في أعقاب استهداف كنيستين في مصر٬ انشغل نشطاء ووسائل إعلام مصرية بخطورة وعدم جدوى استضافة عدد من القنوات الفضائية أفراداً من أسر مرتكبي التفجيرين. واتهم بعضهم القنوات ب «الجهل والحماقة». السؤال الذي طرح هو: هل بكاء الناس المتحلقين حول الشاشات كان حزناً على الضحايا٬ أم تعاطفاً مع الإرهابيين؟ بل إن بعضهم اعتبر بكاء زوجة أحد الإرهابيين على الشاشة ووصفها زوجها بانه «مشهود له بحسن الخلق٬«٬ هما محاولة لتبرئة ساحته وخلق حال من التعاطف معه٬ ورأى آخرون أن استضافة أسر الإرهابيين يشكل ظلماً لهم قد يزجهم في جرائم لا ذنب لهم فيها. المقابلات مع أسر الإرهابيين ليست دفاعاً عن الإرهاب والإرهابي٬ ولا تشكل ظلماً لأسرته. من الصعب مجرد التكهن بأن إجراء مقابلات مع أسرة الإرهابي تخلق تعاطفاً معه أو تسوغ فعله للناس٬ فضلاً عن أن من واجب الأسرة أن تظهر للعلن وتكشف ملامح ابنها الاجتماعية ُمشاهد لا يرفض هذه الحوارات٬ أو القصص الإخبارية٬ ويعتبرها جزءاً من دور الإعلام في معرفة كيف يفكر أقارب الإرهابي٬ وما هي الظروف الأسرية التي نشأ فيها. لهذا٬ فإن الدعوة إلى وضع قيود على هذا التوجه الإعلامي٬ واعتباره من بين الصلاحيات الاستثنائية التي يمنحها نظام الطوارئ للسلطات الإدارية٬ هو مس بحقوق الناس في معرفة ما يجري٬ وتقييد لحرية الإعلام والصحافة. أخطر أنواع الوهم القول إن هناك حقيقة واحدة. والناس حين تسعى إلى تهدئة قلقها وفهم ما يجري٬ فإنها تبحث عن مزيد من المعلومات. والحوار مع أهالي الإرهابيين ونقل أدق التفاصيل في حياتهم يفضيان إلى الفهم والطمأنينة٬ ولهما تأثير إيجابي في مواجهة الإرهاب ولجمه٬ وتوعية المجتمع في فهم هذا العالم الغامض٬ فضلا عن أن وضع قيود على استضافة أسر الإرهابيين بدعوى اختلاف المعايير الموضوعية والمهنية في إعلامنا عن نظيرتها في الإعلام الغربي٬ لم يعد قائماً٬ لان فضاء الإعلام بات لا يسمح بتطبيق معايير إخبارية لكل منطقة٬ و في هذه القضية تحديداً. والمطالبة بفرض قيود مهنية تبدو مثالية في نظر البعض٬ وصاية على حرية الإعلام وحق الناس في المعرفة. لا شك في أن عدم إجراء حوارات مع أسر الإرهابيين٬ هو تكريس للغموض الذي يحمي ظاهرة الإرهاب٬ وفرض لصورة غير حقيقة عن شعوب ودول٬ ووصاية على حرية تدفق المعلومات. الأكيد أن تعامل الإعلام مع قضايا الإرهاب من زاوية أمنية وقضائية ضيقة٬ هو انحراف في الدور التقليدي للإعلام٬ وتصرف غير مهني في أحسن الأحوال٬ وخطأ قاتل في أسوأها. نقلاً عن الحياة