عندما حذرنا من استخدام المصطلحات السياسية دون معرفة تامة بمدلولاتها كان الهدف أن لانقع في المحذور عند بناء أو صناعة الدستور بمعنى أن يكون هناك إدراك كامل أو تحديد إجرائي لمعاني المصطلحات حتى لاتخضع للتفسيرات والرغبات والأهواء الشخصية أو الفئوية, وقد لاحظت على بعض أطروحات الحوار الوطني افتقادها إلى التحديد أو التعريف الإجرائي للمصطلحات ومن ذلك على سبيل المثال الفدرالية ماهيتها وأصلها, سنجد أنها كلمة غير عربية ترجمت بطرق مختلفة, البعض يرى أنها “تعني نظاماً إدارياً” والبعض الآخر يرى أنها “نظام سياسي”, وهذا الرأيان لهما أهدافهما ومدلولاتهما التي ينبغي الوقوف عليها بجدية مطلقة فإن كان المعنى إدارياً فهذا يعني أنه يعالج المركزية الإدارية والمالية التي لاتتناقض مع الدولة الموحدة البسيطة مطلقاً, وإن كان المعنى سياسياً فذلك الخطر الذي نحذر منه ولايقبله أبناء اليمن الواحد والموحد. إن المعنى السياسي للفدرالية يقسم اليمن جغرافياً إلى دويلات صغيرة ناقصة السيادة مرحلياً ويكون النقص فقط في الجيش والخارجية باعتبارهما يتبعان الدولة الاتحادية, وهنا مكمن الخطر الذي ينبغي التنبه له وعدم السكوت عليه, بل ينبغي بيان خطورة ذلك على مستقبل أجيال اليمن, وينبغي أن يدرك الجميع أن الفدرالية بهذا المفهوم تمهيد لتمزيق الوطن الواحد والهوية الواحدة, ولو تمعن اليمنيون الأحرار في أصل هذا المشروع التمزيقي سيجدون بأنه ليس مخرجاً وطنياً ولا عربياً ولا إسلامياً وأنه بذرته الأولى طرحها الاستعمار البريطاني تحت عنوان كبير: “فرق تسد” عندما كان مسيطراً على جزء غال من اليمن الكبير الموحد. إن الفيدرالية بهذا المعنى الذي يريد أن يفرضه علينا من في قلبه مرض الولاء لغير اليمن لايمكن أن يحقق الخير العام للوطن اليمني الواحد ولا للأمة العربية والاسلامية بقدر ما يريد فرضه في البلدان العربية خدمة لاسرائيل ليظل الصراع بين الدويلات الصغيرة ليتاح المجال أمام الكيان الصهيوني للتوسع في الوطن العربي الكبير, ولذلك أدعو جميع أحرار اليمن إلى رفض المخطط الاستعماري والاعتماد على الخصوصية اليمنية البشرية والجغرافية في تحديد المصطلحات وتعريفها إجرائياً بما يخدم الدولة اليمنية الواحدة والموحدة والقادرة على البناء والإعمار بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك