اختلفت الدول كثيراً حول مفهوم الإرهاب والتعريف الحقيقي له لأن كلاًّ ينطلق من مصلحته واحتياجه وكذا من منطلق استخدامه للإرهاب لتحقيق بعض المكاسب والمنافع، كما أن إلصاق تهمة الإرهاب بجماعة معينة أو دولة معينة يقصد به غالباً الضغط من الدول الكبرى على الدول الصغيرة. وهناك تعريفات كثيرة للإرهاب يمكن أن نذكر بعضها للفائدة، فتعريفه في الفكر السياسي المعاصر أنه أيّ استخدام للعنف العشوائي أو المنظم ضد أبرياء بهدف ترويعهم ولتحقيق مآرب سياسية أو مصلحية، كما أن علم الاجتماع السياسي عرف الإرهاب بأنه كل تصرف أو سلوك بشري ينزع إلى استخدام قدر من القوة القسرية بما في ذلك الإكراه والأذى الجسدي والاستخدام غير المشروع للسلاح ولتقنيات التعذيب التقليدية والحديثة المخالفة لحقوق الإنسان الأساسية التي أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، فيما عرفه المجتمع الدولي بأنه اعتداء يصل إلى حد العمل الإجرامي، لكن التعريف الدولي للإرهاب يفرق بين المستهدف منه وطبيعته حتى يطلق على اللفظ الإرهاب أو العمل الإرهابي بمعنى أن الدول تصنف الإرهاب على حسب أهوائها ومصالحها وغير ذلك من العوامل التي تتحكم في هذا الأمر. وبالتأكيد أن الإرهاب ظاهرة خطيرة يمكن أن تدمر دولا ومجتمعات كاملة وخاصة إذا ما وجد الأرضية المناسبة من الاحتضان والتمويل والتسليح كما نراه الآن من تنامٍ لبعض الجماعات الإرهابية بسبب الدعم والتمويل الذي تلقاه سواء من أفراد أو جماعات أو دول، والتي تهدف -أي الجهات الممولة- من ورائها إلى تحقيق أغراض معينة مثلما نشاهده حالياً في اليمن والعراق وسوريا وليبيا ومصر وتونس وكل الدول العربية والإسلامية التي نشأت فيها جماعات إرهابية بتمويل دول عربية معروفة وتسليح أمريكي أوروبي. مما لاشك فيه أن الإرهاب الذي يضرب دولنا العربية والإسلامية ظاهرة غريبة علينا جاءت لنا من خلفيات أخرى لكنها صبغت باسم الدين الإسلامي لغرض في نفس تلك الدول التي أنشأت تلك الجماعات الإرهابية ودعمتها ومولتها، ولو بحثنا عن الخلفيات التاريخية الحديثة لنشوء الجماعات الإرهابية فسنجد أنها من منشأ مطبخ الاستخبارات البريطانية ومن بعدها استخبارات الدول التي خلفت الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس وما حدث في أفغانستان وباكستان ليس ببعيد، فكل الحركات الإرهابية الحالية مثل القاعدة وداعش والنصرة وأنصار الشريعة وبيت المقدس كانت نتيجة لذلك فكل من عاد من أفغانستان وباكستان انخرطوا في هذه الجماعات الإرهابية، بل إن بعضهم شكل لنفسه جماعات أخرى لكن الهدف هو القتل والتدمير وتشويه الإسلام. وبالتأكيد -كما يقال- فالإرهاب لا دين له ولا وطن وربما ليست له هوية أو عقيدة والمبررات التي توجده متعلقة بالزمان والمكان المطلوبين من قبل من يريد أن تكون هناك جماعات إرهابية تقتل وتدمر من أجل أن يحقق من خلالها أغراضه ومآربه، وهذا يؤكد أن الفشل الذريع في الحرب على الإرهاب أو التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي يدخل في هذا الإطار، فهذه الدول التي جاءت بأساطيلها وعتادها الحربي بحجة محاربة داعش هي نفسها من يمول ويدعم هذه الجماعات وخاصة تنظيم داعش الذي كانت نشأته كما يعرف الجميع على يد أمريكا ودول أوروبا بتمويل خليجي بامتياز، وبالتالي فهذه الدول هي آخر من يريد القضاء على الإرهاب لأنها من صنعته وبالتالي فما يحدث في موضوع محاربة الإرهاب أمور أخرى يعلمها أصحاب الشأن فقط والمهم أنه ليس بينها القضاء على الإرهاب.