التوازن الذي ينبغي أن تحافظ عليه الأحزاب السياسية يعتمد على الاعتدال في طرح الوعود والواقعية في التعامل مع الجماهير والحرص المطلق على الوفاء وعدم التلاعب بالألفاظ بهدف تتويه المواطن وممارسة التدليس عليه وإخفاء الحقائق والكف عن تبرير الفشل بالبحث عن أخطاء الآخرين لتغطية الإخفاق أياً كان، لأن الشعب لن يقبل بتلك التبريرات الغوغائية والاستخدام الفج لأخطاء الآخرين. إذا لم تكن القوى السياسية قادرة على التعامل مع مخرجات الأقوال التي ملأت فضاءات عقول الناس خلال فترات طويلة عن أساليب وأعمال للآخرين صوّرتها بأشد الألفاظ سوءاً التي تعجز عن حصرها قواميس اللغات وتعتقد أن الناس قد نسوا ذلك الحشو المجنون فإنها غير قادرة على احترام العقل ومن لا يحترم العقل لا يمكن أن يُركن عليه في إدارة شئون الحياة السياسية وقد قلنا: إن ذاكرة الشعب لم تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها ، وفي لحظات معينة تعمل ذاكرة الشعب على استرجاعها ومقارنتها بواقع الفعل لتلك القوى لتجد الفاجعة غير المتوقعة التي تخلق ردة الفعل المنفرة وغير القابلة بما ستقوله أو تفعله تلك القوى، إن التوازن والاعتدال والرشد في القول وعدم الفجور في الاستخدام لأخطاء الآخرين لم يعد ضرورياً لقبول القوى السياسية جماهيرياً فحسب بل بات ضرورياً للحفاظ على بقائها واستمرارها وتجديد مصداقيتها لخلق القناعة ومد جسور الثقة بينها وبين القوى السياسية الأخرى، ومن جهة أخرى مع القواعد الشعبية التي تمتلك الذاكرة الشعبية الراصدة والمحتفظة بأقوالها المختلفة. إن التوازن والاعتدال في كل أمور الحياة البداية العملية التي ينبغي ان تنطلق منها القوى السياسية معمداً بالصدق المطلق منزهاً من التدليس مبرأة من الاعتقاد أن الغاية تبرر الوسيلة مقروناً بقوة الانتماء لقدسية التراب الوطني بعيداً عن التبعية الخارجية أياً كان شكلها أو نوعها ويخدم حصرياً السيادة الوطنية ويُعلي سيادة الدستور والقانون ويقدم المصالح العليا للوطن على المصالح الخاصة ومتى ما توفر ذلك بقوة لدى الأحزاب السياسية فإن الإرادة الشعبية صاحبة الحق في منح الثقة ستتحرك مع من يعمل من أجل تجميع عناصر القوة القومية للجمهورية اليمنية من أجل إعادة وإعمار اليمن والانطلاق من صوب المستقبل المشرق بإذن الله.