(إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) نتعلم من هذه الآية الكريمة احترام الوقت، والمسلم إنسان بينه وبين الزمن علاقة حميمة, بل إن أقدس فريضة وهي الصلاة تزرع في المسلم حساسية الزمن, وكأن الإنسان المسلم ضمن هذه الشموس والكواكب التي تسير وفق انضباط زمني معين.. إن الحياة الدنيا انضباط زمني، ففيها الليل والنهار لاتستقيم الحياة بدونهما، ولذا فإن المسلم وحده جدير به أن يشعر بالزمن الذي ينظم إيقاع الوجود.. إن أركان الإسلام الخمسة تقوم على الزمن والصلوات تقوم على الزمن وكذا الحج والصيام والزكاة. ومن الغريب أن غير المسلمين استحقوا السبق المعرفي والحضاري لإحساسهم بالزمن وأنت لاتستطيع أن تضبط وقت المسلم ,فغالباً ما يخضع هذا الوقت للفوضى والمزاج, ولذا لاتجد في قاموسه، الثانية صباحاً وإنما سوف يلقاك في الصباح, وسوف نتحدث في المساء, في أي وقت لاعلم لك ولا علم له.. في التذكرة يوجد تحديد لزمن الطيران وفي المطار الوقت مفتوح, فقد تقلع الطائرة قبل الوقت وقد تتأخر بعدة ساعات، والمحاضرة في الجدول محددة, ولكن الأستاذ لايأتي وربما إذا أتى لاينضبط, وتسأل الطالب لم تأخرت؟ فيقول: كنت أفطر أو المواصلات, أو لا أعلم مكان المحاضرة!! وصديقك تضرب معه موعداً للغداء فإما يسبق أو يتأخر أو لايأتي مطلقاً, ويعدك صديقك بإنجاز أمر ما فلا يفعل ويحدد القاضي موعد النطق بالحكم فلا ينطق، والمهم أن الزمن عند المسلم غير مهم, وأنت وأنا قد بلغنا من الإحساس والزمن مبلغاً يجعلك تدخل من يعدك ولا يفي بوعده أنه يحتقرك. وكان الراحل الموسيقار رياض السنباطي من القلائل الذين بلغ عندهم الإحساس بالزمن مبلغاً عظيماً, فقد قيل إن قصر الرئاسة في بلد ما حدد له موعد الزيارة الرئيس، وأن عليه أن يكون حاضراً الساعة السادسة مساءً، فلما جاءه ضابط المراسم الساعة السابعة والنصف قال له رياض: بلغ فخامته السلام وأبلغه اعتذاري لأني هذا الوقت مش فاضي، فكان أن طلبه فخامته بالهاتف واعتذر له بإلحاح حتى عفا عنه وسامحه.