مجدد الدين عبقري التنوير.. "الإمام محمد عبده".. "باعث الدولة المدنية"    هل تُفرج عنهم قريبا؟.. تصريحات حوثية مفاجئة بشأن مصير من وصفتهم الجماعة ب"جواسيس أمريكا"!    يمني في اليابان يرفع رأس العرب .. وتكريم رسمي لبطولته    ضبط كميات كبيرة من المخدرات في بحر العرب    مخترع يمني يتهم دولة خليجية بسرقة اختراعه ويطالب بإعادة حقوقه    منتخب الشباب يواجه نظيره السعودي في الودية الثانية استعدادا لبطولة غرب آسيا    المتعجلون من الحجاج يبدأون رمي الجمرات ويتوجهون لطواف الوداع    نجاة رئيس أركان محور تعز من محاولة استهداف حوثية خلال زيارته التفقدية لأبطال الجيش    تسجيل حالتي وفاة وعشرات الإصابات.. وباء الكوليرا يعاود التفشي في إب وسط تكتم المليشيا    نجم تشيلسي السابق يعتزل كرة القدم    الكشف عن حكم مواجهة إسبانيا وإيطاليا    شاهد..سيئون: إبداعٌ من ورق الشجر... لوحاتٌ فنيةٌ تُزهرُ ابتسامةً على وجوه العابرين!    مكتب التربية والتعليم بعدن ينعي رحيل عمار جلال    الشلفي يؤكد وجود "ثمن" مقابل فتح الحوثي لطريق القصر الحوبان بتعز    17 شهيدا جراء غارات الاحتلال على غزة والأمم المتحدة تصف الوضع بالجحيم    ايقاف مدافع اسكتلندا مبارتين في اليورو بعد طرده ضد المانيا    عالمية.. موانئ عدن الثلاثة    انتقاما لمقتل أحد أبنائهم.. مسلحون قبليون في ذمار يوجهون ضربة للمليشيات الحوثية    البعداني: قرعة غرب اسيا للشباب متوازنة .. واليمن سيلعب للفوز    ماس كهربائي ينهي حياة طفلين ويحول فرحة العيد إلى مأساة    مأرب.. مايطلبه المتضامنون!!    انهيار كارثي.. السعر الجديد للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني    اليمنيون يتخذون من السدود المائية والمسطحات الخضراء أماكن لقضاء إجازة العيد (صور)    تكتم حوثي عن إنتشار الكوليرا في صنعاء وسط تحذيرات طبية للمواطنين    حزب الإصلاح يرهن مصير الأسرى اليمنيين بمصير أحد قيادييه    بندقية مقراط لا تطلق النار إلا على الإنتقالي    المودعون في صنعاء يواجهون صعوبات في سحب أموالهم من البنوك    فرنسا تتغلب على النمسا وسلوفاكيا تفجر مفاجاة بفوزها على بلجيكا في يورو 2024    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الخامسة)    كيف تمكن الحوثيون من تأسيس شركات عملاقة في الصين؟ دول عربية ساندتهم «بينها الإمارات»    ثور هائج يثير الرعب والهلع في شوارع الرياض.. وهذا ما فعله بسيارة أحد المارة (فيديو)    بيان صادر عن قيادة أمن محافظة أبين حول قطع الطريق واختطاف الجعدني    شخصيات جعارية لا تنسى    طيران بلا أجنحة .. إلى من لا عيد له..! عالم مؤلم "مصحح"    باحث سياسي يكشف امر صادم عن المبعوث الدولي لليمن    عد أزمته الصحية الأخيرة...شاهد.. أول ظهور للفنان عبدالله الرويشد ب    اقتصاد الحوثيين على حافة الهاوية وشبح ثورة شعبية تلوح في الأفق    الفريق السامعي يؤدي شعائر عيد الاضحى في مسقط راسه    الحوثي..طعنة في خاصرة الجوار !!    الانتصار للقضايا العادلة لم يكن من خيارات المؤتمر الشعبي والمنافقين برئاسة "رشاد العليمي"    (تَحَدٍّ صارخ للقائلين بالنسخ في القرآن)    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول تحتفل اليوم بأول أيام عيد الأضحى    ضيوف الرحمن يستقرون في "منى" في أول أيام التشريق لرمي الجمرات    مارادونا وبيليه.. أساطير محذوفة من تاريخ كوبا أمريكا    ظاهرة تتكرر كل عام، نازحو اليمن يغادرون عدن إلى مناطقهم    صحيفة بريطانية: الحسابات الإيرانية أجهضت الوساطة العمانية بشأن البحر الأحمر    حرارة عدن اللافحة.. وحكاية الاهتمام بالمتنفسات و "بستان الكمسري بيننا يشهد".    أفضل وقت لنحر الأضحية والضوابط الشرعية في الذبح    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين الوادعي يكتب: سيلفي مع الرأس المقطوع.. الوقوع في فخ النكروفيليا
نشر في عدن الغد يوم 03 - 10 - 2015

الافتتان بالموت ظاهرة ملفتة للنظر في الثقافة العربية الاسلامية. "أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة"...
