قيل إن الحرب على الإرهاب قد شنت في سبيل تحرير المرأة، في يوم المرأة العالمي في عام 2002م، أعلن كولن باول أن قضايا المرأة مركزية في السياسة الخارجية الأميركية، وخاصة في الحرب على الإرهاب. وذكر باول أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي بطلة لحقوق الإنسان ورفاهية المرأة والأقليات في جميع أنحاء العالم، ومنها غزت الولاياتالمتحدةالعراق تحت ستار تحرير الشعب العراقي من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظام صدام حسين. ومن هذه القصة عن الإدارة الأميركية في حربها من أجل حقوق المرأة كان شغلي الشاغل أن أقدم هذه الورقة بين أيديكم من خلال دراسة التناقضات التي كتبت عن الإرهاب ودور المرأة للمشاركة فيه وخفاياه وتقديم بعض الحلول والمعالجات. النشاط الإرهابي النسائي فالإرهاب كلنا شركاء في مواجهته، فهو خطر يهدد أمننا ويدخل الخوف إلى قلوبنا، ويشكل ظاهرة خطيرة رغم بروز دورها في جميع أشكال المقاومة الشرعية التي قامت بها بعض النساء للمساهمة في تحرير أوطانهن مثل (سناء محيدلي في جنوبلبنان، ودلال مغربي وليلى خالد في فلسطين، وجميلة بوحيرد في الجزائر) وغيرهن ممن أصبحن رموزاً لنضال المرأة والمساهمة الوطنية الفاعلة. ورغم ذلك نجد أن مطاردة الإرهاب في بلادنا تركز على الرجل كما لو كان هو الإرهابي والمرأة تغفل دائماً.. وكأن الأمر مؤكد لهم بأنه لا وجود لهن كمنفذات ولكن كمعتنقات …… وهنا تكمن خطورة الأمر. فهن يمارسن الدعوة إلى الجهاد في منازلهن؛ مما يعني صعوبة متابعة أفكارهن في حال تأهيلهن بحجة أنهن يتناولن العلم الشرعي ، مستندات على الأشرطة التي توزع لبعض من يحملون الفكر الجهادي والمنادين به بمعزل عن توجيه الدولة. وقد وجدت مفردات في الأساليب والأطروحات أسهمت في تكوين جو قابل لحجز المتطرفين الإرهابيين وإبعادهم عن علمائنا المعتدلين، الذين هم مع احترامي وتقديري لشخوصهم، قد عركوا الأمور السياسية وجربوها، ولديهم من العلم والعقل ما يؤهلهم للإفتاء وتهييج وإثارة الناس، بخطاب يحمل معاني عظيمة"كالترغيب والترهيب" مع عدم التفريق بين الخطاب هل هو موجه للنساء أم موجه للرجال، ناهيك عن المشكلة الأخرى وهي استغلال قدرتهن على جمع التبرعات من أجل الجهاد. ولا يعني كلامي هذا أن جميعهن على هذا المنوال؛ ولكن من أقصدهن هن اللائي يعتنقن الفكر الإرهابي باسم الجهاد، ويقدمن الندوات الخاصة في منازلهن أو في التجمعات النسائية المعزولة عن متابعة الأحداث على الساحة ومدارس تحفيظ القرآن، حيث تخاطب العاطفة المتعطشة للفوز بالجنة وإن كان من خلال دعم هذا التوجه الذي لا تعرف عواقبه، فهذا النطاق الضيق والمعزول عن مواقع تنفيذ الإرهاب يبعد المؤسسات الأمنية عنها. لذا لا تذكر المرأة الإرهابية وينفى أن يكون لها دور، متناسين خطورتها على الأسرة، وهي المؤسسة الرئيسية في تعقيم القيم والاتجاهات داخل الأبناء، وفي أحيان يدخل الزوج وخاصة إن كان يستظل بمظلة الأمية، أو يعاني من فارق اقتصادي، وثقافي بينه وبين زوجته فيسهل اقتناصه والدفع به فيميل نحو التطرف، فنجد أن ما قد يفعله الرجل تفعله أيضاً المرأة. بل إن بعض النساء المحسوبات داعيات اتسمن بالتعسير والغلو والتشديد، مؤثرات بشكل ملحوظ على العاملات في المجال الدعوي المعتدلات بإجبارهن على المضي معهن بالدفع بالأخريات نحو هذا الاتجاه، اعتقاداً منهن بأنهن يخدمن الدين الإسلامي، ويعملن على نشر تعاليمه، وفي الواقع إنما هن يدفعن باتجاه التطرف الذي يتنافى كليةً مع وسطية الإسلام واعتداله. وبالتالي تتأثر المرأة البسيطة والملتزمة في توجيه أبنائها، فتنجح في زرع بذور التشدد وينمو التطرف لدى أفراد الأسرة، حيث لا يمكن إنكار دور الأم في التربية وتشكيل شخصية الفرد وميوله واتجاهاته التي تنعكس سلباً على المجتمع. الرهبنة في مدارس الفتيات..!! والفتاة الصغيرة والمراهقة تواجه إرهاباً فكرياً في بعض الصفوف المدرسية وفي بعض مدارس تحفيظ القرآن، وأنا هنا لا أدعو إلى إغلاق مراكز تحفيظ القرآن؛ بل من أشد المشجعات على حفظ القرآن الكريم لما يترتب عليه من تدبر وتأمل يغرس بين فتياتنا ويحافظ على هويتنا الاسلامية. ولكن يظل السؤال: هل فكرت الجهات التربوية في مواجهة بعض السلوكيات التي تفرض على الفتيات الصغيرات والمرهقات التي تفسد الهدف المرجو من إقامة مثل هذه التجمعات التعليمية عندما تمارس عليهن بفرض تغطية وجوههن ولو كن دون سن العاشرة، وتفرض عليهن ارتداء ملابس بعينها، ويحرم عليهن قراءة القصص، وتنفيرهن من مشاهدة التلفزيون، مستدلين بشاهد وحيد هو الموت وعذاب القبر، مما يبعث الخوف في نفوس الصغيرات، فيصبح الهدف تجنب عذاب القبر، في حين تترك أمور مهمة هي سلاحنا وعتادنا عند النزول إلى القبر من حسن الظن والخُلق القويم وتعاليم الدين الإسلامي الداعية إلى حسن التعامل وفقه المعاملات والإقبال على إحياء الأرض كما استخلفنا عليها الله. فتنعكس الآية؛ فبدلاً أن تكون الصغيرة مرتبطة بربها عز وجل بالمحبة والسعي لرضاه نتيجة لإيمانها بإنجاز شعائره؛ ويكون إنجازها نتيجة خوف من عذاب القبر، فنسمع عن كل القصص التي تحكي عن طالبات كسرن أجهزة التلفاز، وكفّرن أمهاتهن، وآباءهن وعشن مرحلة عمرية عنيفة؛ الأصل فيها الفُرقة والنزاعات. هذا هو الواقع الذي نجد عليه الكثيرات من النساء ممن لا يفهمن حقيقة الخطاب الديني ويمارسنه عن جهل، وأكرر لا يشمل هذا التصنيف الداعيات الوسطيات اللاتي يؤسسن مؤسسات لنشر التعليم الشرعي ونشاط دعوي من خلال برامج اجتماعية وتربوية تخدم المرأة والأسرة. المعالجات والحلول: المعالجة الموضوعية مفقودة لدى أصحاب القرار بسبب ضبابيتها وعدم وضوحها لكي نصل إلى حل أمثل ينبغي إقناع الآخرين به أيضاً، وذلك من خلال تحليل المشكلة والاعتراف بها، ووضع كل النتائج والملاحظات عنها، حيث إن التعاطي مع هذه الظاهرة إلى جانب المعالجات الأمنية يجب أن يتصدى بالتحصين، ولهذا ينبغي إعادة صياغة معطياتنا التربوية والتعليمية والفكرية والثقافية بشكل يأخذ في الاعتبار البعد الوقائي قبل البعد العلاجي من خلال التالي: مسؤولية الأمهات ينبغي على الأم أن تصل من الوعي على أن تختار لأبنائها المصادر الثقافية الدينية الصحيحة التي تعمل على توعيتهم تجاه دينهم، ولا تترك ذلك للأجهزة الأخرى وحسب، وأن تقوم بمتابعة ما يقدم في الجامع بالتعاون مع والدهم، ومتابعة جميع التجمعات الطفولية أو الشبابية للتربص بكل ما من شأنه أن يفسد أفكار أولادها من أولاد وبنات، ويقحمونهم في أمور لا معرفة لهم بها. الشباب وواقعهم المذبذب اصطدام الشاب بالواقع الذي يغتال أمنياته وأحلامه من أهم الدوافع التي تجعله ذا نزعة متطرفة للعنف والقسوة، والطامة الكبرى عندما يوجهها إلى المجتمع عندما تتلقفه هذه الخلايا الضالة لتثير في نفسه الحماس الديني أو أهدافاً لا يدركها هو ولكنه يستشعر أهميته بها ودوره الفاعل، وهو ما افتقده كمواطن فاعل له دور في مناحي الحياة من تنمية واقتصاد وفكر واختزالها إلى ذلك الفكر الضيق وغياب الساحة من القدوة والنموذج الوطني له عامل قوي ليرموا بأنفسهم في أحضان هذا الفكر. الحوار الوطني ضرورة وجود حوار وطني وعملية تحصين فكري وقوة أمنية تحسم التجاوزات وتنفذ العقوبة في المخطئ كائناً من كان، وهذه الحلول تتم ممارستها الآن من قبل الدولة لمعالجة الإرهاب وليس لحماية الشباب، وعدم تقديم حلول عاطفية من دون تحليل لجذور المشكلة الإرهابية مما يشجع العديد منهم على امتهان الإرهاب للضغط على الدولة. المناهج التعليمية والإعلام إيجاد فئة من النساء المعتدلات والمتعلمات والمثقفات بالثقافة الشرعية لمناصحة وتوجيه أسر بعض المغالين من الفئات الإرهابية، وفتح باب الحوار أمامهم ومناصحتهم. وإيجاد برامج تأهيلية للمؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني تقوم على تثقيف المرأة اليمنية بأمور هذه الآفة. وتبني برامج إعلامية جادة ومناسبة لكل فئات المجتمع تتوافر فيها روح التجديد للمرأة والشباب والأطفال في ضوء القرآن والسنة. وأخيراً تبني استراتيجية وطنية شاملة في جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية ممثلة بالأسرة والمسجد والمؤسسات التعليمية والإعلام يتم التركيز من خلالها على دور الأسرة التي تشكل المرأة عمودها الفقري في مجال التربية والتنشئة وقدرتها على التربية الفكرية الصالحة للأبناء والمحافظة على أذهانهم وعدم تركهم عرضة لدعاة الفكر المنحرف.