في البداية .. لا اعرف أي بداية كانت معك . مقمطتي وانا مولود لها رائحتك دفاتر دروسي القديمة لها لون أظافرك حتى مخدتي الأولى كنت كلما أضع راسي عليها لأنام اسمع ضحكتك فيها واصحو في انتظار العيد ولايأت العيد أو انت تأتِ .. لا اعرف اي بداية بالتحديد كانت معك اول بنطال أنيق ارتديته - وانا مراهق - وقفت يومها امام المرآة احدثك عنه واسالك : عجبك ياحبيبتي ؟ لم تردي علي طبعا .. ومن يومها وانا اُفضل البقاء عاريا في انتظار إعجابك . انتظرتك في كل الأزقة والشوارع وفي محلات بيع الهدايا كلها علني إذا ألقاك سأفجر في حضرتك جملة حُب انتحارية و أموت .. لايهمني ابدا ان اموت طالما وأنك لست معي . إنتظرتك في سلة الباعة الجائلين وأمام صالات السينما وفي عيادة اول طبيب وخز وريدي مرارا ولم ابك إنتظرتك في ملاعب الأطفال كلها وكبرت هناك وانا انتظر انتظرتك في عيون جميع النساء اللواتى كن ينتظرني كل صباح جوار بوابة الجامعة انتظرتك على السلالم المؤدية الى قاعة الدرس انتظرتك جوار باب المسجد ولصق النافورة الواقفة مثل قلبي انتظرتك في الأسواق الشعبية وفي مطاعم البيتزا وفي ميادين التاكس وفي فصول محو الأمية ايضا نتظرتك .. في كل الكتب التي قرأتها في التاريخ و في الإيدلوجيا في كتب السير وفي كتب الطريق في الكتب السماوية كلها انتظرتك وفي كل مناسبة كان يعلن التلفاز فيها بأن هناك بيان هام سيذاع بعد قليل كنت اهرع اليه وأجلس في أنتظارك انت فقط في المكتبات وفي الأكشاك وتحت كل لافتة اعلان مكتوب عليها : ممنوع الإنتظار ، إنتظرتك في الفرح وفي الألم في الحر والبرد والدموع وفي مذياع امي القديم ايضا إنتظرتك ببين النوافذ كلها على الأبواب كلها على الأوراق على الحدود انتظرتك بلا حدود بلا أمل بلا عيون ولا شفاة إنتظرتك حتى في سجلات الأحوال المدنية بين وثائق الوفاة والميلاد أعد بلاد وأهد بلاد لألقاك ولما سألني موظف الإرشيف : عمن أبحث بالضبط ؟ فر إسمك من لساني وعرفت جيدا ان قلبي كان في مهمة لمصافحة الريح وأنني كنت أحاول التلعثم فقط ...!