باكستان تهاجم مستودع صواريخ وقواعد جوية هندية    الترب:مهما كانت التطورات فاليمن لن يغير موقفه من دعم فلسطين    "كذبة ترامب: حين صدّق العالم أن واشنطن تخلّت عن إسرائيل في حربها مع اليمن    العربي المجبور.. المغلوب على أمره    أنشيلوتي يترك ريال مدريد بعد الكلاسيكو    السعودية تعيد هيكلة اللاعبين الأجانب في البطولات المحلية    ألونسو يخلف أنشيلوتي.. وسولاري يظهر أمام الهلال    استشناف الرحلات الى مطار صنعاء خلال اسبوع    شبوة تحذّر العليمي.. "نفط شبوة خط احمر"    لا تمتحنوا صبرهن.. ثورة النساء قادمة    # مفاتيح حقول شبوة    النجاح لا يُقاس بالمنصب، بل بما يُنجز على أرض الواقع    صحيفة: إسرائيل تخطط لتوسيع عملياتها في اليمن واستهداف إيران    اضعاف للشعب اليمني وتدمير لامكانياته البشرية والمادية    اليمنية توضح عن المسافرين العالقين في الأردن    الرسائل التي قدمها اعلام الجماعة في تغطيته لزيارة الفريق السامعي إلى مطار صنعاء الدولي    إسرائيل تتوعد مجددا ب"رد قوي" على الصاروخ الباليستي الذي استهدف مطار بن غوريون    إثر خلافات أسرية.. رجل يقتل شقيقه بمدينة تعز    صلاح يفوز بجائزة لاعب العام في الدوري الإنجليزي لكرة القدم للمرة الثالثة    اختيار بن بريك من قبل العليمي لأجل تمرير صفقة نفط شبوة واعتمار قرارات القاهرة    دراسة : عدد ساعات النوم الصحية يختلف باختلاف البلد والثقافة    لماذا نقيم مراكز تقديم الخدمة للمواطنين ؟    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    وكيل وزارة الخارجية ورئيسة بعثة الصليب الأحمر يطّلعان على الأضرار في مطار صنعاء    وقفة تضامنية في سيئون تستنكر استمرار جرائم الاحتلال الصهيوني على غزة    بمشاركة زعماء العالم .. عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    تصل إلى 100 دولار .. لجنة حكومية تفرض رسوم امتحانات على طلاب الثانوية اليمنيين في مصر    في شوارع الحزن… بين أنين الباعة وصمت الجياع    حتى أنت يا بروتوس..!!    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الجوع في غزة بشكل متسارع    ارتفاع أسعار الذهب قبيل محادثات تجارية مرتقبة بين واشنطن وبكين    تشيلسي إلى نهائى دورى المؤتمر الأوروبي    ناطق الحكومة يوضح جانبا من إنجازات وجهود الحكومة في التصدي للعدوان الأمريكي    واقعة خطيرة.. هجوم مسلح على لاعبي فلامنغو    ليفربول يقدم عرض للتعاقد مع نجم مانشستر سيتي بروين    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    العليمي اشترى القائم بأعمال الشركة اليمنية للإستثمار (وثائق)    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاق الرياض وإعادة ترتيب البيت اليمني
نشر في عدن الغد يوم 26 - 11 - 2019

في مقالنا الأخير بعنوان «اتفاق الرياض لحظة تاريخية للدبلوماسية السعودية»، تناولنا فيه المساعي الخيرة التي بذلتها السعودية للتقريب لمدة شهرين من المفاوضات بين مواقف السلطة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ما أسفر عن توقيع الاتفاق المذكور في يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 من قبل ممثلي الطرفين.
إحدى نقاط الاختلاف الكبير بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي تتمثل في موضوع تمسك الشرعية الدائم بالمرجعيات الثلاث (التي تذكر باللاءات الثلاث لمؤتمر القمة العربية في الخرطوم بعد حرب 1967) والمرجعيات الثلاث للشرعية التي تتمسك بها هي: مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والقرارات ذات الصلة.
