بداية المسرح في اليمن على الرغم من ان المسرح يعتبر من الفنون المستحدثة في حضارتنا العربية ولم ينهِ قرنين من عمره.. ظهر في تاريخ المسرح اليمني القصير اول عمل مسرحي في مدينة عدن 1910م بعنوان «يوليوس قيصر»، وهو اول عمل مسرحي على مستوى الجزيرة والخليج اعقبتها مسرحيات اخرى عام 1947م بأداء وتمثيل يمني ثم ظهرت على التو عدد من المسرحيات الناقدة ذات المضمون الاجتماعي والسياسي النقدي ضد الاستعمار على امتنا العربية ، حيث زجت السلطات البريطانية في عدن بالممثلين في السجون، وفي عام 1957م ظهرت فرقة مصافي عدن للتمثيل، وفي هذه الفترة برز عدد من الرعيل الاول من الممثلين امثال الدقمي وسعيد لامبو وعلي كعدل. كما ظهر عدد من الممثلين المسرحيين من الرواد امثال فيصل بحصو وعلي مسيبلي والرخم ، ومن المؤلفين المسرحيين امثال عبدالمجيد القاضي وحسين سالم باصديق واحمد صالح الشاعر، وسعيد عولقي وعبدالمنان.. ومن مؤلفي المسرح الغنائي لطفي جعفر امان واحمد الحمري ، ومن الممثلات نجلاء شمسان وهدية احمد سعيد ، ومن نقاد المسرح احمد الريدي ود/عمر عبدالله صالح، ومن المخرجين المتميزين الذين اعقبوا جيل الرواد امثال عمر مكرم، ومن الموهوبين الممثلين شكيب عوض، ومحمود اربد، وجعفر احمد علي، وعلي صالح بن صالح وعبده غرامة ومن فرقة مصافي عدن السيد حسن صالح. نهوض بين المد والجزر!! استمر هذا النهوض حتى اوائل الستينيات ثم خضع للمد والجزر ثم النهوض والهبوط في فترة السبعينيات حتى كان المسرح ملتزماً لايديولوجية النظام الشمولي في المحافظات الجنوبية حينها حيث خدم المسرح السلطة في حين أن السلطة لم تخدم المسرح وفرضت على المسرح ستاراً حديدياً والتنميط في الابداع تحت مسمى العمل المسرحي البروليتاري، ولم يترك مجالاً لحرية التنوع الابداعي والنقد المسرحي او للمدارس الاهلية المسرحية المتنوعة.. وأمم المسرح الاهلي او التابع للقطاع الخاص واحتكرت الدولة المسرح تحت مسمى المسرح الحكومي او المسرح الوطني واقفلت الاجواء والنوافذ الابداعية امام زهرات المسرح التي لم تتفتح الا في ظل الوحدة اليمنية المباركة، وفي ظل التنوع والتعدد والمدارس المسرحية المتنوعة والفن الابداعي الحقيقيين في اطار الوحدة. المسرح اليمني في العصر الحديث وعبر هذه المسيرة عزز المسرح اليمني موقعه بين كل الفنون فأنشئت الفرق المسرحية في عموم المدن الرئيسية مثل صنعاء وتعز وعدن وحضرموت ولحج وأبين والحديدة وخرج العديد من المسرحيين الذي ابدعوا اكثر وتعزز ذلك عبر دراساتهم في جامعات العالم وهاهم الآن يبدعون اكثر في ميدان المسرح الذي تدعمه الدولة وله مؤسساته في كل المحافظات عبر المؤسسة العامة للسينما والمسرح. مرحلة نضوج المسرح اليمني المسرح في العشرينيات والخمسينيات والستينيات في عدن لعب دوراً مهماً وكان متواجداً باستمرار بالرغم من عدم وجود التكتيك في الاخراج والامكانات المتواضعة ولا يوجد تكتيك إضائي او غيره إلا اننا اوجدنا جمهور مسرح وأوجدنا الممثل والكاتب والمخرج وكانت هناك تمثيليات ذات مضمون عن واقع اليوم تتناول القضايا والعلاقات الاجتماعية ونقد الواقع الاجتماعي في الارياف والمدينة وفي المستعمرة عدن وفي كشف سياسة الاستعمار البريطاني الى جانب التمثيليات ذات المضامين التاريخية العربية والاسلامية وذات الطابع القومي وظهرت عدد من الفرق مثل (فرقة الجنوب) و(فرقة المصافي) و(مركز المنصورة الاجتماعي) و(فرقة مسرح القوات المسلحة) و(فرقة وزارة الثقافة) الى جانب المسرح المدرسي وهو المنهل لتخريج الممثلين المعروفين .. اما في ما يتعلق بالتكتيك - فالحقيقة ان التكتيك المسرحي كان قاصراً، لكن للأمانة ان من اوجد التكتيك المسرحي الحقيقي على خشبة المسرح هو الفقيد المخرج المسرحي فيصل علي عبدالله الذي درس في القاهرة في هذا المجال وكانت له بصمات واضحة في مسرحيات كثيرة وانا شخصياً استفدت منه في الاخراج ولقد اقتديت بهذا الفنان الذي يعد اول من اوجد تكتيكاً اضائياً بدلاً عن الحائط الرابع (الستار) وقد مثلت معه في عدد من المسرحيات مثل (مسرحيات الكنز والصياد والجيل ومزهري الحزين والأرض).. فهو الذي نقل التكتيك من القاهرة اثناء دراسته هناك على حسابه الخاص، واقول اذا أردنا ان نثبت قاعدة مسرحية عريضة لا متدنية علينا ان نهتم بالجيل الجديد ونعطيه اهتماماً واسعاً ولا نحتكر اعمالنا لأنفسنا وفي الحقيقة فإن الجيل الجديد قد اوجد جمهور مسرح ، فعلى سبيل المثال قد اعجبت بالأعمال المسرحية التي عرضت خلال ايام عيد الاضحى في (سينما هريكن) واعجبت بمضامينها الاكاديمية وباطارها العام الكوميدي. إجمالاً ان هذا يعطي صورة واضحة عن مراحل نمو وتطور الحركة المسرحية اليمنية التي ارست مداميك حية في هذا النوع من الفن الابداعي الرائع.