الذي يُلقي نظرة شاملة ويتمعّن حال المواطن اليمني في غمرة الغلاء الطاحن والظروف المعيشية القاسية، وانعدام فرص العمل، وضآلة الدخل، وانفجار البطالة، وتصاعد أسعار السلع والخدمات الضرورية، والدواء.الذي يمعن النظر في كليات هذا المشهد المهيب سيهتدي قلبه للإيمان ويدرك يقيناً أن لهذا الكون مدبراً عظيماً، ورباً بعباده لطيف ودود... أي والله، لأن الذي يتقاضاه أي موظف أو عامل سواء أكان في القطاع العام أو الخاص، أو حتى في قطاعات "النفط و الجامعة والاتصالات والضرائب" في الشهر لا يفي احتياجات أسبوع واحد، وبالتالي يصبح الأمر غير قابل للمقارنة بين الدخل والمنصرف... لذلك أجد نفسي متعاطفاً أحياناً مع الموظف الذي يترك عمله أثناء الدوام الرسمي ويذهب باحثاً عن زيادة الدخل في أسواق دلالات السيارات والاسترزاق من سمسرة بيع الأراضي والعقارات، وتجارة الملابس، وقيادة سيارة الأجرة، فإن لم يفعل، فسيموت مرضاه بسبب عدم القدرة على شراء الدواء، وسيجد أبناءه فاقداً تربوياً، فهل تراه ينتظر دولة رفعت يدها عن كل شيء وأصبحت هي نفسها عبئاً عليه بما تفرضه من جبايات ورسوم متعددة ومتنوعة، دولة تخلّت عن مسؤوليتها تجاه مواطنها... فهل سأل الرئيس نفسه يوماً كيف يعيش هذا المواطن؟ كيف يتلقّى خدماته من الدولة سواء كانت تعليماً لأبنائه، أو علاجاً، أو حصولاً على جرعة ماء أو كهرباء؟ وما هي الأعباء التي ينوء بحملها مقابل كونه يعيش في رقعة أرض في دولة اسمها اليمن هي وطنه؟... الذي يتأمل البرنامج اليومي لحياة المواطن اليمني العادي البسيط جداً وهو المعيار الذي ينطبق على غالبية الشعب اليمني... يجد شخصاً مقهوراً مظلوماً مصدوماً في كل شيء... شخص يخرج من بيته صباحاً يكابد زحمة المواصلات ليصل إلى مكان عمله، إن كان يعمل، ليقبض نهاية الشهر مبلغاً زهيداً يكفي ل"10%" من احتياجاته الشهرية.. قبل بضعة أعوام صدرت دراسة أشارت إلى أن مرتب العامل اليمني يكفي ل" 12%" من احتياجاته، لكن مع تصاعد الأسعار الخرافي والغلاء الطاحن وانفلات السوق يمكن أن نجزم بأن مرتب العاملين والموظفين في القطاعين العام والخاص يكفي لأسبوع واحد في أفضل الحالات، (ذا طبعاً إذا ربنا ستر الفقر ) .. طبعاً بقية الشهر الناس بتمّها "بركة"، والبركة نفسها أنواع منها ما هو بالفتح – أعني فتح الباء والراء والكاف، ومنها ما هو بكسر الباء وتسكين الراء، بِرْكة آسنة تعلوها الطحالب...
سيادة الرئيس .. أقول الذي يتمعن حياة هؤلاء الأغلبية – ملح الأرض - المغلوب على أمرهم يجد أناساً وضعتهم قسوة الظروف، وبؤس السياسات بين رحى الغلاء، ومطرقة الأسعار وسندان الجشع والفوضى..
سيجد أيضاً أناساً مثقلين بالجبايات وكثرة الرسوم، وليتها كانت رسوماً مشروعة ومقننة، رسوماً في بعض الاحيان تفرضها الأمزجة الشخصية لا القانون والمجالس التشريعية...