يبدو أن غالبية المفكرين السياسيين والدستوريين يرون أن النظام النيابي هو الأكثر قرباً من الإرادة الشعبية، لأنه يفسح المجال أمام المشاركة السياسية ويمنع احتكار السلطة، ورغم هذا التفضيل الذي يبدو عليه النظام النيابي المعاصر إلا أن الخوف من اللعبة الخطرة التي حذر منها نفس المفكرين يحتاج إلى المعالجات الدستورية التي تمنع حدوثها أو على أقل تقدير تحد من خطورتها. إن دراسة دستور الجمهورية اليمنية ودراسة التجارب الأخرى دراسة علمية وموضوعية بالتأكيد ستقود إلى معرفة مكامن الخطر الذي يمكن أن يعكر صفو الحياة النيابية، لأن اعتقادي أن اللعبة السياسية الخطرة التي حذر منها المفكرون، لاتكمن في نقطة واحدة مثل الجمع بين عضوية مجلسي النواب والوزراء، وإنما في أكثر من ذلك، الأمر الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار للسلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن ذلك الاستخدام غير السليم لحل بعضها بعضاً وتنازع الاختصاصات، واحداث التكتلات داخل المجلسين الأمر الذي يعيق التنمية ويجعل البلاد مشغولة بمشكلة السلطتين فقط. إن تجارب الحياة السياسية تقدم نماذج لمثل هذا العقل السياسي الذي قد تصل إليه الحياة السياسية نتيجة لعدم الإيمان المطلق بالمصلحة العليا للبلاد والعودة إلى المماحكات السياسية التي تعطل الانتاج وتمنع التطور وتؤجج الفوضى وتنمي الأهواء والمشاريع الصغيرة على حساب الوطن اليمني الكبير. إن الحاجة إلى المعالجات الدستورية الواضحة التي تمنع الاستخدام السيئ للرقابة المتبادلة باتت ضرورية ولازمة لاستقرار الحياة السياسية وتمكين الحكومة من انجاز خططها وبرامجها بعيداً عن المماحكة والكيد المقيت، ولذلك ندعو إلى دراسة أشكال المشكلات التي تحدث والعمل على وضع الحلول الدستورية، بل لايكفي استخدام النماذج التي حدثت على أرض الواقع لاكتشاف خطورة اللعبة السياسية الخطرة في النظام النيابي الذي حذر منها المفكرون، وإنما الاتجاه نحو التنبؤ بما يمكن أن يحدث خصوصاً مع معرفة الخصوصية اليمنية وهذا التنبؤ يقود إلى وضع المعالجات الدستورية التي تحول دون حدوث المشكلة وفي العدد القادم لنا وقفة جديدة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك