ما من مرة راهن الأخ الرئيس على الحوار، إلا وكسب الجولة، وانتصر للوطن.. لهذا نحن نراهن على بقاء الرئيس بالحكم لنكسب الحوار والوطن معاً ويخرج الجميع منتصراً توقيع الأحزاب اليمنية بمختلف أطيافها على اتفاق ضمان نزاهة الانتخابات الذي جرى إبرامه أمس ما كان ليأتي لولا مهارة الأخ الرئيس/علي عبدالله صالح في إقناع الأطراف المختلفة بجدوى الحوار، وأهميته في تحقيق السلام والاستقرار وتنمية الحياة اليمنية. اليوم أقف مندهشاً ليس لما تضمنه الاتفاق من صياغات توفيقية، وعهود، والتزامات وطنية، فإن مثل هذا لابد ان يكون ثمرة أي حوار مبني على استحقاقات وطنية لكن ما يدهشني هو روعة الرئيس/علي عبدالله صالح في الرهان على الحوار في تعزيز وحدة الساحة الوطنية، وكلما تشابكت القضايا، وتعقدت الأمور وظن كل منا ان ما بعد الأزمة إلا الانفجار فيما هو وحده الواثق ان ما يأتي انفراج وليس انفجاراً. من يتأمل بسير الأحداث لا أظنه إلا ويستذكر أهم محطة في مستهل عهد الرئيس/علي عبدالله صالح، والتي عرفت بحقبة الحوار الوطني.. ففي تلك الفترة كانت اليمن على حافة هاوية سحيقة تنذر باحتراق يلتهم كل أهداف الثورة، واحلام أبنائها ويعيد اليمن إلى حلبات القرون الوسطى.. ولعل حجم الخلاف بين الأطياف السياسية الوطنية بلغ منحى من اللا تلاقٍ الذي لايدوي املاً، أو يشجع مغواراً على رهان سياسي لذلك اشفق الجميع من السلطة ولما قبل الرئيس/علي عبدالله صالح الترشيح للرئاسة «17» يوليو 1978م كانت دهشة الجميع يترجمها التساؤل : ياترى ما الذي عند هذا الشاب ليقبل بهذه «البضاعة» البائرة.. فلاهو شيخ قبيلة، ولا صاحب مال يشتري به الولاء، ولا حتى حزب يحمي ظهره، وليس معه غير تاريخه النضالي وقيمه الوطنية التي لايتخيل احد انها تحسم صراعاً مسلحاً !! كان التساؤل في حينه منطقياً جداً، لأنه لم يكن أحد قد اكتشف أن الرئيس/صالح قدم إلى السلطة وهو يراهن على ثقة عالية بحب شعبه للسلام، وعلى حكمة يمانية ظلت حاضرة على مدى التاريخ تلهم الأجيال بعد الاجيال بأن كل الخلافات تتعقد عندما يتغيب عنها منطق الحوار وعندما لاتحكمها الشفافية، وتتقدمها مصالح الوطن. الرئيس/علي عبدالله صالح دعا في الخامس من يونيو 1980م مختلف القوى الوطنية إلى الحوار فكان ان التقت مختلف القوى على طاولة الحوار، وبلورت اتجاهات فكرية لإجماع الأمة اليمنية ضمن ما سمي ب«الميثاق الوطني» .. وبالتالي كانت النتيجة ان القى المسلحون سلاحهم، وتخلى المتعصبون عن أفكارهم المتشددة، وتوحد الجميع على إرادة الوطن، وعزيمة البناء والتنمية. لا أحد بيننا يعرف حتى الآن كيف يصنع الرئيس إرادة الحوار، إلا أنني قرأت في مذكرات الشيخ/سنان أبو لحوم وصفه للرئيس بأنه «أمهر الناس في اليمن على اقناع الآخرين ومحاورتهم» كما ان الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب قال قبل أسابيع معلقاً على الأزمة السياسية المرافقة للحمى الانتخابية :إن «الأمور سيحسمها العقلاء وفي مقدمتهم الرئيس/علي عبدالله صالح». ومع ان ما يحدث الآن يغني عن كل شهادة لأنه جزء من واقع نعيشه إلا أنه من جهة أخرى يفسر ذلك الإصرار الجماهيري على إعادة ترشيح الرئيس لولاية رئاسية ثانية.. ذلك لان روعة الرئيس الاقدر؟؟ في صنع السلام وترسيخ استقرار الوطن تفوق كل شيء آخر يقال في أروقة الجدل السياسي التعددي.