هل سمعتم عن التنمية الظالمة..؟ إنها موجودة..وقد نمارسها أحيانا, عن قصد..أو دون قصد..وقد يكون بدافع من عادات وتقاليد أو قيم معينة. عندما نبني مدرسة ويصعب وصول ذوي الإعاقات إليها فإننا نكون قد مارسنا التنمية الظالمة..عندما نبني مدرسة للفتيات ونكون قد وضعناها في وسط سوق فإننا بذلك نكون قد منعنا جزءاً كبيراً من الفتيات من الوصول إليها.. (بسبب خوف أولياء الأمور على بناتهم) وبذلك نكون قد مارسنا التنمية الظالمة. عندما نشيد بركة ماء ولا نراعي فيها سهولة وصول الكبار والصغار إلى مياهها كأن تكون درجاتها متباعدة أو تكون وسط سوق فإننا بذلك نكون قد مارسنا التنمية الظالمة فبسبب ذلك التصميم أو ذلك المكان سندفع الأطفال والنساء وكبار السن إلى ترك تلك البركة وجلب المياه من برك بعيدة. من الأمثلة السابقة نلاحظ إننا نسينا أو تناسينا مكونات هامة في المجتمع فنحن نتذكر السليمين وقد ننسى ذوي الإعاقات..نتذكر فئات معينة وننسى فئات أخرى..نتذكر الرجال ونغفل النساء والأخير هو أهمها لأننا نتذكر نصف المجتمع وننسى النصف الآخر. إننا حينما نتحدث عن التنمية الظالمة نعني بها تلك التنمية التي ننسى فيها الكثيرين عن قصد أو دون قصد وبدوافع عديدة قد تكون عادات وتقاليد أو أعراف وقوانين ولكن ذلك ليس مبرراً لأن ننسى كل هؤلاء الناس، لأنهم جزء من وطننا ولهم حق المواطنة الكاملة. إننا لسنا مضطرين للذهاب بعيداً في ضرب الأمثلة، فأولئك الناس هم جزءٌ من مدينتي أو قريتي أو قبيلتي، بل هم جزءٌ من أقاربي وأسرتي, لذلك من الظلم أن ننساهم عند تخطيط مشاريعنا أو في أي مرحلة من مراحل تنفيذ تلك المشاريع. قد نقول: أننا لم ولن ننسى تلك الفئات، ولكن الواقع يقول غير ذلك فهناك فئات من المجتمع لم تتمكن حتى الآن من أن تستفيد من خدمات التعليم المتوفرة, ومن العجيب أن نعتقد من وجهة نظرنا أنهم لا يرغبون في التعلم ... بل نذهب أكثر من ذلك إذ نعتقد أنهم لا يريدون أن يتنظفوا.. أو يتداووا.. أو يسكنوا في مساكن آمنه.. يا للعجب !!. هل أولئك الناس لا يريدون تلك الأشياء، أم إننا نحن لم نستطع أن نفهمهم ونفهم أدوارهم(أعمالهم) التي كلفهم بها المجتمع بل لم نفهم احتياجاتهم التي تنبع من تلك الأدوار المفروضة عليهم..؟ ما سبق كان عبارة عن مقتطفات مقتبسة من دليل “مع الناس” للأستاذ محمد المداني..ونحن نشاركه الرأي في ذلك وهذا هو واقعنا حيث اليوم كثير من الجهات سواء كانت حكومية أم منظمات مجتمع مدني أم جهات ومنظمات خارجية لا تعي أو تدرك الأدوار والعلاقات بين مختلف الشرائح المجتمعية وتذهب بعيدا عن هؤلاء المنسيين ناسية أو متناسية عن قصد أو دون قصد مما أدى إلى فقدان التنمية لبريقها وقلة استفادة كل الشرائح المجتمعية منها وليس هذا فحسب بل إن بعض التدخلات من قِبل تلك الجهات تحل مشكلة فئة معينة أو تُقرب خدمة لفئة معينة على حساب معاناة فئة أخرى وهنا كان لا بد أن ننوه لتلك الجهات بضرورة التحسس لمثل هذه الفئات ومعرفة الأدوار والعلاقات بين مختلف الشرائح المجتمعية من خلال إشراك كل فئات المجتمع بما فيها هذه الفئات في التخطيط والتنفيذ والمتابعة أثناء تنفيذ مثل هذه المشاريع التنموية أو أية مشاريع أخرى تمس حاجاتها. *باحث ومدرب في منهجية (Participatory rapid appraisal)