هكذا قال خالد بن الوليد مهددا والي الحيرة بعد أن حاصرها بجيشه. ثم لما انتهي منها وأنتقل إلى المدائن عارضا عليهم الإسلام أو الاستسلام، كرر نفس التهديد: "فو الذي لا إله إلا هو لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة".
في اليمن اليوم نجد ذروة الافتتان بالموت عند جماعتين تحملان العداء تجاه بعضهما: القاعدة والحوثيون.
لا تحتاج لمجهود كبير لتلاحظ "الافتتان بالموت" في الثقافة الحوثية. الموت هو جوهر شعارها الرئيسي الذي يرددونه عشرات المرات يوميا: "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل".
في محافظة صعده، معقل الحوثيين، كانت جدران البيوت مزدحمة بشعارات تمجيد الموت و"الشهادة". الشهادة هي السلعة الاستهلاكية الأبرز ترويجا وبيعا تحت حكم هذه الجماعة الدينية. وأبرز مفاخر الحوثيين كانت المقابر الضخمة التي انتشرت في كل مديرية تحت اسم "رياض الشهداء".
كما أن أكبر احتفاليات الحوثيين مرتبطة بالموت: اليوم السنوي للشهيد، ذكرى كربلاء، مقتل الإمام علي، و"يوم الشهيد السنوي" الذي يحتل عندهم نفس مكانة "عيد العمال" في الأنظمة القائمة على الانتاج. فإذا كانت مجتمعات الإنتاج تبنى بسواعد المواطنين وعرقهم فإن البلدان في ثقافة الموت تبنى بدماءالشهداء.
في شارع الخمسين بصنعاء تنتصب لوحة إعلانية تحمل صورة للمؤسس "حسين الحوثي" وتحتها عبارة يفتخر فيها أنه جعل أتباعه يعشقون الموت. وعلى بعد أمتار من اللوحة محلات وعيادات وشركات وملاهي جميعها أصبحت مغلقة أو مدمرة بسبب الحرب كأنها تستجيب لنداء الموت المجاور.
تخوض القاعدة والحوثيون حربا ضد بعضهما في أكثر من جبهة. والوسيلة الأبرز لكل منهما واحدة: تمجيد الموت والشهادة.
في مارس 2015 فجر انتحاريان منتميان للقاعدة مسجدي "بدر" و"الحشوش" التابعين للحركة الحوثية. كنت أشاهد خبر التفجيرين في قناة المسيرة. كان الخبر مكتوبا وفي الخلفية تدور أنشودة تشجع الشباب على "الاستشهاد" والموت في سبيل القضية، مع لقطات متعددة لمقابر "الشهداء"، تتقاطع مع وجوه مبتسمه لشباب يضعون شعار "أنصار الله" علي جباههم ويقفون وسط المقابر وعلى وجوهم السعادة والاستبشار في انتظار الموت!
تخيلت في الناحية الأخرى وجهي الشابين الانتحاريين الذين فجرا نفسيهما في أوساط المصلين. ولا شك أنهما أيضا سمعا من الجهة المقابلة عشرات الأناشيد عن الشهادة والموت وشاهدا على "اليوتيوب" عشرات الوجوه المبتسمة "للشهداء" الذي ماتوا في هجمات انتحارية أخري.
