للأمية أشكال متعددة وأسباب كل منها عديدة ،فهناك الأمية الأبجدية والأمية الثقافية .. وهناك الأمية الدينية والاقتصادية وكذلك الأمية السياسية .. ولكل من هذه الأشكال سلبيات وأضرار مختلفة .. والأمثلة على ذلك والنماذج لكل شكل من أشكال الأمية واضحة ومعروفة .. فالأمية الأبجدية وهي من أسوأ وأخطر تلك الأشكال تتضح في أوساط المجتمع بصورة جلية .. ونماذجها متواجدة في العديد من المرافق والمصالح والهيئات العامة والخاصة وعلى وجه الخصوص المرافق الحكومية .. فما يحدث مثلاً في الموانئ الجوية ( المطارات ) من قبل العاملين بنقل حقائب المسافرين يعتبر مثالاً بارزاً لمساوئ الأمية .. حيث أنهم غالباً ما يضعون الحقائب في غير مواقعها ، فحقائب المسافر المتجه إلى الشرق توضع في الطائرة المتجهة إلى الغرب ( وعلى الله الركون ) .. مما يتسبب في معاناة المسافرين ومواجهتهم لمشكلات عديدة ، ورغم ذلك قد يجدون حقائبهم وقد لايجدونها ، وإن وجدت بعد عناء البحث وربما بعد أن تطوف على موانئ الكون .. وذلك بحثاً عن صاحبها لتصل في نهاية المطاف وهي في حالة يرثى لها نتيجة للتنقلات الإجبارية من ميناء إلى ميناء ومن مخزن إلى مخزن إضافة إلى تعرضها لعبث العمال .. وهذه احدى مساوئ الأمية الأبجدية دون جدال .. مع ملاحظة أن موضوع فقدان حقائب المسافرين بموانئ السفر الجوية قد طرح فيما سبق ، ووعد القائمون على هذه الشؤون مشكورين بتلافي هذا الأمر وعدم تكرار حدوث تلك السلبيات .. لكن الأمر بالفعل يحتاج إلى معالجة جذرية للمشكلة الأساسية، وهي العمل على محو أمية جميع العاملين في تلك المرافق والهيئات .. فأضرار الأمية ومشكلاتها لايقتصر حدوثها في مرفق أو مصلحة أو دائرة .. حيث تحدث في العديد من المؤسسات سواء المدنية أو العسكرية نتيجة لذلك البلاء الذي لامفر من مواجهته بجدية ومحاربته بصورة مستمرة .. ومن مصائب الأمية أيضاً ما يحدث لأبناء العديد من الأسر الذين يحرمون من التعليم ،وتدفع بهم أسرهم إلى العمل أياً كان نوعه ، وحتى الأطفال لم يسلموا من ذلك الحرمان وسوء المصير .. وكل ذلك بالطبع نتيجة للأمية التي يعتبر أهم أضرارها الجهل وعادة ما يقود إلى سوء التفكير والتدبير .. أما الأمية الثقافية فمن أهم ملامحها عدم توفر الوعي لدى بعض كبار المسؤولين في الدولة بأهمية دور الثقافة في حياة الإنسان،ولهذا ظلت نظرتهم إليها دونية .. وبتلك النظرة القاصرة ظلوا حجر عثرة أمام أي مشروع ثقافي معتبرين أن الثقافة من الكماليات ، مع أنها من أساسيات جميع الشؤون الحياتية .. والملمح الآخر هو إسناد مسؤولية بعض الشؤون الثقافية لكوادر غير مؤهلة لتحمل هذه المسؤولية .. وليس لديهم المستوى المطلوب أو الخلفية والوعي الثقافي الذي يؤهلهم للتصرف في مصير الشؤون الثقافية في البلاد ، وتلك الملامح كارثة في حق الثقافة وفي حق الإنسانية وإضرار فادح بالمصالح الوطنية .. وكذلك الحال بالنسبة للأمية الدينية التي يعاني منها العديد من الشباب نظراً لتلقيهم مفاهيم وأفكار مغلوطة على أيدي بعض المغالين .. أو عن طريق أناس ليس لهم أية علاقة بأمور الدعوة وشؤون الدين .. حيث غالباً ما كان يتم إيلاء أمور الدعوة لغير المؤهلين لها عديمي الكفاءة فاقدي البصيرة وحسن الطوية .. وقد عملت الجهات المعنية بالتوجيه والإرشاد فيما سبق مشكورة على عقد دورات تدريبية لإعداد الدعاة وتأهيلهم لهذه المهمة الدينية والإرشادية .. لكن الأمر مازال يتطلب تواصل عقد مثل تلك الدورات التخصصية .. بحيث يتم عقدها بين الحين والآخر لمواجهة حاجة البلاد للعدد الكافي من الدعاة الأكفاء ذوي العلم والخبرة الذين يتسمون بالاعتدال والوسطية .. بعيداً عن المصالح الحزبية .. وأخيراً الأمية السياسية التي تتعدد أمثلتها في البلاد ويتصدرها عدم الاهتمام المطلوب لدى العديد من أفراد المجتمع بالممارسة السياسية كالانتخابات النيابية والمحلية .. والمثال الآخر على هذا النوع من الأمية هو العمل العشوائي في بعض الأحزاب السياسية أو تغليب المصالح الذاتية على المصالح الوطنية .. وذلك تشويه صارخ للممارسة السياسية .. وتندرج في هذا الإطار الأمية في العمل الدبلوماسي جراء عوامل عدة يعلمها ذوي الحل والعقد .. والنتيجة إخفاق بعض الكوادر المقحمة ضمن الدبلوماسيين الذين يشغلون مراكز مهمة في السفارات بالخارج وللأسف أن أولئك يُتركون على ذلك الحال دون توجيه أو حتى كلمة نقد .. برغم أنهم ربما يمتلكون القدرة على أداء أعمال أو مهام أخرى في مواقع عمل أخرى وفقاً للتخصصات .. ليُترك العمل الدبلوماسي للكوادر المتخصصة التي تتركز مهمتها في تطوير علاقات اليمن بالدول التي يعملون بها في مختلف المجالات .. سواء المجالات السياسية أو الاقتصادية أو المجالات الثقافية والإعلامية .. إضافة إلى أداء واجبهم في رعاية المواطنين أو الدارسين اليمنيين المتواجدين في البلدان العربية أو الأجنبية .. تلك هي أشكال ومشكلات الأمية وأضرارها على مختلف المستويات وذلك يؤكد بأنها بالفعل أس المشكلات وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك