مرة أخرى تتقاطع المصالح الأمريكية - الإيرانية وتتوافق مواقفهما وأهدافهما، ومرة أخرى نرى الأمور تسير لصالح الحلف الإيراني في المنطقة بمباركة أمريكية, وقطعاً بمشاركة أمريكية لصياغة واقع جديد يلبي طموحات الجانب الإيراني, وأحسب أن طموحات الطرفين لا تختلف عن بعضها بشيء. المراقب والمتابع لسيناريوهات الأحداث في المنطقة سوف يتأكد من حقيقة التفاهمات الأمريكية - الإيرانية, وإلى أي مدى وصلت من التطابق في المواقف والمصالح والأهداف. كثيراً ما تخدع أمريكا حلفاءها في المنطقة وتتخلى عنهم, فتأتي ثمار الخديعة لصالح إيران.. المعادلة السياسية في لبنان اختلت لصالح حلفاء إيران, وقد جرى اللعب بالأوراق ليأتي واقع جديد فقد من خلاله الذين كانوا يحسبون على أنهم حلفاء أمريكا مزاياهم, وتحولت العملية لصالح الطرف الآخر، وبالطبع لم تنته بعد, فالمعادلة الجديدة في لبنان لها ترتيبات مستقبلية ولها بقية سوف تتكشف تباعاً لخدمة مصالح التحالف الأمريكي - الإيراني. قبل لبنان كان الأمر في أفغانستان والعراق وجاء لصالح إيران وبالتأكيد لمصلحة أمريكا بنسبة تقاسم متفق عليها.. اليوم من يتابع تصريحات إعلام الطرفين حول ما حدث وما يحدث في بعض الأقطار العربية مثل تونس ومصر سوف يلحظ بجلاء حجم التطابق بين الآراء والمواقف وفي السياسات عند الحليفين الأمريكي والإيراني تجاه ما يحدث وتجاه الصورة المستقبلية المفترضة للوضع وللنظام القادم. تطابق عجيب ظهرت من خلاله الولاياتالمتحدة والدول الغربية كمن يتخلى عن حلفائه بصورة مستغربة لتكون النتيجة زيادة قوة الحلف الإيراني والنفوذ الإيراني في المنطقة وإعادة تشكيل الخارطة السياسية بما يخدم إيران. دول الاعتدال التي كانت متهمة من قبل شعوبها بالتواطؤ مع السياسات الأمريكية، وكانت الحليف لأمريكا وفقاً للخطاب الإيراني, يجري التعاطي معها من قبل أمريكا بصورة تنفي درجة التحالف الذي قيل عنه, وفي المقابل فإن دول المحالفة ومنظمات المحالفة وأحزابها في المنطقة تسير أوضاعهم بسلاسة وهدوء وتترجح كفتهم كل يوم ويجنون ثمار التغيرات التي تصيب والتي أصابت الطرف الموصوف بالاعتدال، بينما الطرف المتشدد والممانع والعدو الأول لأمريكا كما يُراد إظهاره وهو إيران لم يلحق به شيء وكذلك الحال بالنسبة لحلفائه الذين يجري إنقاذهم كلما اشتد عليهم الخناق في لحظة ما. حزب الله الإيراني الذي صنعوا منه أسطورة في العداء والتصدي لاسرائيل وأمريكا لم يخسر شيئاً في لعبة الربح والخسارة في لبنان, لكنه كسب على حساب أطراف كانت محسوبة ولم تزل على أمريكا وأطراف الاعتدال في المنطقة. تناقضات تثير الدهشة حقاً, فإعلام حزب الله كأداة من أدوات إيران يهلل ليل نهار ويكبر لسقوط نظام مصر, وينتظر بفارغ الصبر تلك اللحظة بحماس أشد من حماسه تجاه الأعداء الحقيقيين كما يدعي.. وكذلك الحال بالنسبة للإعلام الإيراني المجاهر بعداوته لمعظم الأنظمة العربية والإسلامية وإن لم يقل ذلك على ألسنة السياسة. وبالمقابل هناك أدوات إعلامية أمريكية تنقل مثلما ينقل الإعلام الإيراني تماماً وكأن الكاتب والمعد والمخرج وكل الطاقم يستقي توجيهات من جهة واحدة. بغض النظر عن تفاصيل الأحداث في مصر ومن قبلها في تونس, وهذا ليس موضوع الحديث الآن, لكن التعاطي معها من قبل أمريكاوإيران ومن خلال تناولها في إعلام الطرفين نكتشف حجم التنسيق السياسي والإعلامي الموجّه لتغطية الأحداث وتثوير الشارع العربي في قضية لا تستحق أن تأخذ كل هذا الاهتمام الذي أشغل المنطقة وفتح أبواباً للصراع والتباينات ليجني ثمارها التحالف السري بين أمريكاوإيران ومن سار في فلكهما.