رحم الله الحاج جدي علي محمد بن هادي بن صالح النحيري، وأنا أكتب ذكرياتي عن شخصيات من الزمن الجميل ، شدتني ذاكرتي نحو شخصية ذلك الرجل الصالح الورع التقي جدي علي محمد بن هادي بن صالح ألف رحمة عليه ، وماكان يتميز به هذا الرجل من سجايا وصفات ، كان رجل مرح ولاتفارق الإبتسامة محياة ، ومحب للأطفال يضحك ويمزح معهم دائما". ولكن أهم ماكان يتميز به الحاج علي هو الصيام والصلاة أي الصيام والقيام، حيث كان رحمة الله مداوم ومهتم أهتمام كبير جدا" بفريضة الصلاة في المسجد مرابط ومجاهدفي بيوت الله إلى جانب نوافل الصلاة في بيته ، وكان رجل أنيق يهتم بنظافته الشخصية، وبنظافة ملبسه ببدلته البيضاء وكوفيته وعمامته البيضاء أيضا" وكان يتطيب بالروائح الزكيه وأتذكر عصاه وسواكه واللذين لازماه طيلة حياته، رجل مهيب وحنون نقي السريرة. كان كثير الصوم، يصوم أشهر رجب وشعبان ورمضان من كل عام ، ويومي الإثنين والخميس من كل أسبوع وست شوال وأيام ذي الحجه ويومي عاشوراء بحق وحقيقه كان رحمة الله عليه قائما" صائما. وتربطني به رحمة الله عليه رابطة أسريه، فهو جدي من جهة الأم أي ان الحاج علي النحيري والد أمي وعشت في بيته سنين عديدة التمست فيها حبه وحنو قلبه الرقيق ، ومعاملته لنا نحن أحفاده بعطف ومحبة ليس لها نظير في أيامنا هذه أبدا". ولد الجد علي بقرية القوز وعاش فيها بداية شبابه ، ثم أنتقل الى عدن طلبا"للرزق ، وعمل في عدن قرابة نصف قرن من الزمن، حارس في البريقاء، وكان الى جانب حراسته يبيع بعض الأشياء البسيطه كالحلويات والزعقاء ليقتل الوقت الرتيب في الحراسة، الى جانب تحسين دخله البسيط. كان الحاج علي وأبناء جيله رجال ذو معدن نفيس يتحلوا بالصبر والقناعة ، ويتحروا الحلال من الحرام في كسبهم وعيشهم أتقياء وأنقياء بفطرة سليمة سويه رحمهم الله رحمة الأبرار. تقاعد الحاج علي رحمه الله في بداية التسعينيات من القرن الماضي وعاد الى بيته في قرية القوز . و هذه الفترة كانت الفترة الذهبيه بالنسبه لي فكنت دائما"ماأذهب إليه وأجلس بجواره وأستمع إليه وهو يسرد لي قصص وحكايات وعبر من أيام الزمن الماضي. وأكثر ماأستهواني في حديث الجد علي القصائد الشعريه وهو يسترسل فيها بكل سلاسة وطلاقة. ورغم إن الحاج علي كان رجل أمي لايقرأ ولايكتب إلا إنه كان موسوعة شعرية، يحفظ آلاف الأبيات من القصائد الشعرية الشعبية الطويلة،كان يتمتع رحمه الله بقوة ذاكرة، وبموهبة في الحفظ قلما تجدها عند غيره اليوم. قصائد شعرية ومساجلات للحاج علي هادي وعلي سليمان في حرب آل منصور وآل زامك، وقصائد الحاج سليمان محمد بن ناصر حسين، وحسن باخرش الحنشي ومنصور عشال الحنشي وبن رامي علي وبن واقس وغيرهم كثير، ولكني للأسف لم أقم بتدوينها ولم أكتبها في حينها ، وندمت ندم كبير على ذلك. وكان الجد علي رحمه الله، دائما" مايسألني على بعض الناس وكم عند فلان من الأولاد وكان يفرح بإن فلان بن فلان عنده أولاد كثير. وفي مرة من المرات وأنا إلى جواره قال لي ياأبني كم أولاد مع فلان? فقلت له ياجد ماشي معه الا سبع عشرة، تسعة رجال وثمان بنات وضحكت، ولكنه غضب مني وضربني بعصاه على ركبتي وقال تضحك عليه الأولاد خير وبركه ودفء لأهلهم عادك صغير وباتعرف قيمتهم يوم باتكبر وباتشيخ. رحم الله جدي علي عاش بقية عمره مابين المسجد والبيت في القوز إلى إن توفاه الله في العام1999.رحل جسدا"وظلت روحه الطاهرة، وذكرياته العاطرة حاضره معي ومع كل أهله ومحبيه. رحم الله الجد علي النحيري وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنه!
بقلم أبو معاذ/أحمد سالم شيخ العلهي. فرعان /موديه. .