الكتاب من تأليف المفكر “علي الوردي”صدرت طبعته الأولى في بغداد عام 1957م ،ولهذا سنجد الكاتب يتعامل مع اللغة ضمن الثنائية التقليدية ،اللفظ والمعنى ،وينحاز للمعنى ،لهذا علينا أن نقرأ أفكار الكاتب وفقا للسياق الزمني والمعرفي الذي صدر فيه الكتاب –وصدرت الطبعة الثانية 1994م-دار كوفان –لندن ،ويقع الكتاب ب312 صفحة من القطع الكبير ،ويحتوي على اثنين وثلاثين مقالة ،وكلمة ختام...في مقالته يشير “علي الوردي إلى الشعراء القدامى،الذين يتقدمون بين يدي السلطان”فيلقون القصيدة العصماء “يصفونه فيها بأنه أفضل الخلق طرا ،وخير من ركب المطايا .وهم يأملون من وراء ذلك بالجائزة الدسمة أو الجارية الدعجاء ...”هم شحاذون ،ويدعون النطق بالحق “والويل لمن يجرأ على مصارحتهم بالحقيقة المرة ،أو تكذيبهم فيما يقولون .فهم إنما يذكرون فضائل السلطان عزّ نصره .وهل هناك في الدنيا من يشك في فضل السلطان ،أو أنه ظل الله في أرضه “لقد اعتاد الشعراء على ذلك جيلا بعد جيل ،حتى يرون أنفسهم بأنهم رواد الحق والحقيقة ...”المفروض في الأدباء أن يكونوا في الناس أمة وسطا ،فلا يتزلفون إلى المترفين ،ولا يخاطبون غرائز المراهقين .إن لهم وظيفة في الحياة كبرى ،وهم قادرون أن يقولوا للناس ما ينفعهم ويلذّ هم في آن واحد”. الأدب والمجتمع : من التهم التي وجهت إلى علم الاجتماع “أنه أصبح كدائرة المعارف ،إذ هو يتدخل في كل فرع من فروع المعرفة ،ويبدي رأيه فيها ...وكان جواب علماء الاجتماع على هذه التهمة أن علمهم لايدرس فروع المعرفة المختلفة إلاّ من الناحية الاجتماعية ،فهو حين يدرس حادثة تاريخية مثلا ،لا يهمه كيف توصل المؤرخون إلى تحقيق تلك الحادثة أو إلى استقصاء القرائن والدلائل فيها .إنه يتركهم وشأنهم في اتباع منهجهم الخاص بهم .ولكنه يأتي فيأخذ النتيجة التي توصلوا إليها ويستعين بها في دراسة المجتمع البشري بوجه عام “ولهذا فالباحث الاجتماعي يحلل القصيدة “من حيث علاقتها بالمجتمع الذي ظهرت فيه “. إن ما قلته عن الشعر العربي القديم أنه :مدح الظالمين ووصف الخمرة وتغزل بالغلمان “والذي دعاني إلى هذا القول ما رأيت لدى بعض أدبائنا المعاصرين من هيام مصطنع بالحق والحقيقة ،فهم يصفون أنفسهم بأنهم” شموع تحترق “بينما هم يمجدون عبقرية البحتري وأبي نواس والأخطل وغيرهم من الشعراء القدامى ،الذين كانوا أبعد الناس عن طبيعة الشموع المحترقة .نجدهم يحترمون الأديب الذي يتزلف إلى السلاطين والمترفين ،ويعيش على فضلات موائدهم .ولكنهم في الوقت ذاته يحتقرون من يحاول أن يتزلف بأدبه إلى أبناء الشعب ،وينزل بأسلوبه إلى مستواهم .”لقد مضى عهد السلاطين وحل محله عهد الشعوب. مشكلة تبسيط اللغة : إن كثيراً من الأدباء يستهجنون اللغة الواضحة المبسطة ،ويعدونها من طراز اللغة العامية ،ويطالبون المبدعين السير على منوال البلاغة القديمة”إن كتب البلاغة القديمة لم تنفع الناس بالأمس ،وهي كذلك لا تنفعهم اليوم ،والأدب العربي الحديث لم يتطور من جراء التعاليم المحفوظة في تلك الكتب ،إنما هو يجري في الطريق الذي يمهده أولئك الأعلام من المجددين ،إذ هم يخرقون بضرباتهم المبدعة حجب التقليد ،حتى إذا نجحوا سار الناس وراءهم من حيث يريدون أو لا يريدون “إن ما يدعو إليه الوردي “هو أن نجرد لغتنا من الكلمات الغامضة والمترادفات التي لا فائدة منها”هناك فرق بين اللغة المبسطة واللغة العامية من الناحية الاجتماعية “فاللغة العامية لا يفهمها جميع الناطقين بها.أما اللغة الفصيحة البسيطة فهي التي يفهمها جميع العرب في كل أقطارهم ...إن اللغة ركن من أركان القومية العربية الطالعة .فهي الرباط الذي يجعل العرب في جميع أقطارهم يشعرون بأنهم أمة واحدة .ومن الصعب أن يتحد العرب بعواطفهم وأفكارهم قبل أن تنشر بينهم لغة مبسطة يستطيعون التفاهم بها “.من المؤسف أن بعض الأدباء باقون على رأي قديم وهو وجوب الارتفاع بأسلوب الكتابة فوق مستوى الجمهور ،والأدهى “أن يثور هؤلاء في وجه كل من يدعو إلى تبسيط الأسلوب متهمين إياه بمحاربة القومية .وأحسب أنهم أولى بهذه التهمة منه .فهم إذ يدعون إلى الأسلوب المعقد الرنان ،إنما يدعون من حيث لا يشعرون إلى عرقلة نشوء اللغة الموحدة ،التي يستطيع أن يتفاهم بها العرب في شتى أقطارهم ،ويتبادلون بها المنافع والأفكار” المعاني والبيان: يرى علي الوردي أن الأدب “انبثاق من أعماق النفس ،ولو أنه قام على أساس القواعد المحفوظة لصار علماء البيان والبلاغة من أعظم الأدباء .ومن الممكن القول بأن التزام القيود في الأدب مضر إذ هو يربك القريحة ويعرقل تيارها الفياض”فليس هناك ضوابط ذهنية يتفق عليها الناس جميعا ،فالأدب “الحي يبقى على مر الأيام لا يعرف علم المعاني أو علم البيان أو علم البلاغة ،ولا يفهم القواعد العويصة التي يصطنعها العاجزون المتحذلقون “الأديب يكتب للناس لا لنفسه “ومن الضروري له إذن أن يفهم طبيعة هؤلاء الناس الذين يكتب لهم .أما إذا بقي في برجه العاجي يدرس القواعد التي جاء بها الأسلاف قبل الف سنة ،فسوف لا يجد له بين الناس سوقاً، وسيبقى يشتم الناس على نفرتهم من “الأدب الرفيع”. الشعر والشذوذ الجنسي : تميّز الشعر العربي القديم بالتغزل بالمذكر وأسباب ذلك من وجهة نظر الوردي هو “شيوع الشذوذ الجنسي في المجتمع العربي”آنذاك. .هناك أسباب متعددة لشيوع الغزل بالمذكر بين الشعراء ،أهمها انتشار الشذوذ بين الناس ،فالذي جعل العرب الأولين “يتجنبون الغزل بالمذكر بالرغم من اعتيادهم على استعمال ضمير مكان آخر .ونحن نعلم أن شعراء العرب تغزلوا بالأنثى في أيام الجاهلية وفي عهد الراشدين والأمويين وشطر في عهد العباسيين ،وهم لم يبدأوا بالغزل بالمذكر إلاّ في أيام المغفور له أبي نوّاس .أكان ذلك محض مصادفة؟أم لشيوع الشذوذ الجنسي في المجتمع آنذاك؟لقد كان أبو نواس مصابا بالشذوذ الجنسي إلى درجة كبيرة ،فقد “كان في صباه ذا شذوذ سلبي ،ثم انقلب في كبره فأصبح ذا شذوذ إيجابي .ويقال أنه اعترف بذلك بلا حياء أو تأثيم .والظاهر أن شذوذه العنيف هذا دفعه إلى ابتداع الغزل المذكر في الشعر العربي لأول مرة في التاريخ لقد انتشر الشذوذ في المجتمع بصورة طردية ،ففي العهد العثماني “كان الرجل لا يتحرج أن يجلس في المقهى وغلامه بجانبه يتغنج .هذا بينما كان الواجب على المرأة أن لا تخرج من بيتها إلاّ نادرا وأن لا يرى الناس ظفرا واحدا منها ...وكان الرجل يعقد نكاحه على شريكة حياته قبل أن يتمكن من رؤيتها .وعندما تتكشف له الحقيقة المرة بعد ذلك ،يلجأ إلى الغلمان ليعوّض بهم عمّا فاته في زواجه المنحوس”. “ مساوئ الشعر العربي : الشعر في أيام الجاهلية حليف للسيف والبطش وداعم للنفوذ القبلي والتجاري لقريش ،وفي العهد الأموي استخدم مخدرا “لعقول الناس وصرفهم عن فهم التعاليم الثورية الكبرى التي جاء بها الإسلام “ولقد ساعد الشعر في وضع قواعد النحو “هذه القواعد العويصة التي شلّت العقول وجعلتها تدور في حلقة مفرغة”وساعد الشعر على تدعيم الحكومة السلطانية ،ونهب الأموال ،طالما أن شعراء البلاط يأخذون جزءا منها . رأي في الشعر العربي : بحسب موقف علي الوردي الذي ينظر للشعر من خلال ثنائية اللفظ والمعنى –فهو يتحيز للمعاني ،يقول “رأيي في الشعر العربي القديم أنه يعنى باللفظ أكثر من عنايته بالمعنى ،ولست أقصد من هذا أن الشعر خال من المعنى .فقد نعثر فيه على كثير من المعاني الرائعة ،لا سيما في شعر المبدعين الكبار كالمتنبي والمعري ومهيار الديلمي.ولكن هذا الشعر الإبداعي لا يمثل جميع الشعر العربي .ومن الممكن القول بأن الشعر العربي القديم بوجه عام أقل حظا في المعاني من أشعار الأمم الأخرى .”وينظر الوردي إلى خصائص الشعر العربي على أنها قيود،وهو يسميها قيود لفظية تمثل بالقافية والوزن والإعراب .وهو لا ينكر وجود هذه القيود بعضها أو كلها في أشعار الأعاجم ،إنما هي ليست ثقيلة على منوال ما نجدها في الشعر العربي”.والقافية العربية أحد الأعاجيب فهي إضافة إلى ضرورة أن تكون على وتيرة واحدة ،لا بد أن تكون معربة كذلك “والإعراب في القافية داء عضال يعرفه الذين مارسوا نظم الشعر في اللغة “.إن القواميس العربية القديمة رتبت الكلمات على أساس الحرف الأخير منها “لا الأول كما تفعل القواميس الحديثة .والمظنون أنها فعلت ذلك لكي تساعد الشعراء على التقاط ما يرومون من القوافي “ولهذا نجد القصيدة القصصية الطويلة نادرة أو منعدة في الشعر العربي “فالشاعر العربي يصعب عليه أن ينظم الملحمة الطويلة ،لأن المحافظة على الوزن والقافية والإعراب تنهكه وتكلفه شططا .إنه يشعر بالتعب قبل أن يشعر به الشعراء الآخرون الذين تحرروا من هذه القيود كثيرا أو قليلا .”والوردي لا ينفي وجود شعراء عرب قادرين “على الإتيان بالمعاني الرائعة .ولكني أعتقد بأنهم لو كانوا أكثر تحررا من القيود اللفظية لجاءت معانيهم أروع وأكثر تنوعا وعددا. إن الشعر العربي القديم جميل في موسيقاه اللفظية “ولكن في معانيه ضحل نسبيا .