– متابعات قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر تنفيذ خريطة الطريق، التي التزم بها نقل المسؤولية إلى سلطة مدنية منتخبة، في أعقاب الاشتباكات التي اندلعت مساء أول من أمس بين متظاهرين أقباط وقوات الجيش أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) وخلفت 25 قتيلاً من الجانبين وأكثر من 320 مصاباً. وجاء الالتزام ليقطع الطريق أمام المطالبات بإرجاء الانتخابات البرلمانية المقرر فتح باب الترشيح فيها غداً، بعدما ناشد سياسيون وشخصيات عامة المجلس إرجاء الانتخابات بسبب الوضع الأمني المتردي في البلاد، فيما صدرت دعوات لمقاطعة الأقباط هذه الانتخابات. وكانت السلطات المصرية استنفرت أمس في محاولة للسيطرة على تداعيات ما حدث واجتمع المجلس العسكري لبحثها والحكومة والمجمع المقدس وبيت العائلة برئاسة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. كما عقدت اجتماعات عدة شارك فيها سياسيون ورؤساء أحزاب وشخصيات عامة استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس، بعدما تحولت منطقة وسط البلد إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين المتظاهرين من جانب وقوات الجيش من جانب آخر، فضلاً عن وقوع اشتباكات متفرقة بين مسلمين وأقباط في مناطق مختلفة وسط القاهرة وفي المحافظات على خلفية أحداث القاهرة. وفرقت قوات الجيش والشرطة المتظاهرين عند مبنى ماسبيرو وفي ميدان التحرير بالقوة وأطلقت في سبيل ذلك النيران في الهواء وكثفت وجودها في محيطهما حتى صباح أمس. وفرض الجيش حظر تجوال في منطقة وسط القاهرة من الثانية حتى السابعة صباحاً. كما شُددت الإجراءات الأمنية حول الكنائس، خصوصاً مقر الكاتدرائية المرقسية في ضاحية العباسية، التي شهدت قداساً رأسه بابا الأقباط شنودة الثالث على أرواح ضحايا الأحداث من الأقباط. وتحولت جنازات القتلى إلى تظاهرات جديدة ردد خلالها الآلاف شعارات مناهضة للمجلس العسكري وحكومة رئيس الوزراء عصام شرف. وطالبوا خلالها بحل مشاكل الأقباط. الغرباء وأعرب المجمع المقدس عن ترويعه من الأحداث. وقال «إن غرباء اندسوا على المسيرة السلمية للأقباط الذين يعانون مشاكل تتكرر من دون حساب». وطالبت قوى سياسية عدة بإقالة رئيس الوزراء عصام شرف، وأكدت جماعة الإخوان المسلمين أن الأحداث دليل على «رغبة جهات داخلية وخارجية تبغي إجهاض الثورة». وقالت في بيان «لا يجوز أن تكون هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد ظرفاً لتنفيس الاحتقان أو تصفية الحسابات». وطالبت بالذهاب إلى الانتخابات وإجرائها وفق جدول زمني مناسب تتفق عليه القوى الوطنية للتعجيل بنقل السلطة وتحمل المسؤولية وعودة الاستقرار. وألغى رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي حضوره أمس لمشروع تدريبي بالذخيرة الحية «نصر – 5» في نطاق الجيش الثاني الميداني، عقب أحداث ماسبيرو. وعقد اجتماعاً طارئاً مع أعضاء المجلس العسكري للبحث في تداعياتها. وقرر المجلس تكليف مجلس الوزراء بسرعة تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على ما تم من أحداث واتخاذ كل الإجراءات القانونية الرادعة حيال كل من يثبت تورطه فيها بالاشتراك أو التحريض. وقال المجلس في بيان «تابع شعب مصر بقلق شديد الأحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد، التي حولت التظاهرات السلمية إلى تظاهرات دموية أدت إلى وقوع ضحايا ومصابين من أبناء الشعب». وأعرب المجلس عن خالص تعازيه لأسر الضحايا وتمنياته للشفاء للمصابين. وأكد حرصه على عدم التجاوب مع محاولات الوقيعة بين القوات المسلحة والشعب المصري التي أكد مراراً ضرورة الحذر منها ومن آثارها الخطيرة على الأمن القومي. وأعلن استمراره في تحمل المسؤولية الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعب ومكتسباته بعد ثورة 25 يناير، وتنفيذ خريطة الطريق التي التزم بها حتى نقل المسؤولية إلى سلطة مدنية منتخبة، على رغم بعض المحاولات التي تهدف إلى هدم أركان الدولة ونشر الفوضى للحيلولة من دون التحول الديموقراطي المنشود. وأكد أنه سيتخذ التدابير والإجراءات اللازمة لضبط الموقف للحفاظ على أمن البلاد وسلامتها