لقد عوّدنا النظام السابق العزف على الوتر الممجوج.. الذي لم يتورع أو يخجل في ترديد نغماته المشروخة والمفضوحة إبان كل حدث شعبي عارم يشعره بالخطر.. فكانت صعدة الأمس حقلاً خصباً لممارسة ألاعبيه ومسرحاً يعج بالكيدية والابتزازية للغرب, والجوار.. حصدنا خلالها ست حروب متعاقبة, وآلاف الضحايا.. بالإضافة إلى تدمير البنية الأخلاقية, والاقتصادية, والثقافية. ما إن هبت رياح التغيير الربيعية الثورية العربية معلنة البدء في تلاقح الثورات ضد الأنظمة التقليدية الشمولية.. ومشاريعها التوريثية.. حتى تفتقت أزهار الثورة اليمنية الفبرائرية بقيادة القوى الشبابية الشعبية السلمية لتؤكد للعالم تفاعلها وحضورها الثوري الجاد ضماناً لاستعادة جوهر ومضمون حرية, وعدل, وكرامة هذه الأمة. في هذا الخصم التراكمي النوعي الذي أعاد الروح الثوري للجسد المدمّى بالجوع والخوف, والصمت.. تبدت الحروب في صعدة كما أسلفنا, وتحرك الحراك في الجنوب, وقامت الدنيا ولم تقعد, وتعالت الأصوات المكبوتة في عموم أرجاء الوطن تهتف بملء روحها, وتاريخها, وعنفوانيتها, وبحجم جراحاتها, وآهاتها, وأوجاعها: الشعب يريد إسقاط النظام. خلال عام كامل وشعبنا اليمني كل الشعب مافتئ يرابط في مختلف ساحات الحرية والتغيير يقدم كل يوم خيرة شبابه الثوار الأحرار قرباناً ليمن خالٍ من الظلم, والقهر, والاستبداد.. تمكن خلاله الدم المسال على أديم الشوارع, والطرقات, والساحات الثائرة المفتوحة من الصعود نحو السماء. هذا الدم صنع التحولات الديناميكية وفرض الأمر الواقع الجديد الذي تمخض عنه الإسهام الدولي والإقليمي داعياً إلى تنفيذ آخر المبادرات الخليجية التي تمخضت عنها انتخابات 21 من فبراير من هذا العام وأعلنت النتيجة لصالح المرشح التوافقي عبدربه منصور هادي كرئيس للجمهورية.. حينها بدا النظام السابق مكشراً عن أنيابه .. فوجه أولى رسائله القديمة الجديدة مستخدماً ورقة القاعدة فكانت جريمة حضرموت الحلقة الأولى من المسلسل الدرامي لعهد الفوضى البائد تلتها عملية أبين الشنعاء التي أفرزت السؤال العام.. لماذا تزامنت جرائم القاعدة مع ميلاد العهد الجديد..؟!! وهل هذا التوقيت المرادف لضرورة إعادة هيكلة القوات المسلحة يسعى إلى عرقلة وتأجيل هكذا قرار؟ كما أن تسليم المعسكرات بعددها وعتادها أحد السيناريوهات التي تستخدمها سلطة الحرب والدمار كفعلها في السابق خوفاً من السقوط العام وأملاً في الحفاظ على بعض ماتبقى من الهيمنة بواسطة البقاء على كراسي قيادة المؤسسة العسكرية حتى لايتهاوى كل النظام.. الشكوك كلها تحوم حول من فقد المصلحة الذاتية.. فوضع حقده الملغوم في مسار الشعب ويبقى السؤال: هل يستطيع الرئيس وحكومته حسم هذا الأمر?