يقال إنه لا يوجد فنادق سبعة نجوم مطابقة للمعايير الدولية إلا فنادق محدودة جداًَ في العالم، أما التسميات التي يطلقها المستثمرون على فنادقهم فهي من باب التسويق لا أكثر، ومع ذلك فأنا أجزم أن المستثمرين في المجال الصحي سحبوا هذه التسميات على مستشفياتهم الخاصة، وأطلقوا عليها تسميات «طنانة رنانة» وهي ليست أكثر من عيادات خاصة بتعرفة دخول سياحية. هذا الأمر طبعاً لا ينطبق على محافظة من دون أخرى، ولكن الأمر مبالغ به في العاصمة صنعاء، فأنت يمكن أن تستجم في أفضل فنادقها، خير لك من أن تدخل أحد المستشفيات للعلاج، مع أنه يُفترض أن تكون الراحة متشابهة؛ فإيجار الغرف متقارب، مع الفارق في الخدمة، في الفندق تجد كل وسائل الراحة بعكس المشافي التي تدفع فيها إيجار الغرفة لكن مع سوء الخدمة. يا ليت فقط تتوقف المعاناة عند الرقود في المستشفى، بل إنك عندما تأتي إلى هذه الفنادق - عفوا المشافي - ذات الأسماء «الطنانة الرنانة» وأسماء أصحابها التي تفتخر بالزمالات والصداقات للدول المختلفة - لعمل فحص؛ تنتظر وأنت تعد الدقائق حتى تلحق بالطبيب قبل أن يغادر، ولا تخسر قيمة مشواري تكسي ذهاباً وإياباً لتأتي موظفة المختبر تقول لك: «نعتذر؛ جهازنا توقّف عن العمل، ولن يأتي المهندس إلا في الساعة الفلانية»!!. كنت حاضرة وأنا أسمع الموظفة تخبر المرضى بذلك لأسمع المريض ينفجر: كل هذا المستشفى بطوله وعرضه وشنّته ورنته لا يوجد فيه إلا جهاز واحد؟!. وفي الوقت الذي تحاول الموظفة إقناعه بتبريرات مختلفة؛ لكنه توجّه إليّ بالحديث قائلاً: هل تعلمين يا أستاذة أنني في الزيارة السابقة لهذا المستشفى طلبوا مني عمل جهاز رنين مغناطيسي بثلاثين ألف ريال، وعندما أتيت بالنتيجة؛ قالوا لي لن تجد أفضل من كشافة بالصبغة وثمنها عشرون ألف ريال، وبغضب قال: كان من أولها..أما المستشفى الفلاني صاحب الاسم الكبير ذهبت إليه ولكنني لم أستطع الدخول إلى دورة المياه من قذارتها؛ هل هذه مستشفيات خاصة؟!. كان الرجل يتحدث بحرقة، والموظفة تقول له سوف نعيد لك نقودك، قال لها المريض لا أرغب حتى في استعادة النقود.. تمتمت الموظفة أيضاً بأن الأجهزة مكلفة وأن المشفى لا يملك خمسة عشرة مليوناً لشراء جهاز آخر, قد يكون كلامها صحيحاً؛ لكن مستشفى بذلك الاسم الكبير يستطيع أن يكون لديه موظف صيانة مناوب لكل الأجهزة. قيادات المستشفيات من المستثمرين الذين أطلق عليهم ذات يوم ملائكة رحمة لم تعد تهمهم ثقة المريض وصحته بقدر ما تهمهم استثماراتهم، فيمكن أن يحجز لدى الطبيب حالات تفوق الوقت الذي يمكن أن يظل فيه في العيادة، ولكن لا يهم مادام مقابل الدخول للطبيب فقط 3000 أو 4000 ريال، ثم لا يهم إن سمع الطبيب المريض وبجانبه ثلاثة مرضى ينتظرون دورهم, لا يهم أن يفرش المريض آلامه على مسمع ومرأى الآخرين، وأن تُنتهك خصوصيته مقابل أن يكسب الطبيب في يومه الآلاف على حساب الوجع الإنساني المتربع في قلوب مرضاه!!. للأسف تلك هي مشافينا، وخاصة في العاصمة صنعاء، وهؤلاء هم أطباؤنا ملائكة العذاب، وتُجار الوجع. رابط المقال على الفيس بوك