ولو ترجمنا بعض تراثنا الشعري إلى لغة أخرى حديثة لما حصلنا منه إلاّ على سواد الوجه .إنه يفقد بالترجمة موسيقاه ،ولايبقى منه سوى قليل من المعاني العجفاء “. الشعر والدراسة الاجتماعية : من السهل على الشاعر أن يكذب في مدحه وذمه ،لكن ذلك يعكس قيما اجتماعية لطبيعة العصر الذي عاش فيه الشاعر .فالباحث الاجتماعي حين يقرأ حكاية الرجل الذي جاء “إلى الخليفة عمر يشكو إليه من شاعر ،وذكر الأبيات التي نظمها في ذمه ،وذم قبيلته ،وهذه يعضها: قبيلته لايخفرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل ولا يردون الماء إلاّ عشية إذا صدر الوراد عن كل منهل فقال عمر «ليت آل الخطاب كذلك...فما أرى بهذا باسا »-الباحث الاجتماعي سيتوقف مستنبطا القيم الجاهلية لدى الشاكي ،والقيم الاسلامية لدى عمر بن الخطاب ،فكل منهما تلقى الأبيات وفقا لقيمه ،فالقيم الاسلامية تختلف عن القيم الجاهلية.الإسلام يحترم من لا يظلم الناس ومن يؤثر الآخرين على نفسه ،أما الشاكي فكانت قيمه البدوية مسيطرة عليه ،فهو يحتقر الضعيف الذي لا يستطيع أن يظلم الناس ،ولا ينازعهم الماء ،أو يغتصبه عنوة .إن قيم الجاهلية المستنبطة من الشعر الجاهلي ترسم صورة للقبيلة الفاضلة التي تطير للشر من غير سؤال ،وتنصر أبناءها سواء أكانوا مظلومين أو ظلمة .يجزي الظلم بالظلم ،والإساءة بالإساءة ،ولا تخشى الله عند الانتقام .إن بقاء قيم الجاهلية وتراثهم الأدبي مؤثرا على الشعراء حتى عصرنا هذا سببه “احتفاظ المجتمع العربي بكثير من قيم البداوة بالرغم من تحضره .وقد حفّز هذا الشعراء على التغني بمعاني الجاهلية ،مع أنهم لم يشهدوا حياة البادية أو يعيشوا فيها “ولهذا فالمجتمع العربي ذو شخصية مزدوجة ،حضري وبدوي في آن واحد”ومرد ذلك إلى متاخمته للصحراء واتصاله بها ،فالبادية إذن تمده بالقيم البدويّة جيلا بعد جيل .وكلما حاول المجتمع أن يستكمل تحضره جاءته موجة بدويّة جديدة فعرقلت محاولته قليلاً أو كثيرا ...فهو موزع الفؤاد ،يميل إلى معاني البداوة تارة وإلى معاني الحضارة تارة أخرى .ويتضح هذا في الشعر العراقي في القرن الماضي –يقصد القرن التاسع عشر )فالذي يدرسه يخيل إليه أن ناظميه لا يزالون يعيشون في الصحراء ،إنه يراهم يترنمون بذكر الخيمة والبعير ،القروي يكون على الطلول الدوارس ،ويتغزلون بزهور البادية ،ويصفون ممدوحهم بأنه طويل النجاد كثير الرماد ،ويفتخرون بضرب السيوف وطعن الرماح ...”صحيح أن الشعر العربي لا يخلو من المعاني والقيم الحضرية ،ولكنه يحمل الكثير من قيم البداوة ومعانيها . قريش والشعر : اهتمت قريش بالشعر لتعزيز مكانتها القبلية والتجارية في المنطقة ،فهي ورثة “تدمر”في تجارة الترانزيت ،أو رحلة الشتاء والصيف بحسب التعبير القرآني .ويقال برواية تنسب لعلي بن أبي طالب أن قريش من “نبط كوثي” منطقة في العراق القديم ،فحين احتل الفرس العراق ،انتقل أهلها إلى مكة ، وعملوا با لتجارة ،واهتموا بالأوثان والشعر لتدعيم مكانتهم في المنطقة ،فديانة الأوثان لم تكن ديانة البدوي الذي لا يريد وسيطا بينه وبين أية سلطة كانت ،لكن قريش مجتمع تجاري ،ويؤمن بالوسطاء والطبقات ،فقد كانت أوصافهم كما جاء في القرآن “الخيلاء والبذخ والاستغلال والربا والاحتكار ،والغش بالموازين والتباهي بالملابس والبيوت والعبيد والأموال والآلهة .فقد اختاروا لأنفسهم “هبل”وجعلوه أكبر الآلهة حجما .مثلما كانوا يعلقون على الكعبة القصائد التي يختارونها بحسب ذوقهم كأشراف وأسياد ،كانوا كذلك يصنعون آلهة القبائل في الكعبة ،حماية لتجارتهم التي تمر في طريق البدو شمالا وجنوبا ،فمن الممكن القول بأن “قريشا هي التي أدخلت عبادة الأوثان إلى صحراء العرب .فالمعروف عن القبائل البدوية أنها لا تفهم الأوثان ولا تميل إلى عبادتها ميلا جديا .إن عبادة الأوثان ظاهرة حضرية غير مألوفة في الصحراء .فالوثن شيء ثقيل لا يسهل حمله معها في ترحالها المتواصل .وكذلك لا تستطيع القبيلة أن تجعل بينها وبين رب السماء شفيعا من وثن أو غيره ،إذ هي قد اعتادت في حياتها الاجتماعية أن تخاطب رئيسها مباشرة بلا وساطة”الحضر هم الذين يحتاجون إلى شفعاء في شؤونهم الدينية والاجتماعية والسياسية “وقد صدق دركهايم حين قال بأن العقائد الدينية تستمد جذورها من العادات الاجتماعية .فالحضر لا يجرأو على مخاطبة رب السماء رأسا ،إذ هم قد اعتادوا في أمورهم الدنيوية أن يخاطبوا سلاطينهم عن طريق الوسطاء والموظفين “البدو يعيشون ببساطة ليس فيها سلاطين وجلاوزة،ورئيسهم كواحد منهم ،لا يتكبر عليهم ولا يجعل بينه وبينهم حجاب وإلاّ خلوه ووضعوا منافسه ،ولا يكتنز الأموال ،لأن الأموال تنفق على الجميع وعلى الضيوف خوفا من الغزو والنهب الذي تتعرض له كل قبيلة ،وهم يستهينون بالأوثان ،ويقذفونها بالحجارة ،أو يأكلونها إذا كانت مصنوعة من التمر !واستهانة البدوي بالشفعاء لا زالت ظاهرة حتى يومنا هذا من خلال استهانتهم “بالمشاهد المقدسة على نمط ما كان يفعل أسلافهم بالأمس تجاه الأوثان “من هنا نستطيع أن نفهم الإنفاق الباذخ من سادة قريش على موسم الحج وعلى أسواق الشعراء ،رغم حبهم للمال حبا جما ،لأنهم كانوا يستفيدون من ذلك اجتماع الناس في مكة ،لتحريك البيع والشراء ،ونمو التجارة ،وتقطع السنة الشعراء بالجوائز الثمينة ،بل وتحولهم إلى ماكينة إعلام احتفاء بمناقبها ومكانتها الدينية والتجارية !”حيث تصبح قريش بها مقدسة يحترمها العرب من أجل كعبتها وما فيها من أوثان عديدة “بل وعملت من خلال هذه الأسواق والمكانة الدينية والأدبية على “إنشاء لغة موحدة بين القبائل العربية .فنحن نعلم أن لهجات القبائل يوم ذاك كانت متباينة من نواح عديدة .ولكن شعراء تلك القبائل كانوا يحاولون نظم الشعر باللغة الموحدة التي ترعاها قريش وتمنح فيها الجوائز...وصار الشعر الجاهلي من جراء ذلك في غربلة متصلة فما تستحسنه قريش منه يروى ويمجد ،وما لا تستحسنه يهمل .ولعلّ هذا هو السبب في ضياع قسط كبير من الشعر الجاهلي ...يحكى عن أحد الشعراء واسمه «أسد بن ناعصة» أنه كان صعب الشعر ،وقلما يروى شعره لصعوبته .والمظنون أن هذا الشاعر كان ينظم بغير اللغة التي كانت تستحسنها قريش ،ولهذا مات فمات شعره معه .وربما كان هناك كثيرون من أمثاله”.لقد كان النبي محمد في تصادم وقطيعة تامة مع عناصر القوة القرشية ،أي الشعروالأوثان واكتناز الأموال ... الإسلام والشعر : لقد كان النبي محمد يبغض الشعر كبغضه للأوثان .والغريب أن الأدباء يتداولون حديث “إن من الشعر لحكمة”وهو حديث يصف بعض الشعر لا كله ،بينما يهملون الأحاديث الأخرى التي كانت في ذم الشعر الذي انحازت له قريش وشجعته !”يشيرابن خلدون إلى انصراف العرب عن الشعر في صدر الإسلام ،فيعزو ذلك إلى انشغال العرب بأمر الدين والنبوة والوحي ،وإلى دهشتهم من أسلوب القرآن وروعته .والذي أراه أن هذا وحده لا يكفي لتعليل انصراف العرب عن الشعر حينذاك .ويخيل لي أن لسياسة الخلفاء الراشدين يدا في الأمر .ولعلهم كانوا يكرهون الشعر حيث وجدوه تراثا جاهليا يخالف روح الإسلام”والمعروف أن موقف عمر بن الخطاب كان قاسيا على الشعراء “ويمنعهم من التمادي في نظم الشعر على ديدنهم القديم ...لقد كان الإمام علي يدعوهم لحرب الظالمين ،بينما هم كانوا مشغولين بما قال هذا الشاعر أو ذاك من قصائد رعناء تشل العزم وتخدر العقول.وهنا يجب أن لا نصدق بما يرويه الرواة عن الإمام علي من أنه كان شاعرا أو أن له ديوانا من الشعر .إن هؤلاء الرواة يريدون أن ينسبوا إلى الإمام كل براعة ولو كانت مخالفة لمبادئه وميوله الدينية .ومثل هذا ما نسبوا إليه من أنه وضع أصول النحو العربي .كأن لم يكن للإمام من عمل سوى الشعر وإعراب القوافي «لقد كانت الدولة الأموية ترعى الشعر ،وتحرض الناس عليه ،وأخذ معاوية يبالغ في إكرام الشعراء ،ويغدق عليهم من بيت المال جوائز دسمة .يروى عن معاوية أنه قال «اجعلوا الشعر أكبر همكم وأكثر آدابكم ،فإنه مآثر أسلافكم ومواضع إرشادكم “.وقد صدق معاوية في ما قال .فالشعر يتغنى بمآثر الجاهلية ،ويرشد الناس إليها .وهذا هو ما ترد قريش ويريده معاوية «وعلى هذا الطريق سار عبد الملك بن مروان ومن أتى بعده» يعتقد ابن خلدون أن العرب رجعوا إلى ديدنهم القديم في الشعر أيام بني أمية ،لأن الوحي لم ينزل في تحريم الشعر ولأن النبي سمع الشعر وأثاب عليه .ليس بمستغرب أن يقول ابن خلدون مثل هذا القول ،لأنه رجل يحب بني أمية حبا جما ،ويعجب بهم ،ويعدهم من الخلفاء الصالحين .ولكن الذي يدرس تاريخ بني أمية دراسة موضوعية يستطيع أن يدرك السر في تشجيعهم للشعر الجاهلي ذلك التشجيع الكبير لقد أرادوا تخدير العقول وإشغالها عن التعاليم الاجتماعية الجديدة !وجاء العباسيون ففتحوا أبواب قصورهم للشعراء والوعاظ معا .وصار الخليفة العباسي يطرب للشعر تارة ويبكي من خشية الله تارة أخرى “بعد أن يكون قد فرغ من الشعر والغناء واللهو ،الخ ،بعدها يأتي دور الوعظ والتباكي!