مؤخراً ، تعالت أصوات الانتقادات الموجهة لإدارة أمن عدن - ممثلة باللواء شلال علي شايع - نظير الأحداث الأمنية الأخيرة ، التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن ، كان آخرها اغتيال دكتورة في جامعة عدن إلى جانب ابنها وحفيدتها في منطقة إنما السكنية مساء الثلاثاء الفائت. واستناداً لهذا فلا ينكر أحد بأن هناك ثمة اختلالات أمنية عاشتها المدينة في الآونة الأخيرة بفعل انعكاس الأحداث السياسية المتوترة بين أقطاب الصراع ، وهذا أمر مسلم به في كل بقاع العالم ، فالرقص على ظهر الشعب هي الوسيلة الأقرب للتعبير عن مدى النصر أو الهزيمة بين الأحزاب والقوى السياسية المتناحرة ، خاصة في مجتمعاتنا العربية ، الغارقة في أنغام الصراعات التي يعزفها أعداء الأمة على وتر المصلحة العامة. لكن في المقابل لانستبعد حدوث هذا الأمر ، خصوصاً في ظل الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد ومحاولة خروجها من عنق زجاجة الحرب ، إضافة إلى الصراع السياسي المنحدم بين أكثر من مكون ، وتبعاته القائمة وفق قاعدة ( جميعنا القاتل وأحدنا هو المذنب ) لإثبات صدق ادعاء كل طرف وإظهار فشل الآخرين ، وهذا بعض مما نراه اليوم وإن بدا للمتابع عكس ذلك. الحقيقة التي لا يمكن دحضها هي أن الأمن في عدن يقوم بدوره على أكمل وجه ، ولا يمكن نكران الإنجازات التي تحققت في عهده ، رغم القصور والإخفاقات التي رافقت عملية تثبيت الأمن في مدينة تعيش أسوأ حالاتها وتعاني من انفلات أمني منقطع النظير ، وهذا لا يجعل الأمن في مرمى الاتهام على كونه المذنب الوحيد ، فهناك عوامل أخرى تغيِّر من سير عقارب المعادلة سنصل إليها حينما نقرأ الوضع بتأني وعقلانية ، وبعيداً عن التعصب الحزبي والمناكفات الإعلامية المقززة. المتابع للأوضاع في عدن ، يرَ أن ثمة معارك تُدار رحاها من خلف الكواليس بين أكثر من طرف ، حروب متعددة تؤول إلى هدف واحد ، هو ظهور إحدى الأطراف متشحاً بالرداء الوطني على ( المسرح ) الذي سيكون في نفس الوقت مقبرةً لفشل البقية وزيف ادعاءاتهم ، وهذا ما نقرأه جلياً في ملامح المدينة أكثر مما نقرأه على صفحات الجرائد ، وهو نفسه المؤشر الذي يقود إلى حقيقة أن الحرب الإعلامية التي تشن ضد (إدارة أمن عدن) هي واحد من أساليب الصراع المفتعل ، والذي يتم توظيفه لمصلحة أجندات معادية ، لا تريد الخير لعدن بقدر ما تريده لها من الشر ، وتحاول جاهدة لإسقاطها في مربع الفوضى والعنف. هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأوضاع الحرجة التي تعيشها المدينة ، من تردِ فاضح في الخدمات العامة ما بين انقطاعات متواصلة للتيار الكهربائي ، وانعدام شبه تام للمشتقات النفطية ، ناهيك عن ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية ، بالإضافة إلى الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ، إلى جانب الانفلات الأمني الذي أثار حفيظة البعض ولم تثيره معاناة الشعب جراء كل ما سبق على الرغم من أولوياتها في الحياة العامة ، وحرياً بالمنتقدين أن يوظفون غيرتهم وحسهم الوطني في سبيل المطالبة بتوفيرها أولاً كونها جزء لا يتجزأ من حياته !. إن من يحاولون اليوم أن يظهروا الأمن في عدن بصورة فاشلة هم أنفسهم من دأبوا في الأمس لتصوير ( الجناة والقتلة ) - الذين وقعوا في قبضته متلبسين بجرائم إرهابية - على أنهم مواطنين أبرياء ، ودعوا للإفراج عنهم فيما لا تزال الدماء التي سُفكت بفعلهم تعلو تراب الأرض ، وكأنها ترفض التلاشي والسقوط إلا بعد أن يؤخذ بثأرها. وهم أنفسهم من جاؤوا لإنقاذ الشعب تحت جلباب الوطنية التي هي منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف ، وتكشفت سوء نواياهم للجميع. هم من أوجعتهم الأحداث الأخيرة التي شهدتها جزيرة ( سقطرى ) وأفشلت مخططاتهم ليذهبوا بالقول أن احتلالاً إماراتياً بدأ بإنزال ترحاله تمهيداً للانقضاض عليها، فيما ذات القوات تعسكر في بعض محافظات الشمال منذ فترة طويلة دون أن يُماط عليها لثام ( التحالف العربي ) المرُّحب به. هم من كانوا خلف العديد من المحاولات التي باءت بالفشل، وتحطمت ترساناتها الخبيثة عند حواجز الحق المبين، فلا تغتروا بما تبثه مطابخهم من إشاعات يسعون من خلالها لتمزيق وحدة الصف الجنوبي وضرب أجزائه ببعضها لتمرير أهدافهم ومخططاتهم اللعينة، ولا تنجروا وراء الحملات المضللة، وكونوا حيث عهدناكم، مع الشعب وفي صف قضيته.