/ إنها الرموز الوطنية الحقيقية في الواقع وبدون منازع في هذا السياق الخُرافي للا دولة نحن نحتكم لهذه القيم الرجعية بلا حولٍ ولا قوة ،فالقبيلةُ فوق الدولة فوق الدستور فوق جمال بن عمر والأمم المتحدة فوق كل اللوائح إن لم تكن هي من شرعتها. إن محاولة الدولة تقنين القبيلة بما يُسمى "شؤون القبائل"أخفق بل وضم الدولة إلى القبيلة لا العكس. إن هذا الكيان القبلي يستند على الواقع المادي الاقتصادي وما الثقافة القبلية إلا نتاج للمنحنى الاقتصادي ،وما السياسة إلى خطاب اقتصادي مُكثف، هناك طبقات في المجتمع تحت خط الفقر ماديا وفي الحد الأدنى من التعليم والوعي إن لم يكن معدوماً وهي من تدعم وجود القَبلية -الشيخ- شيخ ليس لأنه من نسل الآلهة ونحن من البشر ،وليس لأنه خُلق من الأحجار الكريمة ونحن من الخشب ولم تعتقه أمه في رحمها فقد ولد مثلنا على تسعة أشهر إنه –شيخ- لأن وسائل إنتاجه تقوم على السلب والنهب والقتل والرشوة والغش والابتزاز وقطع الكهرباء وضرب أنابيب النفط واختطاف السياح ...الخ ما هو خارج عن الإنسانية و القانون ولا يبدو عظيماً لأنه كاتب فنان أديب عالم مخترع طبيب معلم مهندس بل لأن الآخرين يخافون من بنادقه ومسلحيه أن سُلطته هذه تقوم على المال والجهل فبدونها هو لا شيء لأنه في النهاية قد يكون لا يجيد القراءة ولا الكتابة ، لا يوجد فلسفه للقبيلة ولا أيدلوجية ولا منهج ولا برنامج ولا نحتاجها في العالم المُعاصر ..القبيلة التي تقوم على رابطة التعصب العرقي المناطقي السياسي تقف في النقيض تماماً لفحوى الدولة فكيف بالحديث عن دولة مدنية ديمقراطية ،دولة المؤسسة والمواطنة . مشكلة القبيلة في اليمن ليست مشكله الشيخ أو المواطن وليست وليدة اللحظة ولا نتاج "الثورة" ولا دخل لها بمصطلحات /بقايا نظام / ثوار / إنها منظومة قيم همجية ،ثقافة قبلية أصولية متحجرة تقف دوماً بوجه المشاريع التقدمية والحضارية. إن اعتداء أي شيخ على موظف حكومي ليس اعتداء عليه فحسب وليس عليه كشخص بل على وزارة الإدارة المحلية وعلى دولة باسندوة الذي حري به أن يبكي طويلاً، اعتداء على مؤتمر الحوار الوطني الذي يُفترض أن يَخرج بدولة مدنية ديمقراطية تكفل حق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون، إذا كان سيخرج مؤتمر الحوار الوطني والمشايخ هم المشايخ ونحن الذين نلتزم القانون نحن أولئك الرِعاع فتباً لركاب الحافلة رقم 565 وعلى الشعب السلام. تذيل سَنَصِيْرُ شعْباً حِينَ نَنسى مَا تَقُولُ لَنَاَ اَلقَبِيلة.. محمود درويش