لقد كان المجتمع المكي قبل الإسلام يختلف عن المجتمع البدوي،مما جعل الشعر أكثر تعبيرا عن المجتمع البدويّ،في حين جاء القرآن معبرا عن المجتمع بأكثره عن القيم السلبية للمجتمع التجاري المكي ،لقد ثار “على ذلك التفسخ والتمايز الطبقي الذي كان سائدا في مكة .بينما كان الشعر مشغولا بمفاخراته ومنابزاته القبلية مما ينفي نظرية انتحال الشعر الجاهلي،التي قال بها طه حسين . خصائص اللغة العربية: يرى علي الوردي أن كثرة المترادفات ،والمشترك اللفظي والتضاد وجموع المفرد المتعددة ،وتنوع المصادر وزيادة الأحرف على بنية الكلمة ،ومجيء الأفعال بالماضي ويقصد بها المضارع أو العكس ،وقد يذكر المفرد ويراد به الجمع ،أو الجمع ويراد به المفرد .وتحويل الكلام من ضمير المخاطب إلى الكناية والعكس ،وحذف كلمة أو جزء من جملة على سبيل الاقتصاد ،ومجيء الفعل قبل الفاعل أو بعد ،وقد يأتي المفعول قبل الفاعل ،والفصل بين المضاف والمضاف إليه .الخ-كل ذلك يراه الوردي دليلا على ميوعة اللغة لامرونتها ،فهذه الخصائص تجعل اللغة غير دقيقة في تعبيرها “وكثيرا ما تنقلب المعاني بها فيحتاج السامع إلى البحث والتروي كي يفهم مقصد المتكلم ...فالمحدثون يعتبرون اللغة وسيلة للتعبير ،وهي لذلك يجب أن تكون دقيقة في تصوير معانيها لكي يفهمها السامع أو القارئ بيسر ووضوح”وسبب هذا الرأي الذي ينسبه الوردي للمحدثين،هو أن الوردي ينظر إلى اللغة كوعاء ووسيلة. معجزات القرآن: يرى علي الوردي أن معجزة القرآن بما جاء به من ثورة ،وتغيير اجتماعي،وأما اللغة ،فلقد جاء باللغة التي يفهمها القوم ويعجبون بها .ولو نزل بين قوم من الأعاجم لنطق بلغتهم أيضاً. يقول الغزالي إننا يجب أن ننظر إلى مسيرة النبي قبل أن ننظر في معجزاته ،فالمعجزة في رأي الغزالي يستطيع أن يأتي بها الساحر ،لكن الساحر يقصد إلى الغش والتضليل ،والنبي يريد هداية الناس وإصلاح أحوالهم .ما يقوله الغزالي يدعونا إلى “النظر في القرآن من حيث تعاليمه ومبادئه الثورية ،لا من حيث لغته وأسلوبه”لقد جاء الإسلام بقيم أخلاقية واجتماعية مغايرة للمجتمع الجاهلي وقيمه “ولا يخفى على القارئ كيف كان الإسلام في بدء أمره يقاوم هذه المبادئ مقاومة شعواء .فالمعروف عن عن المسلم الأول أنه كان يقول “اللهم اجعلني مظلوما ولا تجعلني ظالما “.ومن كلمات علي بن أبي طالب المأثورة ،قوله:”ولا غضاضة على المؤمن أن يكون مظلوما “وقوله”الغالب مغلوب”. عقدة النحو العربي : يقول النحاة أن حركات الإعراب وضعت لتوضيح المعنى للقارئ أو السامع ،والوردي يراها زخرفة لفظية لا طائل من ورائها ،ويستشهد بخطبة لجمال عبدالناصر سمعها عن طريق الإذاعة ،يقول الوردي”فهزتني هزا ،وشعرت أثناء سماعها بأن التاريخ يتحرك أمامي مدوّيا ،وان الرجل يساهم في تحريكه .مع العلم أنه كان يلقي خطبته ارتجالا ،ولا يستعمل فيها الإعراب أو الحذلقة اللفظية .