هذا الالتفاف الجماهيري الواسع حول الوحدة اليمنية ليس غريباً على شعب ضحّى بالغالي والنفيس من أجلها لأجيال وآماد، ولم يستغرب الأشقاء والأصدقاء هذا الالتفاف. فالوحدة عند كافة اليمنيين عقيدة وشريعة وأعراف وتقاليد وانتماء ضارب الجذور للجغرافيا والطقس والزمان والمكان والنبات والحيوان. كما أن الأصدقاء شعروا بالانكسار والغضب معاً حينما انطلقت بعض أصوات خائبة تريد العودة باليمن إلى الحروب الأهلية والاغتيالات وإهدار أموال الوطن للسلاح الذي يوجّه لصدر الأخ وقطع الأرحام وإيقاف التنمية الضرورية وغير الضرورية. كما أن هؤلاء الأصدقاء يعلمون تماماً أن اليمن لابد أن تكون ضمن سياق السلام الذي يكفل لكل الإنسانية الاستقرار والسكينة. أما الأشقاء فنحن سعداء لوقوفهم صفاً واحداً؛ لأن اليمن عندما تعيش حالة استقرار إنما ينعكس ذلك على كافة الدول الشقيقة التي تمثل اليمن عمقها اللوجيستي والاستراتيجي، وهذا ما أكدته حرب 73م، وحروب لبنان وغزة مع العدو الاسرائيلي. كان بعض الناس يذهب إلى أن الوحدة ستكون شراً مما يمثل تهديداً لمصالحهم، فجاءت الوحدة عليهم بكل الخير فانتفت الضغينة وذهب الخوف والقلق والتوجس. كما أن الإنسان اليمني وجد نفسه سعيداً، بعد أن أزالت الوحدة شبح الرعب والتربص والاستعداد للمحن وصناعتها. وفي رأيي أن لا أحد في اليمن يريد الانفصال، بمن فيهم المعتوهون الذين عليهم أن يعرفوا وقد جربوا ما جلبه التشطير من مآسٍ وأحزان ومشكلات وشرور. ولكنها مسألة تتعلق بالشقاء؛ وليس يعدو الأمر أن يكون ابتزازاً واستهتاراً من باب المثل اليمني القائل: «فجّعه بالموت يرضى بالحمى». لقد صنع هذا الداعي الشرير إلى الانفصال هذا الالتفاف الوطني حول أهم منجز يمني.