استطاع الحراك أن يحول من هذه الذكرى التمزيقية التناحرية المشؤومة إلى ذكرى للوحدة والتصالح والتسامح بين أبناء المحافظات الجنوبية..! وليس غريباً هذا؛ فالقوى الوطنية السياسية في تلك المحافظات تمتلك تجارب تاريخية ثرية في توحيد مكونات المجتمع بكل أطيافه وفئاته وشرائحه ومتناقضاته، ولعل الجبهة القومية قد استطاعت أن توحد 22 سلطنة وإمارة ومشيخة في إطار دولة واحدة تميزت بالنظام والقانون والمساواة اسمها (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً)..كما أنها أنهت النزعة القبلية والجهوية وأرست ثقافة وطنية في أعماق الوعي الجمعي للشعب من المهرة إلى أبين..! اليوم تكرر القوى الوطنية في المحافظات الجنوبية نفس التجربة بتوحيد أبناء تلك المحافظات ضمن ثقافة التصالح والتسامح، رغم ما لهذه الذكرى - 13 يناير - من دلالات مؤلمة، إلاَّ أن الحراك أبدع في استثمارها ببعد وطني عميق المغزى والدلالة..! أقول نجح الحراك خلال سنوات قصيرة من عمره ونضاله السياسي في دفن صراعات الماضي، وأثبت قدرته على توحيد أبناء الجنوب، انطلاقاً من نقطة تفرقهم وتشتتهم، بينما فشل النظام السياسي في صنعاء طيلة أكثر من خمسين عاماً من عمره في توحيد القبائل والمشيخات المتشظية والمتناحرة وعجز بصورة فاضحة عن إقامة دولة نظام وقانون فوق الجميع، يخضع لها الجميع..! ويبقى علينا الاستفادة من الدروس والعبر؛ حتى لا نكرر الأخطاء التي رافقت دولة الوحدة عندما أخذنا بسلبيات التجربتين في الشطرين، وعملنا على تعميمها ورفضنا العمل بالإيجابيات، وخصوصاً تلك التي سطرتها تجربة الحكم والدولة الفريدة في الشطر الجنوبي قبل الوحدة..! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك