أنعشت مخرجات القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي اختتمت أعمالها أمس بالرياض الآمال مجدداً بإمكانية ترجمة أهداف التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء وصولاً إلى تحقيق تطلعات الشعوب العربية في إقامة الكيان الاقتصادي الواحد أسوة بتلك التجارب الناجحة كالاتحاد الأوروبي وغيرها من التجارب التي تمكنت من توظيف قدراتها وإمكاناتها في التغلب على التحديات القائمة ومعالجة التباينات في اقتصادية هذه الدول. إن مبعث التفاؤل في مخرجات القمة الاقتصادية يكمن في إدراك القادة العرب حجم وطبيعة التحديات التي تواجه الأمة.. وهو ما يستدعي الوقوف أمامها بمسئولية كاملة والسعي الجاد والحثيث لإنجاز تلك المشروعات الاستراتيجية التي تكفل انسيابية العلاقات الاقتصادية والتجارية البينية وتعزيز فرص الاستثمار المشتركة بالاستفادة من الإمكانات المادية والثروات البشرية وبما يساهم في الحد من البطالة والفقر والتخلف والتي تمثل بيئة خصبة لنمو ظواهر التطرف والإرهاب التي لم تعد خافية على أحد بتأثيراتها السلبية على استقرار وتطور دول المنطقة برمتها.
ومن هذا المنطلق ركزت كلمة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أمام أشقائه القادة العرب في تحديد مرتكزات العمل العربي المشترك خلال الفترة القادمة من خلال استصدار جملة من القرارات الهادفة توسيع الشراكة وتوظيف الرساميل العربية في إقامة المشروعات الخدمية والإنتاجية والإنمائية المستدامة، فضلاً عن تأكيدها على تلك المخاطر التي تعترض مسار التسوية السياسية في اليمن، سواءً من حيث ضرورة الوفاء بالالتزامات التي قطعتها الدول المانحة في قمتي الرياض ونيويورك، أو في مواصلة هذا الدعم حتى تتمكن اليمن الخروج من أسر آثار الأزمة السياسية، خاصة بعد أن تمكنت – وبدعم من الأشقاء والأصدقاء – من إنجاز الانتقال السلمي للسلطة، وفي البدء – عملياً – بتنفيذ مضامين المبادرة الخليجية للتسوية السياسية.
وإجمالاً فإن نتائج القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية قد ركزت على تلك القضايا الإستراتيجية ذات الصلة بمعالجة الفقر والبطالة و الأمية كونها من المشكلات المعيقة للتطور والتنمية، بل أنها تلقي بأعباء إضافية على مجمل دول المنطقة العربية، فضلاً عن إعطاء القمة دفعه قوية لتعزيز مجالات التعاون المشترك، و إيلاء قضايا المرأة والشباب والشرائح الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني الأهمية القصوى لما لها من تأثيرات على قضايا الاستقرار الداخلي لكل دولة على حدة وعلى الأمن القومي العربي ككل نظراً لحدة الاستقطابات لبعض الدول الإقليمية تجاه هذه الشرائح.
وحسناً كذلك أن ركزت مخرجات القمة على دور القطاع الخاص في تحمل جانب من تطوير الاستثمارات المشتركة بالاستفادة من المناخات المتاحة والملائمة التي تحفزها التشريعات العربية القائمة والهادفة جذب هذه الاستثمارات، خاصة أنه لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة ما لم يكن القطاع الخاص داخل صلب عملية البناء و التعمير.. ولعل ما يدعو إلى التفاعل أكثر صدور تلك القرارات الهادفة رفع رساميل الصناديق الإنمائية العربية المشتركة باعتمادات إضافية تصل إلى أكثر من نصف رساميلها الحالية.
ولكل ذلك علينا أن نتفاءل بمخرجات هذه القمة حتى التئام القمة القادمة عام 2017 التي تقرر انعقادها في الجمهورية التونسية رغم كل التحديات المنتصبة التي تحثنا على بذل المزيد من الجهد لتجاوزها، تماماً كما تدعونا إلى التفاؤل بإمكانية قدرة النظام السياسي العربي في إعادة ترتيب أولوياته من السياسي إلى الاقتصادي.. وهذا هو المهم ونحن نبحث عن أفق للخلاص مما نحن عليه. رابط المقال على الفيس بوك