رحم الله عمر الجاوي وهو الذي بقي في وجدان شعبه، ذلك الإنسان والمثقف العضوي والسياسي المناصر لقضايا مجتمعه في الشمال والجنوب, والذي لو كان بيننا اليوم ورأى ما رأى من تخبُّط إدارة الفشل حتى في الفشل بوزارة الثقافة, والتي جاءت من حصة حزبه, لاستفادة وزير أكاديمي للثقافة, كان سيطالب على وجه السرعة بأن تلغى وزارة الثقافة كونها لا تمثّل أي معطى لاستراتيجية وطنية ولا أي مؤشر للاستنارة والثقافة وخدمة الإبداع والمبدعين والمجتمع, ولا تعكس أيضاً سوى حجم الفساد الثقافي والسياسي الحاصل. يكفي أن تدل المرء العابر في التحرير النفايات والقمائم المكدسة والروائح الغريبة ليعي دونما سؤال أن ذلك إنما يؤدّي به إلى وزارة تُعنى بالثقافة مع كبير أسف. وزير رحال في الجو ووكلاء يتبندقون بالمصطلحات وبدل السفر، وأما الثقافة وامتيازات تجارب المبدعين في وادٍ مغيب إلى أجل غير معلوم, المصالح الضيقة تتصدّر أجندة الوزارة في السفرية والاستجمام, وبقيت الثقافة في ظلهم مجرد زعقة كلام لأناس متندرين بالفاقة ولا علاقة لهم بالأدب والفكر والفن والثقافة غالباً من قريب أو بعيد بالضرورة في حين بقي الاستئثار والاستحواذ هو سيد الموقف. المبدع الحقيقي في اليمن يموت جوعاً فيما أصحاب القرار في الوزارة يدّخرون الدولارات ويراكمون الأرصدة على جثة الثقافة اليمنية ويمثّلون حالة شاذة عن بقية نظرائهم في حقائب الثقافة وحتى على مستوى العالم على الأرجح بمقياس "ريختر" بات يشكّل ظاهرة لافتة في السفريات ودون جدوى تستهدف خدمة الثقافة والإبداع والمبدعين والمجتمع, في وزارة الثقافة متنفّذون أبعد ما يكونون عن الثقافة, مجرد كائنات كانت جائعة وانقضّت بجوعها لتأكل وتقصي وتتأمل بنفعيات وهشاشة غاياتها وبعيداً عن خدمة الثقافة حتى وهي واليمن تمر بمرحلة خطيرة تحتاج من كل مسؤول أن يراعي ذلك بضمير, لكن بقيت أمزجة مسؤولي الوزارة ممعنة في اللا مبالاة بتجارب المبدعين من غير المزيفين, وكان الأحرى بالوزير عوبل أن لا يفوته إبداع بعض الشباب اليمني وحتى لا يحرق كرته كما يحدث كان عليه أن يبقى في جامعة عدن يؤدّي رسالته كأكاديمي, لعل ذلك كان سيكون أجدى له بكثير من أن تتحوّل وزارة الثقافة في ظلّه إلى مجرد مكتب سفريات ودون جدوى تعود على المجتمع والثقافة بنفع ما, فيما بقي النفع والانتفاع محتكراً ومتقاسماً في امتيازاته بظلال غارقة بالسفريات والبنكنوت..!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك