في كل مجتمع توجد عناصر أو أفراد تتميز باستعدادها لتولي القيادة لأسباب عدة بينما يتبعهم الآخرون فيما يملى عليهم من توجيهات من القادة، والقيادة مظهر اجتماعي طبيعي منذ القدم ومتعارف عليه وليس جديداً علينا، لكن الجديد هنا في الآونة الأخيرة طفا على السطح مصطلح القيادة الذي يختلف عن الإدارة والذي بدأ يأخذ حقه في إقامة الورش والندوات والدورات التدريبية للتعريف به مما زاد في تسليط الضوء على اختلافه عن الإدارة أو الرئاسة من ناحية الماهية والوظائف والأهمية، وسبب التركيز على مجال القيادة هو اللبس الواقع، فالكثير يخلط بين القيادة والإدارة ويظن أنهما وجهان لعملة واحدة والحقيقة أنهما مختلفان من عدة أوجه أبسطها يمكن للقائد ان يكون مديراً، لكن لا يمكن للمدير أن يكون قائداً.. هذا مثل بسيط لكن تعال عزيزي لنتعمق أكثر. التعريف وضعت تعريفين للقيادة القيادة من الناحية الوظيفية: هي تأثير شخصي متداخل تمارس في موقف محدد محاولات من جانب القائد (المؤثر) للتأثير على سلوك الأتباع (المتأثرين) من أجل تحقق هدف معين. أما من الناحية الشخصية: فهي اتجاه وموقف تظهر فيه الصفات القيادية لتحمل المسئولية، نعود قليلاً للتاريخ تحديداً لدولة المماليك التي كانت تعصف بها صراعات سياسية وغياب الملك بسبب مقتله، كانت البلد تائهة نتيجة الوضع مما شجع التتار على الهجوم على مصر بعد أن دمروا بغداد، وفي خضم الأزمة ظهر من بينهم قائد شاب يدعى «قطز» تصدى لهم وتحمل المسئولية كاملة بسبب أن صفات القيادة فرضت عليه ذلك.. تماماً مثل الذي يهرب من المواقف المشابهة بسبب صفاته الشخصية أيضاً، وهذا مثل واضح على المواقف التي يظهر بها القائد والتابع. وظائف القيادة وظائف القيادة والإدارة ستعرّفنا أكثر الفرق بين القيادة والإدارة ولماذا لا يمكن للمدير أن يكون قائداً. 1 – إن القائد يستمد سلطته ونفوذه من صفاته الشخصية القيادية وتأثيره على الآخرين ليطيعوا أوامره عن اقتناع ورضا، المدير يستمد سلطته ونفوذه من موقعه الإداري الذي يحتم على الآخرين اتباعه. 2 – القيادة تهتم بالعلاقات الإنسانية والمستقبل وتلعب دور القدوة والاهتمام بالأمور المهمة، كما أنها تهتم بالتوجهات الاستراتيجية والتخطيط والرؤية، بينما الإدارة تهتم بالعمل والإنجاز في الوضع الآني والأداء في الوقت الحالي وتمارس السلطة عبر اللوائح كم أرباحنا حجم مبيعاتنا؟ وتهتم بالمعايير وإتقان العمل.. باختصار القيادة تهتم بالإنسان والإدارة تهتم بالإنتاج وأنا لا أنتقص من حق الإدارة، بل للإدارة أهمية كبيرة إلى جانب القيادة فكلاهما مكمل للآخر، ففي الهياكل الإدارية نرى المستويات العليا (القيادة) تضع الاستراتيجيات وتضع الحلول، والمستويات التي تحتها (الإدارة) تضع الخطط التشغيلية وتنفذها فكلاهما مهم. صناعة القائد السؤال هنا هل يمكن ان نصنع قائداً؟ اختلف علماء النفس والإدارة والاجتماع حول صناعة القيادة، حيث تتعارض آراؤهم حول جوهر القيادة والقائد. النظرية الأولى: القيادة الموروثة: تذهب هذه النظرية إلى أن سلوك القيادة ما هي إلا نتيجة لمجموعة من السمات والخصائص التي توجد في الأفراد منذ الولادة وأن هناك أشخاصاً يولدون ليكونوا قادة بمعنى أن القائد يولد قائداً وأن القيادة موهبة تولد مع صاحبها وفطرة موجودة معه منذ أن رأى النور وتحتاج إلى اكتشافها ولا يمكن اكتسابها، فهي مزيج من الشخصية والحكمة التي لا يمكن تعلمها. أما النظرية الثانية: القيادة المكتسبة: تقوم هذه النظرية على أساس أن القائد يكتشف صفات القيادة الناجحة نتيجة عمله في الجماعات ونتيجة ممارسته أعمالاً قيادية لقيادة أفراد، أي أن قلة من القادة يولدون كذلك فإن القيادة يمكن أن يتم تعلمها واكتسابها لأنها عبارة عن مهارات يمكن أن تنظم بشكل تدريبي أو تعليمي. النظرية الثالثة: الجمع بين الوراثة والمكتسبة (الكارزما): وهي تجمع بين النظرية الأولى والثانية وهي باعتقادي الأفضل، حيث تقول إن القيادة تنقسم إلى جزأين جزء يمكن تعلمه مثل الاتصال والتواصل النظرة الاستراتيجية.. أما ما لا يمكن تعلمه هو المشاعر والعاطفة وسرعة البديهة والاهتمام بمن حولك وهي الصفات التي تحببه بمن حوله قال تعالى: «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».. ومع ذلك يجب أن تدرب وتجهز وتصقل الصفات الفطرية لتجهز الشخصية القيادية تماماً مثل ما جهز الأنبياء والمرسلون في قوله تعالي لموسى: «ولتصنع على عيني»، فالصفات الشخصية لابد أن تتبعها مهارات تدرب في فترة ما قبل الرسالة التي يقدمها الأنبياء أو نقدمها نحن. * مدرب في الإدارة والتسويق