ومن الطبيعي والمشروع أيضاً تمسك شرعية الرئيس هادي بمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية؛ لأنها أدت إلى دفع - إن لم نقل إجبار - الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى التخلي عن ولايته الرئاسية، وتنظيم انتخابات جديدة انتخب بموجبها نائبه الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية اليمنية.
وجهة اعتراض الجانب الجنوبي تتمثل في مخرجات الحوار الوطني، التي وإن أقرت ببعض المطالب المشروعة للقضية الجنوبية مقارنة بعهد الرئيس السابق، فإنها برغم محدوديتها لم يقبلها الجانب اليمني عن قناعة. فلم يوقع الحوثيون على مخرجات الحوار، وانتهزوا تحالفهم مع الرئيس السابق وشنوا هجوماً على عدن وبقية مناطق الجنوب، واحتلوها بالقوة، وبذلك كرروا تجربة صالح نفسها في عام 1994، حيث وقَّع على مذكرة التفاهم في الأردن بينه وبين نائبه علي سالم البيض، وبوساطة الملك حسين بن طلال، ليشن بعدها بشهرين الحرب على الجنوب في مايو (أيار) 1994.
وتمثلت حنكة الدبلوماسية السعودية عبر لقاءات ماراثونية مع الجانبين، من قبل الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع، وآل جابر سفير المملكة لدى اليمن، سبقتها مشاورات حثيثة بين الأمير خالد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، أثمرت جميعها التوافق على بنود اتفاق الرياض، بالنص على التزام تحالف دعم الشرعية بالمرجعيات الثلاث التي سبقت الإشارة إليها، وليس بالقول: إن الطرفين التزما بالمرجعيات الثلاث، وهذا مهم جداً، وهو ما لم يحدث في الأردن عند الاتفاق على وثيقة العهد والاتفاق.
والإضافة الجديدة للمرجعيات الثلاث، الإشارة في نص الاتفاق إلى التزام تحالف دعم الشرعية بقرار مجلس الأمن رقم 2216؛ حيث وضع بعدها مباشرة التزامها بمقررات مؤتمر الرياض.
هذا الربط بين القرار الأممي رقم 2216 ومقررات مؤتمر الرياض لم يذكر اعتباطاً، فقد صدر القرار 2216 من مجلس الأمن في 14 أبريل (نيسان) 2015، وأشار إلى ترحيب المجلس «باعتزام مجلس التعاون الخليجي عقد مؤتمر الرياض، بناء على طلب من رئيس اليمن، تشارك فيه كل الأطراف اليمنية من أجل مواصلة دعم عملية الانتقال السياسي في اليمن، وسعياً إلى تكملة ودعم المفاوضات التي تجري بوساطة من الأمم المتحدة».
وفعلاً انعقد مؤتمر الرياض في الفترة من 17 إلى 19 مايو 2015، وشاركت فيه كافة القوى السياسية والاجتماعية الوطنية، وجاء في مقدمته أن فساد رأس نظام الحكم في اليمن منذ أكثر من ثلاثين عاماً أدخلها في صراعات وحروب منذ عام 1994، طالت الجنوب والشمال، مما أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية، وإلى قيام الحراك الجنوبي السلمي في الجنوب 2007، والثورة الشبابية الشعبية السلمية في عام 2011.
ولعل أهم ما جاء من مقررات مؤتمر الرياض، النص الذي كان لي شرف تعديل صياغة مسودته الأصلية في الفقرة 7 من ثانياً، وقبلت بعد نقاش مستفيض ب«التأكيد على ضرورة جدولة معالجة كافة القضايا اليمنية، وخصوصاً معالجات القضية الجنوبية بصفتها القضية المحورية والجوهرية في الحالة اليمنية، وحق الشعب في تقرير مكانته السياسية وفق ما ينص عليه (وهنا مربط الفرس) العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وبما يتوافق مع الحلول والضمانات للقضية الجنوبية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل». ولا داعي هنا لتفسير ذلك ومغزاه، حيث تكفي الإشارة إلى أن الاتفاقيات الدولية تعلو مرتبتها على الاتفاقات الوطنية.
