يرى كثير من المهتمين بشئون الشباب، والمتخصصين كذلك، أن وجود (القدوة) الحسنة في حياتهم، أمر من شأنه أن يساعدهم على المضي في حياتهم بشكل يحاول الاقتراب من قدوتهم، وبالتالي الاسهام المباشر في نجاح هؤلاء الشباب في حياتهم، ما يعني بالضرورة نجاحهم في مجتمعهم، وجميعنا يعلم أن الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل. والناظر الى حال الشباب اليوم، بشكل عام، سواء على مستوى الوطن العربي، أو على المستوى المحلي، يجده يفتقر الى وجود مثل هذه القدوة الحسنة في حياته، على الرغم من وجود استثناء في صفوف الشباب يفخر ويفتخر بهم المرء أينما حلوا وطلوا، لكنه أمر يظل استثناء، فالمتابع لوسائل الإعلام التي تُعنى بشئون الشباب، والصحف، يصل الى مثل هذه النتيجة، ويكتشف أيضًا أن كثيرًا من هؤلاء الشباب والشابات، بفعل أسباب كثيرة ومتعددة الألوان، أصبحوا يتحدثون بل وينظرون الى نماذج معينة في غناء الوقت الحاضر بمثابة القدوة التي يقتدون بها في حياتهم ويفتخرون بها لمجرد أن هذه المغنية المشهورة ظهرت أكثر جمالاً بعد عملية جراحية لنفخ الشفتين وما يوجد على الصدر من نهدين!، وكذلك الأمر بالنسبة الى نجوم ألعاب رياضية لمجرد قصة شعر جميلة أو قُل غريبة أظهرت أصحابها ب(نيو لوك)..! اختلفت نظرة كثير من شباب اليوم، الى مفهوم القدوة، ولم يعد كما كان الأمر في السابق، يعتمد على أسباب (جوهرية) يمكن الاشارة اليها بالبنان التقديري إعجابًا سواء في العلم، أو الأدب مثلاً، أصبح أمر القدوة في صفوف كثير من الشباب يعتمد على أشياء (سطحية) ولا يمكن لها أن تحدث (شيئًا ما) له (قيمة) في حياتهم أو ذا مردود ايجابي، بالضرورة، على المجتمع. بالتأكيد لا يتحمل هؤلاء الشباب والشابات وحدهم وحسب، ما باتوا عليه، وما سيصبحون عليه في المستقبل، فالكبار أيضًا؛ حكومة ومعارضة ومنظمات المجتمع المدني، يتحملون نسبة قد تختلف في مئويتها بين هذه الأطراف!، لكننا سنتفق في أن هؤلاء الكبار يتحملون هذه النسبة الى جانب الشباب وأولياء أمورهم بدرجة رئيسة، وسوف أوجز في هذا المقام على دور أولياء الأمور الذين لم يعودوا يتفرغون لأولادهم الشباب للجلوس معهم، ومحاورتهم بما يتناسب وعمرهم الذي لم يعد ينفع معه سلوك معاملة أطفال الروضة..! يُمكن لأي ولي أمر أن يشرح مثلاً، إن كان على اطلاع بما يدور من حوله وما صار يهتم به ابنه الشاب، الجانب الايجابي في شخصية رياضية معروفة على مستوى العالم مثل (ديفيد بيكهام) وقد صارت قدوة لابنه الشاب، ولا ينظر فقط الى الجانب السلبي كقصة شعره وحسب، أو بعض تصرفات خاطئة صدرت منه هنا وهناك على اعتبار أن جميعنا نرتكب (أخطاء) في حياتنا؛ يقوم بيكهام بأشياء كثيرة ايجابية في حياته وحياة ملايين من الأطفال في عالمنا من خلال مشاريع تهتم بحياة الفقراء منهم والمحتاجين، ويقود حملة تبرعات كثيرة للمرضى بأمراض خطيرة ومستعصية، انطلاقًا من أن بيكهام ذاته، وأسرته أيضًا، يدركون معنى أن يكون المرء فاعلاً في مجتمعه وكيف (يساعد) الآخرين، وبشكل ايجابي (عملي)، فهم عانوا كثيرًا في حياتهم قبل أن يصبح ابنهم ديفيد مليارديرًا، لكن هذا النجم ظل على حاله متواضعًا، وكريمًا، ويقدم أنموذجًا كنجم في عالم الرياضة يعمل على تسخير ما يمتلكه في جوانب (إنسانية) صرفة تستحق الاحترام والتقدير.