اليوم.. وقعت عيناي على مذكرات موجهة إلى إدارات محلية وإلى فروع تنفيذية في مديريات من مديريات المحافظة حول ارتكابهم مخالفات إدارية وقانونية صارخة.. ويا ليت مخالفة، أو مخالفتين لكنها مخالفات.. أي من ثلاث مخالفات فما فوق على الجهة الواحدة.. نذكر من هذه المخالفات على سبيل المثال: 1- تحصيل رسوم وضرائب غير قانونية 2- طبع مستندات تحصيل غير قانونية بديلة لدفاتر المالية رقم «50» 3- إصدار أختام لختم سندات التحصيل كبديل لختم المالية 4- إصدار تكاليف للتحصيل لأفراد غير موظفين رسميين 5- تحصيل رسوم مكررة بعد أن تكون قد حُصّلت في المديريات المستحقة لها 6- المماطلة والتمنع عن توريد مبالغ بعدة ملايين.. حُصّلت ولم تورد. مثل هذه الاختراقات والمخالفات تعد انتهاكا فاضحاً وصارخاً للقوانين والنظم، وضرباً من الفوضى الإدارية والمالية والوظيفية لا يجوز السكوت عنها أو الاكتفاء بمذكرات تلفت نظر المخالفين إلى مخالفاتهم، وترجوهم بالإقلاع عنها، والتوقف عن ممارستها.. فمثل هذه إجراءات والاكتفاء بها لا يمكن أن توقف مثل هذه السلوكيات الفاسدة بقدر ما تطمئنهم أكثر، وتشجعهم على التمادي والإيغال في ممارسة الفساد. ليس هذا وحسب.. لكن ما يلمس، ويشاهد في الواقع أن الأجهزة المحلية والتنفيذية في المديريات تتسبب في إهدار مروّع للقوى الوظيفية في مديرياتهم، وهو إهدار مباشر للمال العام.. حيث يبلغ الإهدار على هذا الصعيد مئات الملايين على شكل مرتبات غير مستحقة.. لأن هذه القوى التي تُصرف لها هذه الأموال شهرياً مفرغة للمصالح الخاصة والشخصية من خلال تكليفها وتعيينها في وظائف وهمية، وغير موجودة في الهيكل الوظيفي، أو من خلال تكليفهم وتعيينهم في مرافق كقوى فائضة تسنح الفرصة لها بالتفرغ لأعمالها الخاصة داخل البلاد أو في المهجر.. ومثل هذه الإجراءات لا نقول إنها تُرتكب عن جهل وعدم معرفة، بل تُرتكب مع سبق الإصرار والترصد، وبمعرفة تامة، ووعي كامل.. أي أنه فساد متعمّد ومعلن.. وطبعاً ب«ثمنه» مش «ببلاش»..! إن العمل في بعض المديريات لا تحكمه القوانين والأنظمة واللوائح والقرارات والتعاميم النافذة من السلطات المركزية ومن الحكومة، بقدر ما تحكمه المصالح والمكاسب الشخصية والأنانية على حساب المصلحة الوطنية، والمصالح العامة للشعب.. وهذا يدعونا إلى الاستغراب والاندهاش.. لأن المفترض أن تكون مثل هذه الممارسات والسلوكيات الفاسدة والمضرة بمصلحة الوطن والشعب، والمتسببة في ضياع وإهدار موارد البلاد المالية على نحو مباشر أو على شكل إهدار للقوى الوظيفية الإدارية والفنية دون الاستفادة منها حيث الاحتياج، واستغلالها حسب المرتب الذي يصرف لها نهاية كل شهر.. نعم.. كان المفترض أن يتوقف مثل هذا مع إنشاء السلطات المحلية كونها السلطات التي تمثل مصالح الشعب. نأمل، ونوافق قيادتنا السياسية رهانها على المجالس المحلية كسلطات شعبية أن تكون اليد الطولي، والآليات الفاعلة في الإصلاحات ومحاربة الفساد، وقيادة التنمية المحلية نحو الأهداف المبتغاة ممثلة في تحديث الريف، وعصرنته، وحل مشكلاته ومتطلباته للتمدن.. إلا أن هذه المجالس تحتاج أيضاً إلى رقابة شعبية صارمة ومحاسبة قاسية، ومساءلة دائمة عما تقترف من أخطاء، وعن عجزها وإهمالها للجانب التنموي، ومحاربة الفساد والإفساد.. لأن السلطات المحلية ليست مكاسب ومغانم خاصة وشخصية، ولكنها مسؤوليات وأعمال وجهود لتحقيق مكاسب ومغانم وطنية.