وسط بلدة صغيرة تقع إلى الشمال من مدينة عدن وتعرف بالفيوش دوت ظهر يوم الأحد اعيرة نارية لتشق صمت البلدة الصغيرة ذات الغالبية الكبرى من المتدينين . كان لحظتها مسلحون يستقلون سيارة صالون حمراء يطلقون النار على رجل الدين البارز في البلدة "عبدالرحمن العدني" والمشهور بالعدني . تعالت الصرخات لاحقا واندفع عدد من الأشخاص لإسعاف الرجل في حين انطلق آخرين على أمل اللحاق بالسيارة التي اطلقت النار . مثلت واقعة اغتيال الشيخ عبدالرحمن العدني تحولا كبيرا وخطيرا في مسار عمليات الاغتيالات التي حصدت خلال 3 أشهر فقط اضعاف مأتم اغتياله على مدى اربع سنوات مضت . عرف "العدني" بأنه احد ابرز اقطاب الحركة السلفية في محافظاتالجنوب واسس مركزه الديني الذي عرف لاحقا بدار الحديث لينضم إليه الآلاف من المتدينين . تميزت جماعة "العدني" بأنها حاولت النأي بنفسها لسنوات عن الصراعات السياسية والمذهبية التي اجتاحت اليمن مؤخرا . واتخذ الرجل موقفا وسطيا في مقابلة كل الأطراف السياسية المتصارعة ومع دخول القوات الموالية للحوثيين وصالح التحق العشرات من أتباع المركز بالجبهات وقاتلوا وبرزت قيادات سلفية في الجبهة كانت لسنوات طلاب علم داخل المركز الديني . منذ ال 17 من يوليو 2015 وهو تاريخ تحرير مدينة عدن نفذت عشرات عمليات الاغتيالات التي طالت في احيان كثيرة شخصيات أمنية وعسكرية لكنها في واقعة اغتيال "العدني" كانت المرة الأولى التي تطال فيها عمليات الاغتيال شخصية دينية بحجم "العدني". يتقف متابعون على ان عملية اغتيال "العدني" ربما تعكس تحولا كبيرا وخطيرا في خارطة الاغتيالات التي تشهدها محافظاتجنوبية عدة منذ أشهر . تعكس هذه الواقعة ان جميع الخطوط الحمراء التي وضعت كأساس للصراع السياسي والعسكري لسنوات مضت بات مباحا . قال مقربون من العدني وعقب ساعات من اغتياله أنهم تمكنوا من اعتقال الخلية التي نفذت عملية الاغتيال عقب مطاردة السيارة التي اطلقت النار وانقلابها بالقرب من مدينة الحوطة بلحج . وضعت عملية القبض تحولا جديدا في مسار ما بعد أحداث عمليات الاغتيالات المتكررة والمتشابهة في محافظاتالجنوب . كانت عملية إلقاء القبض على قتلة العدني احد ابرز الأحداث التي سجلت في وقائع الاغتيالات لكن القطاع المجتمعي لا يزال في انتظار الكشف عن هوية القاتلين ووضع النقاط على الحروف الأمر الذي من شأنه ان يوضح جزء من حقيقة العشرات من قضايا الاغتيالات الغامضة . برزت عمليات الاغتيالات في جنوباليمن والتي استهدفت مسئولين حكوميين أواخر العام 1992 حينما نفذت وحدات اغتيال خاصة اتهم نظام الرئيس اليمني السابق علي صالح بالوقوف وراءها عمليات اغتيال طالت مسئولين حكوميين جنوبيين . حصدت الاغتيالات يومها عدد من المسئولين واقاربهم وقتل في من قتل مقربون من الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض . اتهمت السلطات الجنوبية يومها نظام صالح بالوقوف وراء هذه الاغتيالات وقالت انه استخدم عناصر متشددة عادت لتوها يومها من "افغانستان". مع انتهاء الحرب في العام 1994 توقفت عمليات الاغتيالات لسنوات طويلة قبل ان تعاود الظهور مجددا في العام 2007 . سجلت عدد من المدن وقائع اغتيالات لمسئولين امنيين وعاملين في الجهاز الامني والعسكري ومع مرور السنوات توسعت عمليات الاغتيالات التي تبناها تنظيم القاعدة في اليمن والذي اشتدت قوته لاحقا . وتوسعت عمليات الاغتيالات والهجمات التي استهدفت ثكنات الجيش خلال الاعوام مابين 2008 وحتى 2011 . أواخر العام 2015 وبدايات 2016 عادت عمليات الاغتيالات إلى الواجهة في عدنومحافظاتجنوبية أخرى وتعددت الأطراف التي تبنت هذه العمليات وساد الغموض حيال عشرات أعمال الاغتيالات هذه . أعلنت الحكومة الشرعية التي يقودها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ان الحوثيين ونظام صالح يقفون خلف عمليات الاغتيال هذه لكن هذه السلطات فشلت في اعتقال ايا من منفذي هذه الهجمات . يرى الكثير من المراقبين ان عمليات الاغتيالات مؤخرا ربما تكون مرتبطة ارتباط رئيسي وكبير بالاضطرابات الحاصلة في اليمن عموما وتوسع عمليات المعارك وتعدد اللاعبين السياسيين على الساحة اليمنية . ويؤكد محللون ان كل الأطراف تحاول ارباك الأطراف المناهضة لها الأمر الذي جعل من عمليات الاغتيالات والتفجيرات "عشوائية" وغير منظمة وربما تقود إلى فوضى كبيرة خلال الأشهر القادمة .