في كل مرة أستمع لتصريحات الخارجية الأمريكية وهي تنتقد الحقوق والحريات في اليمن، تنتابني رغبة بالتقيؤ إذ أجد نفسي وأطفالي بلا وطن تحمينا اليمن، بينما هذا المحتل الأمريكي يتبجّح بكل وقاحة بالحقوق والحريات. كم يبدو مشمئزاً أن يجري الحديث عن حماية حقوق الإنسان على ألسنة الأمريكيين، وأن يطل علينا كل عام ديبلوماسي أمريكي حاملاً التقرير السنوي للخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في اليمن، ومحاولاً إقناعنا بأن علينا ان نحسن من سمعة بلادنا، ونحد من الانتهاكات التي نرتكبها بحق المسجونين، والصحافيين، رغم علمه بأن الجميع شاهد وقرأ عن تلك الجرائم الوحشية التي ارتكبها الأمريكيون في «أبو غريب» و«غوانتنامو» و «الكاتراز».. وما أدراكم ما «الكاتراز» ! ربما البعض يتصور ان مارآه من تعذيب وقتل في سجن «أبو غريب» أو غوانتنامو هو أقصى حدود الوحشية الأمريكية، ذلك لأن قليلين جداً هم الذين عادوا أحياءً من معتقل «الكاتراز» الذي يستحيل الفرار منه لكونه على جزيرة صغيرة وسط المحيط الأطلسي، وكان مخصصاً للسياسيين والحقوقيين والعلماء وكل من تقرر الإدارة الأمريكية إدراج اسمه في قائمة من ابتلعهم مثلث برمودا، أو اختطفتهم الصحون الطائرة. عندما قرأت أمس الأول، تصريح الخارجية الأمريكية حول قرار المحكمة بحق عبدالكريم الخيواني، والطريقة التي صيغت بها المفردات اتصلت في الحال بكثير من الأصدقاء، لأضع بين ايديهم الحجة الدامغة التي تؤكد ادعائي بأن الأمريكان هم من يقفون وراء مسلسل الفتنة في اليمن.. فلم يسبق لجهة ان اعترضت على أن يكون القضاء هو الفيصل، وأن تحيل الدولة مواطنيها حين يخطئون إلى القضاء إلا إذا كان داعياً إلى فتنة، ويقصد بموقفه التأليب على الدولة.. واشاعة الفوضى في البلد. وهو أمر توقعته لأكثر من مرة طالما وأن الأمريكيين لا يطلون برؤوسهم إلا حين يتعلق الأمر بأحد منتهكي القانون. لكن الطريف حقاً في الموقف الأمريكي هو أنهم يقفون بوجه نفس المحكمة التي مثل أمامها من تتهمهم السفارة الأمريكية بصنعاء بمحاولة اغتيال السفير الأمريكي، وأولئك المتهمون بإطلاق رصاص باتجاه السفارة.. ! فيا ترى هل كل هؤلاء متهمون ظلماً وعدوانا كما هو حال الخيواني !؟ أم ان من يحاول قتل مواطن أمريكي هو مجرم بينما الذي يتهم بقتل ضابط يمني هو بطل صنديد !! أم أننا نستطيع اعتبار تلك التصريحات بمثابة «فتوى» أمريكية بإباحة الحق لكل من يعمل في الصحافة بقتل أو المساعدة على قتل من شاء من الناس سواء كان مواطناً عادياً، أم ضابطاً، أم سفيراً لدولة عظمى !؟ لو كنت بدل الأمريكيين لحرمت على نفسي النطق بكلمة «حقوق» أو «حريات» فتاريخهم الأسود في اليمنوالعراق وأفغانستان والسودان والصومال وليبيا وغيرها من الدول التي شهدت أبشع المجازر الأمريكية لا يساعد أحداً على الإفصاح عن هويته والقول إنه أمريكي. الولاياتالمتحدة التي صنفتها تقارير الأممالمتحدة بأنها الاكثر انتهاكاً للحقوق والحريات في العالم.. والأولى في ممارسة العنف.. والأولى في أعداد النساء المغتصبات تحت طائلة التهديد والسلاح. ليس من حقها ان تتحدث في بلد إسلامي عن الانتهاكات قبل أن تتعلم الكف عن ممارسة العنف، وحماية النساء من شعبها من الاغتصاب.. ومن ثم اغلاق غوانتنامو سيئ الصيت.. والكف عن إطلاق الطائرات المسيرة بدون طيارين التي تتولى قتل من تستهدفهم بالصواريخ الاوتوماتيكية.. ! كم يبدو لي مقززاً ان يتحدث الأمريكيون عن الحريات في اليمن وينسوا أن أكثر من 65 ألف عراقي هربوا إلى اليمن من بطش قواتهم في العراق. ومن الدمار الذي ألحقوه بأعظم قلاع التاريخ العربية.. فياليتهم أجلوا تصريحاتهم حتى نغادر اليمن إلى عراق بدون قوات أمريكية محتلة.