طرابلس سبأنت: تقرير/ ليلى مالك يتوجه الليبيون إلى صناديق الاقتراع اليوم الخميس، لانتخاب 60 شخصية ستوكل إليهم مهمة صياغة دستور البلاد، في ظل وضع امني متدهور واجراءات امنية مشددة. وسجل 1.1 مليون ناخب فقط أنفسهم في الكشوف الانتخابية من اجمالي 3.4 مليون لهم حق التصويت بعد تمديد مهلة التسجيل عدة مرات في مقابل 2.7 مليون ناخب سجلوا انفسهم في كشوف الانتخابات في 2012. وتقدم نحو 692 من بينهم 73 امرأة للترشح لشغل 60 مقعدا من بينها ستة مقاعد للمرأة. وتتكون لجنة صياغة الدستور من 60 عضوا، وتوزع مقاعدها بواقع 20 عضوا بالتساوي للأقاليم الثلاثة (طرابلس وفزان وبرقة)، التي كانت سائدة في عهد المملكة الليبية عام 1951 . وكل المرشحين من المستقلين اذ منعت الأحزاب السياسية من طرح مرشحين. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن رئيس المفوضية العليا للانتخابات، نوري العبار، أن مراكز الاقتراع ستفتح أبوابها اعتباراً من الثامنة صباحاً، وحتى السابعة مساءً بالتوقيت المحلي، معتبراً أن الخميس، الذي أعلنته الحكومة عطلة رسمية، هو "يوم من أيام ليبيا التاريخية." ولم ترصد أي مظاهر للحماس للتصويت كتلك التي صاحبت اجراء أول انتخابات حرة في البلاد منذ الاطاحة بنظام القذافي إذ خيم على الأجواء كثير من الإحباط من عدم قدرة الحكومة المؤقتة على حفظ الأمن في البلاد، بحسب وكالة فرانس برس. وكان المؤتمر العام الوطني مدد فترة عمله التي تنتهي في السابع من فبراير للسماح للجنة خاصة لكتابة دستور جديد للبلاد وذلك لتعزيز التحول السياسي للبلاد نحو الديمقراطية. وزاد التهديد الذي أطلقه "ثوار سابقون" بشأن حل المؤتمر الوطني العام، قبل يومين، الضغوط على السلطات الانتقالية لتسريع وتيرة العمل من أجل الخروج من الأزمة السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد منذ الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي في فبراير 2011. وأمام ضغط الشارع، أعلن المؤتمر الوطني، الأحد الماضي، التوصل إلى اتفاق بين الكتل السياسية لإجراء انتخابات مبكرة لتعيين سلطة انتقالية جديدة بانتظار الانتهاء من صياغة الدستور. ولم يحدد المؤتمر الوطني موعدا للاقتراع ويعجز عن التوصل إلى توافق حول طبيعة الانتخابات: برلمانية أو برلمانية ورئاسية معا. ومنذ نهاية يناير الماضي، بدأت حركة احتجاج واسعة ضد قرار المؤتمر العام تمديد ولايته التي كان من المقرر أن تنتهي في السابع من فبراير الجاري. وانتقد كثير من الليبيين المؤتمر الوطني لفشله في تحقيق تقدم منذ انتخب أول مرة في يوليو عام 2012. ودعا رئيس الوزراء الليبي علي زيدان الليلة الماضية الشعب الليبي إلى انتخاب المرشحين للجنة صياغة الدستور، بعيدا عن الاختيار على أسس مناطقية أو قبلية أو لصلة القرابة. وأوضح زيدان، في كلمة وجهها للشعب، عشية انطلاق عملية الاقتراع لانتخاب هيئة الدستور، وقال " غدا الخميس هو موعد الشعب الليبي مع انتخاب هيئة صياغة الدستور، وهي مهمة في غاية الأهمية والخطورة، وبالتالي يجب اختيار المرشح بعد التحري والبحث على إمكانياتهم وقدراتهم ونزاهتهم وخبرتهم السابقة فهي مسألة مهمة (...)