نظم المركز العربي لحقوق الانسان ومناهضة الارهاب "آشا" في صنعاء أمس السبت ندوة التعايش السلمي بين المذاهب الدينية باليمن . وناقشت الندوة ثلاث أوراق عمل تحدثت الأولى حول " صراع النفوذ أو البقاء في صعده وأثره في نشوب حرب طائفية" وقدمها الأمين العام المساعد لحزب الرشاد عبد الناصر الخطري.
وأشارت الورقة إلى أن الصراع بين الحوثيين في صعده مر بثلاثة مراحل تمثلت المرحلة الأولى في بداية الثمانينات عند عودة الشيخ/ مقبل الوادعي من السعودية وإنشائه لمركزه العلمي الذي تبنى فيه تعليم المذهب السلفي، هذا ألأمر جعل أئمة الزيدية كالإمام مجد الدين المؤيدي, يشعرون بتمدد المذهب الجديد, وخشية منهم على انقراض المذهب الزيدي بدأوا بتشكيل مجموعات شبابية لتوسيع مذهبهم والتوسع في تعليمه, إلا أن الخلاف في هذه المرحلة لم يتجاوز حدود الاختلاف الفكري ومقارعة الحجة بالحجة ولا يوجد شيء يذكر عن قيام أي صراعات بينهما حينها,
وعزى الباحث عدم وقوع الاشتباكات بين المذهبين في هذه المرحلة إلى وجود أئمة جهابذة كالإمام مجد الدين المؤيدي, والشيخ مقبل الوادعي, الذي شكل وجودهما حلقة توازن بين المذهبين, والمرحلة الثانية تمثلت في حرب الحوثيين مع الدولة واكتفاء السلفيين بالوقوف الحيادي وعدم التدخل مع أي طرف مع بقاء موقفهم من وجوب طاعة ولي الأمر وعدم جواز مواجهته, بالإضافة إلى قيامهم مع جزء من أئمة المذهب الزيدي بالتحذير من خطورة الأفكار الحوثية, أما المرحلة الثالثة من مراحل الصراع بين الحوثيين والسلفيين في صعدة تمثلت بالاشتباكات المسلحة التي نشبت كنتيجة لبعض القضايا الجنائية التي وقعت بين الطرفين. وانتقال الصراع من صراع فكري الى صراع مسلح وذلك بسبب رغبة الحوثيين في تحويل صعدة الى منطقة شيعية خالصة مستغليين الانفلات الامني الذي تمر به البلاد .
من جانبه تحدث المفكر مجيب الحميدي في ورقة عمله التي عنوانها ب تحولات الصراع المذهبي في اليمن في ضوء المتغيرات السياسية تناول في محتواها الى بداية تاريخ الصراع المذهبي في اليمن والذي ارجعه إلى ما بعد العام 1911م كنتيجة للتكتلات التي انشأتها المخابرات البريطانية في المنطقة لمواجهة الدولة العثمانية, والخصوم السياسيين للملكة المتوكلية في اليمن والحكم السعودي في الحجاز, والذي تمثل بالدعم الذي كانت تقدمه الاسرة المالكة السعودية والاستخبارات البريطانية للملكة المتوكلية والقبائل في اليمن. وعزى الاسباب التي ادت الى هذا الصراع إلى أسباب سياسية ومصالح شخصية والدعم الخارجي الذي يتلقاه بعض الاطراف من السفارات الخارجية الايرانية والسعودية والامريكية، بالإضافة الى ان ثلاثية السلاح والفقر والأمية المنتشرة في اليمن تعد عاملاً خطيرا في تجنيد الكثير من أبناء المجتمع كأدوات رخيصة للجماعات المتقاتلة، في مشاريع العنف الطائفي.
وارجع "الحميدي" إلى أن ما يجري باليمن من صراع مذهبي وطائفي باليمن الى عدد من الاسباب نسبها إلى أن الصراع المذهبي في اليمن ليس صراعا فكرياً وإنما هو صراع سياسي يتمثل في قيام بعض الأطراف بلباس السياسة لباس الدين وتجنيد الدين لخدمة مصالحهم, وتجسيد الاشخاص دون المبادئ والافكار, بحجة أن الاختلاف الفكري كان موجوداً بين الأئمة السابقين والذي كان يعد شيئاً في الاختلاف بالأمور الضنية التي يجوز الاختلاف فيها, مع اتفاقهم في الأمور القطعية الدلالة والتي تشكل نسبة 90% من المسائل الدينية، بينما نشكل المسائل المختلف فيها نسبة لا تتجاوز 10%.جاء ذلك في ورقة عمل قدمها أ/محمد يحي عزان والتي اضاف فيه الى ان السعي إلى تقاسم خيرات البلاد على أسس حزبية ومناطقية ومذهبية هو الأمر الذي أشعل فتيل التنافس في استقطاب الناس في الحق والباطل.
هذ وقد خرجت الندوة بالعديد من الحلول والمعالجات منها الاعتراف كل طرف بالآخر، والتعارف فيما بينهم، واصدار القوانين التي تجرم التحريض الطائفي واستعمال أي مواطن لسلطات الدولة بالإضافة إلى انحصار حيازة الاسلحة الثقيلة لدى الدولة فقط وانشاء محاكم محايدة عادلة تتولى البت في القضايا الشائكة بين الطرفين والتي تعتبر السبب المباشر للخلاف. تضافر الجهود كواجب ديني وانساني ووطني في بناء الوطن وترك خيارات السلاح واوهام انشاء الامارات المنفصلة, والوقوف امام التحديات الخطيرة التي خلفتها الانظمة السياسية بروح المسؤولية الدينية والوطنية والانسانية, بدلاً من أن يصبح الجميع بلا وطن.
هذا وقد اثريت الندوة بالعديد الندوة من المداخلات والنقاشات التي كان أبرزها، مداخلة القاضي حمود الهتار , أشار إلى أن الصراع المذهبي لا يوجد له أساس من دين وانما هو عبارة عن صراع سياسي تولد كنتيجة للأوضاع السياسية والبيئة التي يعيش فيها المتصارعون, واليمن ضرب أروع الأمثلة في التعايش السلمي بين المذاهب والاطياف الدينية في اليمن, وخاصة المدينةعدن التي احتضنت العديد من الاديان ولاتزال الكنائس والمعابد شاهدة على هذا التعايش إلى الآن.