وجاء التأكيد في الفقرة 3 من مؤتمر الرياض 2015 على ما هو متعلق بالملحق الثاني والثالث لإعلان الرياض 2019، حول الترتيبات العسكرية والأمنية، بأن نصت على الشروع في بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية ومهنية، على أن يتم التمثيل في هذه المؤسسات في المرحلة التأسيسية بواقع خمسين في المائة للجنوب، وخمسين في المائة للشمال، على مستوى المراتب القيادية العليا.
والبند الآخر المهم ما جاء في المبادئ في الفقرة 4، الذي نص على الالتزام بإعلان الرياض (وثيقة الرياض) وبالقرار الدولي 2216، واعتبارهما السقف الذي لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات قادمة يمكن أن تتم برعاية الأمم المتحدة.
آسف للإطالة في السرد للنصوص بسبب أهميتها لفهم اتفاق الرياض لعام 2019.
فالملحقان الثاني والثالث اقتصرا على شرح الخطوات الواجب اتباعها من قبل طرفي الاتفاق، الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بعودة تموقع القوات العسكرية والأمنية التي تحركت منذ بداية شهر أغسطس (آب) 2019، فيما سمته بعض أطراف الشرعية ب«الانقلاب» إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة، في خلال 15 يوماً من تاريخ توقيع هذا الاتفاق. ووضع الاتفاق جداول زمنية لتنفيذ ما جاء فيه، يصعب استعراضها هنا في إطار مقال صحافي. وتكفي الإشارة في الجانب السياسي إلى قيام الرئيس هادي بتوجيه كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة للعمل بشكل فوري على تنفيذ اتفاق الرياض وأحكامه، لترجمته على أرض الواقع.
ويتوقع أن يتوجه رئيس وزراء الحكومة الحالية الدكتور معين إلى عدن، متأخراً عما نص عليه اتفاق الرياض، لأسباب لوجيستية، وبدأت وسائل التواصل الاجتماعي تداول أسماء أعضاء التشكيل الحكومي المقبل مناصفة بين الشرعية والانتقالي، على ألا يتعدى عددهم 24 وزيراً، ومن هو الاسم الذي سيعين رئيساً للوزراء من قبل الرئيس هادي.
ووضع الاتفاق شروطاً للتعيينات، بأن يتم اختيار أعضاء الحكومة من المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والخبرة المناسبة، وممن لم ينخرطوا في أي أعمال قتالية أو تحريضية خلال أحداث عدن وأبين وشبوة. ومما قد يترجم ذلك استبعاد عدد لا بأس به من وزراء الشرعية الذين انخرطوا في أحداث أغسطس الماضية، وكذلك من جانب المجلس الانتقالي سيتم استبعاد الشخصيات القيادية فيه التي لعبت دوراً في تفجر الأوضاع في الجنوب.
والشيء الجميل واللافت للنظر، المعايير التي وضعت لتبوؤ عضوية تشكيل الحكومة، من تمتع العضو بالنزاهة، وتلاها معيار الكفاءة والخبرة، وهذا مؤشر مشترك لحراك الجماهير واحتجاجها في كل من لبنان والعراق، المطالبين بوجوه جديدة لم تنغمس في الفساد الذي كان أحد الأسباب التي أدت إلى انفجار الأوضاع في تلك البلاد!
إن اهتمام دبلوماسية المملكة والرئيس هادي بترتيب البيت اليمني من الداخل، سيساعد في حالة نجاحه أمام التحديات الجمة، على أن يفتح اتفاق الرياض «لتفاهمات أوسع»، وفق تصريح ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، بالتوقيع مستقبلاً على اتفاقات أخرى مع بقية أطراف الأزمة اليمنية، وهو ما سنتناوله في مقال آخر، نظهر فيه العلاقة العضوية بين اتفاق الرياض والاتفاقات الأخرى المحتملة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.