كلّما تطورت الحياة، وزادت اتساعاً، كلّما تشابكت وتداخلت قضاياها وعلاقات الناس ببعضهم، وتنوعت المفاهيم والمصطلحات المستخدمة. للنظر على سبيل المثال إلى قضية كالأمّية، عندما كانت المجتمعات بسيطة ومحدودة وبدائىة.. كان مفهوم الأمية لايتعدى موضوع المقدرة على القراءة والكتابة ،وهذا ماهو معمول به في المجتمعات المتخلفة حتى اليوم، أي أن الأمي هو من لايقرأ ولايكتب. أما في المجتمعات المتقدمة، فإن مفهوم الأميّة قد أخذ في الاتساع حتى صرنا نسمع عندهم عن أمية وظيفية، وأمية قانونية،وغيرها من المصطلحات الناتجة عن اتساع رقعة مفهوم الأمية وتعريف الأمي، إلى درجة أن بعض البلدان المتقدمة صارت تعرف الأمي بأنه من لايجيد استخدام جهاز الكمبيوتر والانترنت. وإذا ماكنّا هنا في اليمن كغيرنا من البلدان التي تسمى بالنامية، لانستطيع أن نستعجل ونُعرّف الأمي بأنه من لايعرف استخدام جهاز الكمبيوتر، فإنّ واقع العصر ومستجداته تدعونا بأن نتوسع قليلاً من دائرة مفهوم الأمية لتشمل الأمية الوظيفية والأمية القانونية. أي أن نضيف إلى الأمي الجاهل للقراءة والكتابة أمياً ثانياً وهو الجاهل بطبيعة وظيفته ومهامها.. أو من وضع في وظيفة يجد نفسه فيها غير قادر على فهم المهام المطلوبة منه وغير قادر على الإبداع وتطوير العمل في نطاق مسئوليته بالاضافة إلى جهله بالاختصاصات واحترامها وعدم تعديها.. إذا ما اعتبرنا هذا الموظف أمياً أو رقماً في خانة الأمية الوظيفية.. أمكننا أن نقول أيضاً بالأمية القانونية،و أن نعتبر كل متعلم ومثقف يجهل قانون المهنة التي يشتغل بها أويجهل ماله من حقوق، وماعليه من واجبات وظيفية وغير وظيفية نعتبره أمياً قانونياً. مانعتقده هو أن طبيعة العصر ومفاهيمه تحتم علينا أن نعتبر كل جاهل بطبيعة ومهام الوظيفية التي يشغلها أمياً،و مثله من يجهل القانون المتعلق بماله من حقوق وعليه من واجبات.. خاصة إذا ماكان في عداد المتعلمين أوالمثقفين. على أن يتبع هذا أو يترتب عليه معالجات عملية وجادة تخلص الجهاز الحكومي من المصابين بالأمية الوظيفية.. وتنشر الوعي القانوني بين أوساط المتعلمين والمثقفين، خدمة لهم قبل مجتمعهم.. لأنّ من أبسط حقوق الإنسان على نفسه أن يحميها من جهلِ قد يعميها عن حقوقها الأساسية ويلحق بها الكثير من الخسائر