، ينبغي توخي الإخلاص والحرص في اختيار من يمثلنا، ولا نختار من أجل منطقة أو من أجل قرابة أو من أجل مصلحة هؤلاء من سينتخبون " . وتابع " المرشحين الذين سيتم انتخابهم، سيجلسون ويجتهدون من أجل صياغة دستور، ويصيغون مواده نصوصا ليقدموها للشعب مجددا لاعتماده في استفتاء بنعم أو لا، وإذا روعي في الدستور كافة المسائل التي تحقق ضمانات الوطن والحقوق الأساسية للمواطن، سيكون الدستور وافي لما نتمناه، ولكن إن لم نكترث بهذا الأمر وتهاوننا في التعامل مع انتخابات لجنة الدستور، ستكون مخرجات الدستور يعتريها الخلل والتخبط، ولنا تجربة الإعلان الدستوري الذي عدل أكثر من مرة والذي كثر انتقاده " . وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات قد اعلنت امس (الأربعاء) عن استكمال كافة الإجراءات الأمنية الخاصة بعملية الاقتراع لانتخاب الهيئة التأسيسية لمشروع صياغة الدستور الدائم في ليبيا . وأوضح رئيس اللجنة التنسيقية لتأمين الانتخابات بالمفوضية العليا للانتخابات عارف الخوجة، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الجنة الوزارية لدعم العملية الانتخابية، " أدعو جميع الشعب الليبي التوجه إلى المراكز الانتخابية دون خوف أو تردد، مع ثقتنا في استعداداتنا بعد استكمال عملية التأمين ، من خلال نشر أكثر من 40 ألف شرطي وعنصر أمن ، وفق خطة انتشار مبرمجة تغطي كافة المراكز الانتخابية " . واضاف الخوجة في رده على سؤال الصحفيين حول الخطط التي اتخذت لتلافي خروقات أمنية، خاصة في المدن المتوترة، قائلا نعم توجد بعض المدن والمناطق التي تشهد تدهورا أمنيا مستمرا، ونتوقع أن تحدث اختراقات أمنية معينة، لكن نؤكد أن كافة عناصر الأمن لمكلفين بعملية التأمين ، متأهبين للتعامل مع أي خرق أمني محتمل " . وكانت مدينتا بنغازي وإجدابيا شرق ليبيا، قد شهدتها تفجير وحرق بعض المراكز الانتخابية من قبل مسلحين مجهولي الهوية، بالتزامن مع عملية انتخاب المؤتمر الوطني العام في السابع من يوليو 2012 . من جهته، أكد وزير الاتصالات الليبي أسامة سيالة ورئيس اللجنة الوزارية لدعم العملية الانتخابية، بأن كافة الاستعدادات والإمكانيات تم رصدها للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، حتى تقوم بأداء مهامها بصورة سلسة دون تأخير . وعن هذه الإمكانيات، أشار سيالة " لقد خصصت وزارة الاتصالات خطوط هاتفية وبرامج اتصالات متعددة للمراكز الانتخابية للتسهيل في عملية الاقتراع، كما وفرت وزارة المواصلات طائرات خاصة لنقل المواد الانتخابية للمناطق النائية والبعيدة " . وتابع " كما قامت وزارة الصحة بتخصيص طائرات الإسعاف الطائر، تحسبا لأي حالات طارئة تتطلب نقلها أثناء توجه الناخبين لاختيار مرشحيهم " . من جانبه، أعلن "المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا" استمرار الاعتصام، والامتناع عن المشاركة في انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، مؤكداً عدم اعترافه بالدستور الذي سينتج عن هذه اللجنة، بحسب ما أوردت الوكالة الليبية. ودعا المجلس المواطنين الأمازيغ إلى الخروج للتظاهر السلمي ضد هذه الانتخابات، والتي اعتبرها "تجاهلت وجودهم في هذا الوطن"، منبهاً إلى أن "الأمازيغ سيستعملون حقهم، الذي تضمنه جميع الشرائع، في تقرير مصيرهم السياسي، بأي شكل كان، يضمن كرامتهم وحقوقهم."