تلتئم غداً الاثنين في العاصمة السعودية الرياض القمة العربية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي يرأس وفد بلادنا إليها الأخ عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية وسط تطلعات بأن تسهم هذه القمة في مساعدة دول الربيع العربي التغلب على مشاكلها الراهنة وحشد الدعم المتاح لتعزيز بنية التنمية في هذه الدول, فضلاً عن معالجة القضايا التي تشغل القادة والمجتمعات على حد سواء وإعادة النظر إلى مسألة انسيابية التبادل البيني في قطاعات الاستثمار بصورة عامة والعمل على استكمال تلك المشروعات الإستراتيجية ذات الصلة بالطاقة وخطوط النقل البري والبحري وإمكانية إقامة خطوط السكك الحديد وغيرها من المشروعات الإنمائية المشتركة. وتتطلع اليمن – كغيرها من الدول – إلى هذه القمة بأن تواصل رعايتها ودعمها لبرامج الإصلاحات في بنية الاقتصاد والتي ستساهم –دون شك- في إنجاح المبادرة الخليجية للتسوية وهي المدعومة كذلك بالرعاية الأممية لإنجاز كامل مهماتها , حيث ستطرح بلادنا أمام هذه القمة حجم ومدى الخطوات التي قطعتها على صعيد توظيف الموارد والإمكانات التي أتاحتها الأسرة الإقليمية والدولية لمعالجة آثار ومترتبات الحرب والأزمة وتمويل برامج التنمية , فضلاً عن طرح تلك الصعوبات التي لا تزال منتصبة أمام انسيابية وصول جانب كبير من الدعم المالي الذي أقرته قمتا أصدقاء اليمن من المانحين في الرياض ونيويورك خلال العام المنصرم, خاصة أن تأخر وصول هذه المساعدات سيمثل إعاقة حقيقية أمام استكمال تنفيذ مختلف مهام ومراحل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ستساعد اليمن في الخروج من أسر تلك التداعيات.
ولاشك أن ثمة تحديات إضافية تعاني منها اليمن , بالإضافة إلى تلك المرتبطة بتدهور الأوضاع المعيشية جراء الأزمة السياسية .. ولعل من تلك التحديات الإضافية مشكلة اللاجئين الأفارقة الذين تجاوز عددهم سقف المليون مهاجر حتى أواخر العام المنصرم .. وهو أمر – ولاشك – يلقي بتبعات إضافية على الاقتصاد الوطني, ليس بمقدور اليمن – وهو يعيش هذه الظروف – القيام بواجباته الإنسانية والحياتية ما لم يتلق مساندة ودعماً حقيقياً من الأسرة العربية والمجتمع الدولي , فضلاً عن تلك الأعباء التي يتحملها اليمن جراء مجابهة القرصنة البحرية التي تتهدد سلامة الملاحة الدولية عبر منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب .. وهي من الأمور التي تتطلب أيضاً تحركاً إقليمياً ودولياً لمحاصرة والقضاء على مثل هذه الظواهر التي تؤثر – بالنتيجة – على الاقتصاد العالمي ومنظومة الدول الخليجية وليس على اليمن فحسب , الأمر الذي يتوجب من قمة الأمل العربية للتنمية الوقوف أمام هذه المعضلات بالمسئولية نظراً لمخاطرها وتأثيراتها على انسيابية مرور نسبة كبيرة من النفط العربي إلى السوق العالمي .. وذلك من خلال توفير الغطاء الآمن لليمن للقيام بتحمل جانب من آثار تداعيات تلك المشكلة نيابة عن أشقائه العرب عموماً والدول الخليجية خاصة.
ومن منطلق الإحساس بحجم وعظمة تلك التحديات القائمة أمام الأقطار العربية , فإنني - كغيري – نتطلع إلى أن تكون قمة الأمل للتنمية في الرياض أفضل حالاً من تلك القمم ذات الطابع السياسي التي تخلو – عادة – من أية خطوات ملموسة لمعالجة القضايا السياسية الشائكة , حيث يتطلع الجميع إلى أن تكون القمة ذات الطابع التنموي أكثر فاعلية وديناميكية وقدرة على تطبيق مقرراتها لمعالجة الكثير من المشكلات والتحديات الاقتصادية التي تعصف بالأمة راهناً وبخاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية شديدة الحساسية والخطورة.
ولهذا تزداد ثقة المراقب في أن تخرج قمة الأمل في الرياض بنتائج تصب في إطار ترجمة تلك التطلعات التي تعزز القواسم المشتركة وتخلق الظروف الملائمة لقيام التكتل الاقتصادي المنشود وتنفيذ المشروعات الإستراتيجية التي تعزز من التكامل الاقتصادي وتعالج المشكلات الاجتماعية وتحافظ على الحد الأدنى من القواسم المشتركة بين دول تشكل في مجموعها وحدة مترابطة ومتكاملة في الجغرافيا والتاريخ والهدف والتطلع , خاصة بعد أن كادت الأمة أن تفقد الأمل في كل القمم ذات الطابع السياسي ولم يتبق لها غير التعويل على قمة الأمل الاقتصادية العربية في السعودية تمشياً مع القول المأثور : (..ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل). رابط المقال على الفيس بوك