حتى ما قبل مئتي عام بالضبط كانت كلمة “الشيخ” ترادف الورع والتقوى والزهد؛ لأنها كانت محصورة في مجموعة من البشر ممن تميّزوا بتلك الصفات بالذات. الشيخ محيي الدين بن عربي، شيخ مشائخ الصوفية، الشيخ عبدالقادر الجيلاني، الشيخ أحمد بن علوان، الشيخ العالم بن الفارض، كلمة ارتبطت بأهل العلم والدين والتقوى والزهد. لكنّ،، لكنّ الكارثة وقعت وأغلق باعة الياسمين أبواب محلّاتهم بتوقف ظهور مثل هؤلاء المشائخ ومغادرة من تبقّى منهم الحياة؛ إذ حلّ آخرون محلّهم. في البدء تصوّر عامة الناس أن إصباغ أسمائهم بصفة «الشيخ» سيجعلهم يتمتْعون بصفات المشائخ، لكنّ ذلك لم يحدث مطلقاً؛ اذ كانت طبول الشيخ تدق معلنة مرادفات أخرى لهذه الكلمة السحرية..!!. *** ومن دون أن يكتشف أحد ما أن الشيخ لا يُسمّي أو يلقّب نفسه؛ لأن المشيخة صفة يمنحها الناس؛ مضى الجميع حتّى وصلت سفينتهم بقيادة هؤلاء المتمشيخين الجدد إِلَى الهاوية..!!. طيلة المائة العام الأولى والعنف ينتشر باسم المشيخة والشيخ، رقعة المناطقية التي وسّعها الشيخ وابنه وحفيده تزداد، مساحة الإيمان بالآخر تضيق، ازداد ضيقها حتّى انحصرت في الشيخ وأتباعه، وما دونهما مجرد “غنيمة”. *** في المئة العام الثانية تكرّس مفهوم جديد للمشيخة ما عرّض الصفة القديمة النبيلة ل«الشيخ» لضربة قاصمة، وبات إخراجها من القاموس اللغوي والذي يعني أو يرادف المعلم والمربّي والتقي ضرورة ملحّة، لكنّ هل إخراجها بالضرورة أن يؤدّي إِلَى وضع تعريف جديد لها يُشابه تعريف كلمة من مثل “القاطع” أو “الحرّاب”..؟!. لا عاقل يظن ذلك، فتلك الكلمة التي ارتبطت بالزهد والتقوى والعلم يجب أن تبقى في مكانها القديم النبيل، فربما تعود المشيخة الحقيقية إِلَى الصدارة، وذلك بظهور مشائخ ما قبل المئتي عام الحقيقيين، ومعه يعود عقل الناس وقاموسهم أيضاً..!!. [email protected]