عامان وسبعة أشهر مضت على توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة بشأن الأزمة السياسية التي عصفت بالوطن في العام 2011م وكادت أن تودي به إلى هاوية سحيقة، وبموجبها تم تشكيل حكومة وفاق وطني مناصفة بين المؤتمر وحلفائه وتكتل المشترك وشركائهم وانتقال السلطة سلمياً من رئيس الجمهورية السابق الأخ علي عبدالله صالح إلى الرئيس المنتخب الأخ عبدربه منصور هادي في فبراير 2012م، وعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي استمرت أعماله للفترة من 18مارس 2013 وحتى 25 يناير 2014م ومثّلت مخرجاته خارطة طريق للوطن والشعب اليمني للانتقال إلى اليمن الجديد وبناء الدولة المدنية الحديثة. إلا أنه وللأسف الشديد مازال البعض من القوى السياسية والاجتماعية يستجرون الماضي ويعمدون إلى خلط الأوراق سواء من خلال الأعمال والممارسات والسلوكيات غير السوية أم من خلال الخطاب السياسي والإعلامي المأزوم الذي يتنافى مع روح الوفاق الوطني والتوافق السياسي الذي تم في نوفمبر 2011م ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، حيث مازال الخطاب السياسي والإعلامي لبعض الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية بنفس الوتيرة التي كان عليها في العام 2011م يغلب عليه الطابع الاستفزازي والتحريضي والتهكُّم والإساءة وإلقاء التهم الجزافية وإنكاء الجراحات وبث الأحقاد والكراهية وتكريس ثقافة الانتقام بين أوساط المجتمع وانتهاج سياسة خلط الأوراق من خلال افتعال العديد من المشكلات والأزمات والمحاولات العديدة لتغذية صراعات عبثية ستعيد البلاد إلى المربع الأول الذي كانت عليه في العام 2011م، ويتضح ذلك جلياً في الاستهداف الممنهج لقيادات وكوادر المؤتمر والمتمثّل بجرائم الاغتيالات والاعتداءات المتواصلة وكذا السعي الحثيث إلى إيجاد انقسام في قيادة المؤتمر والتدخُّل في شؤونه الداخلية. كما أن لعبة خلط الأوراق تتكشّف بصورة جلية من خلال العمل وفق خطة ممنهجة لإحداث حالة من اللا أمن واللا استقرار والزج بالقوات المسلّحة والأمن في المواجهات المسلّحة العبثية بين تيارين دينيين متصارعين في نفس الوقت الذي يخوض فيه أبطال القوات المسلّحة والأمن معركة مصيرية لتطهير الوطن من آفة الإرهاب العابر للقارات والإرهابيين الذين تم إجراء غسيل مخ لهم ومن ثم تدريبهم وإعدادهم روحياً وبدنياً وتزويدهم بكافة الإمكانات المالية والمادية لارتكاب أبشع الجرائم الإرهابية التي تستهدف بشكل أساس قيادات وأفراد القوات المسلّحة والأمن وقيادات سياسية محدّدة، وهو ما يعني أن هناك مخطّطاً لتدمير إمكانات وقدرات الجيش والأمن البشرية والعسكرية كما حدث في الصومال والعراق وليبيا وما يحدث في سوريا ومصر. وتتكشف لعبة خلط الأوراق كذلك من خلال الاعتداءات المتواصلة على شبكة وأبراج الكهرباء وأنبوبي نقل النفط والغاز والتقطُّعات، وافتعال أزمة المشتقات النفطية بهدف إيصال المواطنين إلى أقصى حالة من الإحباط والاقتناع أن ما حدث في العام 2011م من توافق وطني وتوافق سياسي لم يكن في صالح الوطن والشعب، وأن تقاسم السلطة والشراكة الوطنية في قيادة البلاد لم ولن يمكّن الطامحين والطامعين في السلطة الانفراد بها كلياً؛ ولذلك نجدهم يستخدمون لعبة خلط الأوراق بكل الوسائل والأساليب وهم بذلك يلعبون ببقايا النار التي كان قد تم إخمادها في العام 2011م بفضل من الله تعالى أولاً وحكمة العقلاء والحكماء من أبناء الشعب اليمني وتعاون الأشقاء والأصدقاء ثانياً، فهم يريدون أن يشعلوا تلك النار من جديد والتي لو اشتعلت – لا سمح الله - فستحرق الأخضر واليابس، وسيكتوي بنارها الجميع ولن يسلم منها أحد، وصدق المثل القائل: «النار ما تحرق إلا رجل واطيها». على قيادات الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية وأصحاب المشاريع الصغيرة والأجندات الحزبية والشخصية أن يراجعوا حساباتهم قبل فوات الأوان، ويعتبروا مما يدور في الصومال والعراق وليبيا وسوريا، عليهم أن يتقوا الله في وطنهم وشعبهم وكذلك في أنفسهم فلن يكونوا في مأمن إذا اشتعلت النيران لا سمح الله كفى خلطاً للأوراق، كفى إذكاءً للأحقاد والضغائن والكراهية، كفى إذكاءً لنار الانتقام. رابط المقال على الفيس بوك