\ تتجه انظار جماعة الحوثي هذه الايام صوب محافظة ذمار وإليها تشير بوصلة تحركاته العسكرية بحثا عن موطئ قدم للجماعة التي تسعى منذ اندلاع ثورة الحادي عشر من فبراير 2011م للتمدد والتواجد في كل المناطق في ربوع الوطن . وجاء هذا الاختيار لمحافظة ذمار لتكون المحطة القادمة لأحداث العنف التي تؤمن بها الجماعة وبه تتواجد في كل المناطق التي دخلتها ومن خلاله تنشر فكرها ، جاء هذا الاختيار لاعتبارات جغرافية واخرى ديمغرافية تتمتع بها المحافظة وتنفرد بها عما سواها من المحافظات إذ تتمتع المحافظة بموقع جغرافي فريد يتوسط عدد من المحافظات ومنه يتم العبور الى اغلبهما فهي البوابة الشمالية للعاصمة صنعاء وعبرها تقودك الطريق نحو محافظة ابوتعز جنوبا وتصلك بالبيضاء والضالع شرقا ،ومنها يتم العبور صوب الحديدة وريمة غربا ،لذه الاسباب مجتمعة سميت مدينة معبر وهي احدى اكبر مدن المحافظة بهذا الاسم بإعتبارها منطقة عبور لكل المحافظات المذكورة آنفا ولهذا العامل الجغرافي المميز ركز الرئيس الراحل ابراهيم الحمدي على جغرافية المحافظة وسعى لتهيئتها لتكون عاصمة دولته الموحدة بعد أن يحقق الوحدة مع نظام الحكم في الشطر الجنوبي بقيادة سالم ربيع علي .. إلا أن يد الغدر والخيانة طالته قبل ان يحقق حلمه المنشود أما العامل الديمغرافي فعرفت محافظة ذمار ومنذ الازل بكون مجتمعها مجتمع متجانس الى حد كبير بين جميع فئاته، في اعرافهم واسلافهم وعاداتهم وتقاليدهم ومستويات تعليميهم ودخلهم ،فضلا عن كون جميع ابناء المحافظة سوى في قبيلة انس او عنس او الحداء تربطهم روابط النسب والدم . ومن الناحية الفكرية فإن محافظة ذمار وقبلها لواء ذمار ومدرستها الشمسية تسمى كرسي الزيدية ،وقاعدة هذا المذهب الذي ينخرط فيه كل ابناءالمحافظات الشمالية ونسبة كبيرة من ابناء الوطن ففيها يدرس منهجه ومنها ابرز أعلامه وفي إطار العامل الديمغرافي ايضا ولكن من كثافتها السكانية ، فتعد محافظة ذمار واحدة من اكثر محافظات الجمهورية كثافة سكانية فهي تحتل المرتبة الثالثة بعد محافظتي تعزواب وفقا لاحصائية التعداد السكاني لعام 2004م وليس من الكياسة والذكاء أن نتجاهل عامل استراتيجي ومهم تتميز به محافظة ذمار عن ما سواها من المحافظات وجعلها محطة انظار وتركيز أي جهة تسعى لمد نفوذها وبسط مشروعها الى ربوع الوطن كجماعة الحوثي المعنية بهذه القراءة . وهذا العامل هو العامل العسكري والامني ..إذ اثبتت احصائيات غير رسمية نشرت مؤخرا ان ما يقرب ثلث منسبي المؤسستين الامنية والعسكرية للجمهورية اليمنية من القادة و الضباط والصف والجنود ينحدرون الى هذه المحافظة وتحديدا الى قبيلة آنس احدى اكبر قبائلها .. الامر الذي يجعل من كسب المحافظة الى صف أي جهة او جماعة مكسبا عسكريا من شأنه تحقيق اهدافها وبسط نفوذها في كل ربوع الوطن في اسرع وقت وبأقل التكاليف. وانطلاقا من كل تلك الاعتبارات فقد ركزت جماعة الحوثي على محافظة ذمار وحولت انظارها ناحيتها ففجرت في مديرية ضوران حربها على المنطقة في خطوة عرف عن الجماعة انها تقدم عليها قبل سيطرتها على أي منطقة من المناطق التي مدت اليها نفوذها ففعلت ذلك في مديرية مران بمحافظة صعدة في عام 2004 م مع اولى حروبها خاضتها الجماعة مع الدولة لتسقط هذه المديرية بعد هذا الحرب ،وتوالت سقوط باقي مديريات محافظة صعدة بتوالي الحروب التي خاضتها حتى استكملت سيطرتها على كل محافظة صعدة نهاية العام 2010م بنهاية الحرب السادسة التي جرت بين الدولة والجماعة ،وهجرت منها كل من يخالفها في الرأي كما فعلت مع يهود بني سالم ومؤخرا مع اهالي دماج من السلفيين . وعقب انتفاضة العام 2011م التي اطاحت بنظام علي صالح من الحكم استغلت الجماعة الازمة التي شهدتها البلاد خلال الثلاثة الاعوام الماضية وما عاشته من ظرف امني وأخر اقتصادي صعب خلال الفترة ذاتها، فعملت على مد نفوذها بقوة سلاح وشنت عدوانها على محافظة الجوف في محاولة منها لإسقاطها بيده وضمها الى محافظة صعدة التي تسيطر عليها فنجحت في ان إيجاد موطئ قدم لها فيها ، لكنها فشلت في السيطرة عليها كاملة. ثم شنت عدوانها على مديريات في محافظة حجة واخضعت مناطق واسعة فيها تحت سيطرتها ،ضمنت بها تواجدها في المحافظة . وتوالت الحروب التي شنتها جماعة الحوثي على مناطق عديدة في عدد من المحافظات الشمالية الواقعة مع محافظة صعدة في اقليم واحد وذلك بغرض السيطرة عليها فشنت خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة فقط حربا على منطقة دماج وهي اخر المناطق التي سقطت في يد الجماعة بمحافظة صعدة بعد مقاومة شديدة مع السلفيين الذي يقطنون المنطقة استمرت لأشهر ،فاستكملت الجماعة بسقوط دماج بأيديها وتهجير ساكنيها السيطرة التامة على صعدة بجميع مديرياتها ومناطقها واستحوذت على كيان الدولة فيها بكل مؤسساتها. وسعت الجماعة لتطبيق تجربتها في صعدة مع باقي المحافظات التي تتواجد في إطار اقليمها فشنت حروبا متعددة في منطقة حاشد معقل شيخ شيوخ اليمن الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر ،واسقطتها بيدها ،وواصلت عدوانها على ارحب فهمدان ثم عمران. وها هي جماعة الحوثي في اخر معاركها تتجه صوب محافظة ذمار باستحداث جبهة سمح بمديرية ضوران انطلاقا من كل تلك الاعتبارات والمميزات السالفة ذكرها بالاضافة الى ان محافظة ذمار هي المحافظة الاخيرة من محافظات اقليم ازال التي لم تسقط بعد بيد الجماعة وهي بمثابة الحلقة الاخيرة لجماعة الحوثي اللازمة لاعلان اقليمها الخاص على اساس سلالي لكون اغلب فئة الهاشميين من ابناء المحافظة ،وعلى اساس مذهبي باعتبار ذمار هي كرسي الزيدية كما يقال وتتغنى جماعة الحوثي بأنها الحامية الوحيدة لهذا المذهب من الاندثار.