شرق اوسط امريكا الجديد مهدد بالانهيار وعلى موعد مع مواجهة دولية حاسمة يبدو انها وشيكة لامحالة.. وبكل المقاييس السياسية المضطربة والمعطيات الواقعية الراهنة والمتغيرات الجيوسياسية المتطورة والتي باتت اكثر وضوحا في الشرق الاوسط الخارج عن السيطرة الامريكية الكاملة والذي يشهد صراع روسي امريكي يختلف كثيرا عن فترة الصراع بعيد الحرب العالمية الثانية وفترة الحرب الباردة ومابعد فتره التفكك السوفييتي.. وتوازيا مع كل ذلك تبرز مؤشرات بداية انحسار المشروع الامريكي الرامي الى تقسيم سوريا على غرار التقسيم في العراق يتصاعد اكثر المضي المتسارع صعودا لحائط الصد الروسي على يد الروس الجدد وحلفائهم في الجنوباللبنانيودمشق وبغداد وطهران وانقرة والتي يبدو انها أدركت ان مصالحها ليست مع واشنطن ولو تخلت عن تحالفها معها مؤقتا عقب تدخلها القوي ضد المعارضة الكردية في عفرين وحصولها على منظومة الدفاع الروسية المتطورة إس400! واشنطن تدرك مخاطر حيز الفراغ الذي استثمرته موسكو منذ الخروج الامريكي من العراق..وتدرك ايضا الثمن الذي ترتب على هكذا فراغ مثل للروس فرصة سانحة لتقوية النفوذ والتدخل في اكثر من ملف شائك مع واشنطن.. وموسكو تدرك اكثر من اي وقت انها قادرة على المواجهة ولأول مرة بعد الحرب الباردة ومرحلة سقوط وضعف الاتحادي السوفييتي في تسعينيات القرن المنصرم.. غير ان تل ابيب تمضي الى ماهو ابعد من ذلك وان كان البرنامج النووي الإيراني محور هاجس الخوف الاول والذي يجعلها دائما ماتدفع بحلفائها الامريكان والأوروبيين الى التراجع عن الاتفاق النووي مع طهران..وتهديدات واشنطن في الآونة الاخيرة لاتكاد تتوقف في توجيه ضربة عسكرية ضد ايران في أي وقت! ولكن هذا لاينهي مخاوف الاسرائيليين والذين باتوا يتوجسون من ماهو اقرب خطرا من ايران ان لم تكن ايران صغرى في جنوبلبنان وهو ومنذ حرب تموز كابوس اسرائيل المروع الا وهو حزب الله اللبناني! ليست خرافة عربية من سفر داحس والغبراء ان أقررنا ان حزب الله هزم إسرائيل قبل اكثر من عشره اعوام..وتل ابيب لن تجرؤوا على شن حرب شاملة واسعة النطاق ضد حزب الله وسوريا متى ماقررت واشنطن ضرب ايران!ولعل ذلك بدئ جليا بعيد اسقاط مضادات سلاح الجو السوري للطائرة الحربية الإسرائيلية المتطورة اف18ردا على قصف أسرآئيل مواقعا عسكرية للجيش السوري في تطور لافت كان وراءه الروس الذين زودوا الجيش السوري بمنظومات صاروخية متطورة كشفت النقاب عنها تصريحات السوريين وحلفائهم بعد ان تيقنت تل ابيب ان الجو السوري لم يعد جوا صالحا للنزهة لمقاتلاتها..ويومها وفي تطور غير متوقع طلبت تل ابيب تدخل موسكو للضغط على حلفائها في دمشق بعدم الرد خشية تدخل حزب الله! وهذه التطورات تضعنا امام متغير هام يدل على ان قواعد الاشتباك في المنطقه قد تغيرت تماما عما كانت عليه طيلة عقود طويلة من الصراع الاسرآئيلي مع العرب.. وبل ان استراتيجية المواجهة القادمة تتجه نحو مانستطيع تسميته بالقدرات العسكرية القادرة على الرد لحلفاء روسيا في سورياولبنانوايران..ويمكن القول ان تل ابيب لن تقدم على ايه خطوة للهجوم ضد اعدائها مالم تنجح في تحييد اطراف حائط الصد الذي تقف خلفه موسكو بقوة.. وبمعنى ادق الاسرائليون إن اقدموا على شن حرب احادية الجانب على حزب الله او سوريا قطعا لن يحلموا في اسوأ احلامهم تقديرا برؤية الايرانيين والروس على الحياد في انتظار نتيجة المعركة.. وهذا لن يحدث لا على المدى المنظور ولا المدى البعيد ويصطدم مع خيارات اعداء امريكا واسرآئيل حتى لو استخدمت اسرآئيل سلاحا نوويا في حربها ضد اي طرف في المحور الروسي والذي حتما سيواجه برد نووي روسي مقابل.. وإسرائيل لم تعد تضمن تحقيق النصر امام حزب الله ولو كانت الحرب حرب كلاسيكية تقليدية وعندها يصبح الحديث عن استخدامها السلاح النووي ليس اكثر من مناورة لجس النبض..بيد ان تل ابيب لايمكن ان تتجاهل تهديدات الروس ولاشك انها تأخذها على محمل من الجد الذي اعتبر اي اعتداء على أي طرف في الحلف العربي السوفييتي الايراني اعتداء على كل محور حلفاء موسكو في المنطقة! ورسائل المواجهة المرتقبة لاتكاد تتوقف بعيد اقالة آخر الممانعين في الادارة الامريكية الرافض لأي تحرك عسكري ضد ايران! وموقف لندن من موسكو على خلفية العميل الروسي بعد طرد الدبلوماسيين الروس يصعد من التوتر المحموم في سياق الحرب المتوقعة قريبا..ولن تكون القوات الامريكية التي دفعت بها واشنطن بذريعة حماية مصالحها المتوخاة للسيطرة على حقول الغاز شرقي الفرات بمأمن من النيران التركية الصديقه اذا تماهت وذهبت تركيا مع روسيا بعيدا على وقع آخر مواقفها مؤخرا وتحذيرها منظومة الحلف الاطلسي من عدم التدخل والتوغل في الحرب الجارية في سوريا! ولكن ان نفذ صبر تل أبيب من واشنطن اذا افترضنا انها نجحت في خطتها الرامية الى تحييد حزب الله وسوريا وقررت الحرب بمفردها ضد ايران!وهذا مايبدوا محالا بحد ذاته بالنسبة للسوريين وحزب الله الاقرب لطهران من موسكو!وعلى الصعيد عينه الروس والايرانيون متوافقون في تحالفهم مع السوريين وحزب الله الى الحد الذي قد تبدو فيه فرصه تل ابيب الوحيدة هي في الذهاب مع واشنطن وحلفائها الى مالا نهاية! و على الجهة الاخرى تعول اسرائيل على حلفاؤها في تصنيفها السياسي الاكثر اعتدالا كما يحلوا لها وصفة بمحور الدولة العربية السنية المعتدلة والتي يبدو انها حسمت خيارها الضاغط والمتوافق مع اسرائيل للضغط على واشنطن ضد ايران ولو على حساب القرار الامريكي الذي اعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل!وطالما وهدف القضاء على ايران وحلفائها في المنطقة يأتي كأولوية قصوى لابد من تحقيقها في اسرع وقت ممكن!ولايمكن بأي حال من الاحوال التكهن بما ستسفر عنه التطورات التي ستشعل فتيل المواجهة بعد عودة الروس الجدد على انقاض اسطوره مجد الجيش الاحمر وقائد روسيا الجديدة يوشك ان يتوج قيصرا للغرب..!!