرة وعلمتنا دروسا وقواعد أهم ! وأبرزها حقيقة الجماعات والشخصيات والقضايا التي اتضحت بدروس تطبيقية لا تنسى ! وستحاكم وتعاقب وتكافأ معنويا واجتماعيا مع الوقت! وأكثر ما يهمني هنا النخبة الثقافية والإعلامية والحقوقية؛ و ليعذروني فالنقد الذي كوينا به غيرنا وحرية التعبير التي نناضل لأجلها نحن أولى بهما ! فهم من بادروا لتبني قضايا الناس أخلاقيا ومهنيا بدون أجر أو بأجر المهنة القانوني! وأصبحوا قوة ايجابية مؤثرة في المجتمع تواجه فساد واستبداد النظام السابق وتشدد واستغلال القوى الإسلامية والاجتماعية للقيم ! لكنهم كانوا أول من تضرر من الظهور المفاجئ لحرية الفوضى الخلاقة التي جعلت المظلوم ظالما والظالم يستدعي التضامن، وفرضت على الإعلاميين والحقوقيين التبعية للأصوات المرتفعة والانتقام من السقوط، فذهبنا بمشاعرنا مع الحماس والأحلام وخوفا من إرهاب طوفان التغيير، وتجاوزنا معايير وقواعد المهنية، وتحولت بعض وسائل الإعلام والإعلاميين إلى صوت للثائرين ضد الأنظمة بانفعال بدلا من صوت الحقيقة والرأي والرأي الآخر بحسب ميثاق الشرف المهني وتحول البعض الآخر إلى منصفين بتطرف في إطار تطرف الآخر ! خلال 3 أعوام فقط سقطت مكانة وسائل إعلام عربية ومحلية ومصداقيتها أدنى من سقوط الحكام ! وكذلك شخصيات حقوقية واجتماعية حشدت وانتقدت وصرحت وأعلنت مراهنة بضمان مكانتها ومصداقيتها لطموح مرحلة مزدهرة ليسوا قادتها ! فأتت الظروف وخيانة الشركاء بمرحلة قاتلة وفي كل المجالات، وأصبح الموت أهم وأوسع إنجاز فيها، وخسر رهان النخبة الذين لم يعوا بأنه ليس هناك أسوأ من إرضاء الديكتاتور سوى إرضاء الغوغاء !! وأياً كان مبرر النخبة حسن النية أو قلة الخبرة إلا أن هناك أخطاء لا تغفر، وسنحاكم عليها تاريخيا واجتماعيا وأبرزها التحريض على انتهاك حقوق الآخرين والكذب والافتراء والإساءة بدون تصحيح لاحق وأسوؤها ما بالغنا بنقده بصوت عالٍ وثرنا لأجله وهو استلام مبالغ باسم مرحلة التغيير أو باسم الشعب أو لمشاريع فاشلة من أموال الشعب !! وهو ما اقترفناه في مؤتمر الحوار الذي كان فخاً محكما لإحراق النخبة فما يقارب ال90 ألف دولار وأكثر استلمها كل ناشط وثائر في مؤتمر الحوار، ولم يفسر أو يوضح للناس بالأدلة المصلحة التي قدمها لهم مقابل حصوله على هذا المبلغ من خزينتهم في الوقت الذي يموت فيه الناس جوعا ويتحاربون بلا حوار ولم يتغير شيء ! أضف إلى ذلك الرواتب الشهرية التي يستلمها البعض من الخزينة العامة بلا دوام شهري !! الحقوقيون والمناضلون هم الأكثر مسؤولية وإجراماً في قضايا الفساد وانتهاك القيم لأنهم وضعوا أنفسهم في مسؤولية الدفاع عن القيم والنزاهة فلنصحح أنفسنا أولا !