دخلت الاحتجاجات الشعبية التي تقودها جماعة الحوثي يومها السادس في العاصمة وعدد من المحافظات وشهدت الأزمة أمس تصعيداً متبادلاً ميدانيا وإعلامياً، فيما يرابط وفد الرئاسة في محافظة صعدة منذ الخميس الماضي لإيجاد تسوية مع زعيم أنصار الله، في وقت طلبت فيه اليمن من سلطنة عمان التوسط لدى إيران التي اشترطت على صنعاء طلباً رسمياً، وفي الأثناء يتم التداول في صنعاء على مستوى رئاسي تسمية (3) أشخاص لخلافة باسندوة، فيما تجرى نقاشات في محافظة صعدة حول تمثيل الجماعة التي اشترطت لمشاركتها تمثيلاً معطلاً. وميدانياً انتقل المحتجون من ضواحي العاصمة إلى قلبها في تطور اعتبرته اللجنة الأمنية تهديداً وأرسلت الآليات والقوات لتطويق المخيمات التي نصبت حول وزارات الكهرباء والاتصالات والداخلية. تسارعت الأحداث، أمس، في العاصمة صنعاء بوتيرة عالية، ميدانياً وسياسياً ودبلوماسياً لتطوي صفحة من تاريخ اليمن بكامل علاته، وفصلاً من فصول أزمته الممتدة منذ 2011م. ميدانياً نصب الحوثيون وتكتلات سياسية أخرى مخيمات اعتصام أمام ثلاث وزارات في أحياء الجراف والحصبة (الكهرباء، المواصلات، والداخلية) مع الاحتفاظ بمخيماتهم التي تحيط بالعاصمة من كافة الاتجاهات. وكان الآلاف من أنصار الجماعة احتشدوا لصلاة الجمعة في شارع المطار تلبية لدعوة زعيمهم، عبدالملك، وبدء المرحلة الثانية من التصعيد لإسقاط الحكومة وإلغاء الجرعة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وهي المطالب المعلنة من قبلهم. وأَمّ المصلين مفتي تعز العلامة سهل بن عقيل، وتناقل ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صورة للقيادي الميداني البارز في الجماعة أبو علي الحاكم خلف الإمام. وخيم التوتر مساءً في أحياء الجراف والحصبة مع توسيع الحوثيين لمخيماتهم شرق وزارة الداخلية وشرق وزارة الكهرباء وشمال وزارة المواصلات وغرب حديقة الثورة، وتطويق مصفحات وأطقم عسكرية وأمنية لتلك المخيمات. وقال مندوب "اليمن اليوم" إن الأجواء متوترة وأنه يكفي للانفجار رصاصة متهورة من هنا أو هناك. وأضاف أن المعتصمين أحيوا ما يسمونه (ذكرى الصرخة) بفعاليات وشعارات صاخبة، بعد أن تم تدشين الفعاليات من ضريح مؤسس الحركة حسين بدر الدين الحوثي. سياسياً قاد المبعوث الأممي جمال بنعمر أمس مفاوضات مكثفة مع مختلف الأطراف، حيث التقى ممثلي المشترك أمين عام الحزب الاشتراكي ياسين سعيد نعمان، وأمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عبدالله نعمان، والقيادي في حزب الإصلاح حميد الأحمر، ومعهم أيضاً مدير مكتب رئيس الجمهورية الدكتور أحمد عوض بن مبارك. وقال ل"اليمن اليوم" مصدر قيادي في تكتل المشترك إن اللقاء تم بناء على آخر ما توصل إليه الوفد الرئاسي مع زعيم جماعة الحوثيين في صعدة عبدالملك الحوثي. وأضاف أنه تم حسم مسألة حكومة الوفاق وذلك بموافقة الجميع على إقالتها وتشكيل حكومة بديلة غير أن الخلافات لا تزال جارية بخصوص مطالب الحوثيين. ولفت إلى أن الحوثيين يشترطون الثلث أو حكومة توافقية يكون فيها صاحب الصوت الواحد متساوياً مع صاحب العشرين عند اتخاذ القرارات، وهو ما يرفضه حتى اللحظة حزب الإصلاح. وقال المصدر -الذي اشترط عدم ذكر اسمه- إن قيادات حزب الإصلاح أبلغت بنعمر والرئيس بأن الحوثيين يريدون الثلث المعطل، وأنها تستوحي تجربة حزب الله في لبنان الذي استطاع أن يقيد الحكومة بحصوله على الثلث. كما التقى بنعمر مع ممثلي الحوثيين لذات الغرض. وفي صعدة واصل الوفد الرئاسي التفاوض مع عبدالملك الحوثي وقيادات جماعته لليوم الثاني على التوالي. وقال مصدر "اليمن اليوم" في اللجنة إن الأمور تسير نحو الانفراج، وأن هناك تفاهمات كبيرة حول أهم النقاط مثل إقالة الحكومة وتشكيل حكومة شراكة وطنية وتشكيل لجنة من الحوثيين والأطراف وخبراء اقتصاد لدارسة الملف الاقتصادي وسبل إمكانية التراجع عن الجرعة. وتناقلت الأوساط السياسية أمس ثلاثة أسماء لخلافة باسندوة في رئاسة الحكومة: أحمد عبيد بن دغر، أحمد صوفان، أحمد عوض بن مبارك. إلى ذلك أدانت اللجنة الأمنية والعسكرية أمس ما أسمته استمرار الحوثيين في التصعيد من خلال قيامهم بنصب مخيمات جديدة وسط العاصمة. وأكدت اللجنة الأمنية والعسكرية أنها وفي ضوء هذا التصعيد الخطير ملزمة بالقيام بواجباتها الوطنية لحماية أمن واستقرار الوطن وحماية السكينة العامة والممتلكات العامة والخاصة ، باعتبار أن هذه الأعمال تجاوزت حق التعبير السلمي وحق التظاهر والاعتصام ، وهي الحقوق التي يمارسها الحوثيون وغيرهم على مدى أكثر من عامين من خلال مخيمات الاعتصام المقامة في ساحة جامعة صنعاء والمظاهرات اليومية والأسبوعية التي يمارسونها بكل حرية. واعتبرت اللجنة أن محاصرة صنعاء من خلال المخيمات المسلحة على مداخلها والمخيم الذي تم نصبه اليوم هذا في وسط العاصمة يزيد من تأزيم وتعقيد الموقف. وحملت اللجنة الأمنية والعسكرية الحوثيين مسؤولية هذا التصعيد وما يترتب عليه من تداعيات ونتائج.