ثقافتان للموت تتصارعان علي نفس النتيجة!
ثقافة تنتزع شبابنا من دورهم في الحياة والإنتاج وتغسل أدمغتهم وتقنعهم أن الموت هو أسمي الغايات وأن غاية المني أن تحصل على قبر صغير تعلوه بضع كلمات تتحدث عن الشهادة.
حلت أناشيد الموت والشهادة محل أناشيد الوطن والحب والإنتاج. صارت تطارد الشباب في كل مكان وتحولهم إلى قنابل موقوته أو مشاريع انتحاريين.
يفتخر الحوثيون بتفجير المنازل ويحرصون على توثيق لحظات التفجير بالفيديو على صيحات "الصرخة". بينما تحرص القاعدة في اليمن على التقاط سيلفي مع الرؤوس المقطوعة للجنود اليمنيين الذين تم ذبحهم في حضرموت وشبوة.
يسقط المجتمع اليمني تدريجيا في فخ "النكروفيليا".
والنكروفيليا انحراف نفسي يعاني فيه المصاب من محبة الموتى والجثث والأشياء المتفسخة. لكن عالم النفس الشهير "اريك فروم" وسع مفهومه ليصبح مصطلحا يعبر عن الشعور بانجذاب عاطفي تجاه كل ما هو ميت، ومتفسخ وتحويل ما هو حي إلى غير حي، وبالتدمير من أجل التدمير".
ترى الشخصية النكروفيلية بأن السبيل الوحيد لحل أية مشكلة أو صراع هو بالقوة والعنف، دون أن يكون الأمر متطلبا لذلك، قد تتحول النكروفيليا لحالة جماعية يتم فيها تدمير كل الطاقات الحية في الإنسان وتحويلة إلى جثة متحركة.
كانت الفاشية والنازية هما الانحراف النيكروفيلي للضمير الأوربي في أوربا الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين. تحت شعار" يحيا الموت" قتل 50 مليون إنسان ودمرت بلدان بأكملها.
لكن الانحراف النيكرفيلي العربي اليوم يكتسي وجها دينيا طائفيا. هذا لا يعني أن الجانب الديني هو المحفز الوحيد لثقافة الموت العربية. فالبيئة العربية بيئة محفزة على النيكروفلية والافتتان بالموت. وهذا أمر طبيعي في أي بيئة ثقافية معادية للإبداع والتجديد ومتعلقة بالماضي.
تتفنن الجماعات الدينية الجهادية في صور الموت وطرقه. من الحرق إلى الذبح إلى إطلاق قذائف الآر بي جي. ويصل الاستعراض النيكروفيلي ذروته حين يقوم أحد "أشبال الخلافة" بذبح ضابط سوري في تدمر ويتناقل اليمنيون صور طفل من محافظة لحج الجنوبية يقوم بذبح أحد الجنود المقيدين إلى الأرض. ها هي ثقافة الموت تنتقل للجيل القادم وتحول الطفل الى قاتل لا تطرف له عين يلتقط سيلفي مع الرأس المقطوع.
ظاهرة "السيلفي مع الرأس المقطوع" هي ذروة الافتتان بالموت وعشق الجثث. فإذا كانت وظيفة السيلفي توثيق لحظات الفرح والمتعة والإنجاز، فإنها في ثقافات الموت تتحول إلى النقيض تماما. إلى توثيق لحظات الدمار والقتل وإنهاء الحياة.
بعد ستة أشهر من الحرب وسقوط آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى، خرج زعيم جماعة الحوثيين ليخطب مطالبا اليمنيين بالمزيد من "التضحيات". المزيد من التضحيات في هذا الخطاب تعني المزيد من الجثث والموتى.
بعد ذلك بيوم واحد فقط فجر انتحاريان منتميان لداعش مسجدا في العاصمة صنعاء في اليوم الأول لعيد الأضحى، مضيفين جثثا جديدة وإنجازا جديدا إلى ثقافة الموت والدمار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.