إنه يتحدث إلى الناس من أعماق قلبه ،ويستمع الناس إليه من أعماق قلوبهم أيضا”لقد اخترع النحاة القواعد المعقدة ،وقد فطن نحويا من القدماء إلى هذه الحقيقة “هو الإمام قطرب .قال قطرب :”إنما أعربت العرب كلامها لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون ،فجعلوه في الوصل محركا حتى لا يبطنوافي الإدراج ،وعاقبوا بين الحركة والسكون ،وجعلوا لكل واحد أليق الأحوال به ،ولم يلتزموا حركة واحدة لأنهم أرادوا الاتساع فلم يضيقوا على أنفسهم ،وعلى المتكلم بحظر الحركات إلاّ حركة واحدة “لكن النحاة يجرحون قطربا ويكذبونه “ومن الممكن على أي حال أن نذهب في هذا الشأن مذهب الأستاذ مصطفى(إبراهيم مصطفى)فنقول إن عرب الجاهلية كانوا بوجه عام يجعلون الضمة علامة الإسناد ،والكسرة علامة الإضافة،ثم يفتحون ما سوى ذلك .وهذا أمر ميسور تستطيع السليقة أن تجري عليه وتألفه”.يرى الدكتور “ضود”أن تخلص اللغات الحديثة من ظاهرة الإعراب “يشبه من حيث أهميته الحضارية ،اكتشاف الحروف الهجائية .فكما أن استعمال الحروف الهجائية ناب عن الطريقة الصوتية في الكتابة ،كذلك يمكن أن تنوب المرونة في تركيب الجملة عن الإعراب .”يصل الوردي إلى استنتاج “أن الأمة التي تستعمل الكتابة كثيرا في شؤونها الاجتماعية ،تقل فيها الحاجة إلى الإعراب .وكلما استمرت الأمة في هذا السبيل جيلا بعد جيل انقرضت ظاهرة الإعراب ،في لغتها تدريجيا.”فاللغات الحديثة تفضل السكون على جميع الحركات ،فهو مريح وبسيط. واضع النحو العربي: “المظنون” أن أبا الأسود الدؤلي هو الذي وضع النحو ،وبوضع نقاط باللون الأحمر كعلامات للرفع والكسر والفتح .وقد قيل أن علي بن أبي طالب هو من طلب منه ذلك ،لكن وضع النحو تم بعد مقتل علي بن ابي طالب ،وأثناء ولاية زياد بن أبيه على البصرة ،مما يعني زيف هذه الرواية .كان زياد بن أبيه قد كلف أبا الأسود الدؤلي بوضع النحو وأعانه عليه ،لكن فيما يبدو أن ابا الأسود الدؤلي تحرج عن قول ذلك فكان ينسب الامر تارة إلى علي بن أبي طالب وتارة إلى عمر بن الخطاب وأخرى لابن عباس ،والحقيقة أن ابا الأسود الدؤلي “كان انتهازيا من طلاب الدنيا .فقد كان أول أمره من أصحاب علي المتشيعين له .ولما قتل علي واستتب الأمر لمعاوية وفد ابو الأسود على معاوية وأعظم جائزته ثم ولاه قضاء البصرة .وخدم أبو الأسود في حكومة معاوية ردحا طويلا من الزمن .وفي الوقت الذي كان زياد يطارد الشيعة ويقطع أيديهم وأرجلهم ،ويصلبهم على جذوع النخل ،كان أبو الأسود ذا حظوة لدى زياد ،يعمل بأمره ،ويشرف على تربية أولاده”لقد كان أبو الأسود الدؤلي من الدهاة الذين لا يأنفون الكذب.لقد كانت مصلحة زياد من وضع النحو هي أن أولاده نشأوا مع أمهم “مرجانة”بين الأساورة يلحنون لحنا مستهجنا ،والعرب آنذاك كانوا يعدون اللحن عيبا في الشريف ،ودليلا على دناءة نسبة ،ويقال أن ابنه عبيد الله بن زياد استمر ينطق بعض الأصوات بطريقة خاطئة ،فقد كان ينطق في خطبه عن الحرورية ،وينطقها “الهرورية “.لهذا طلب زياد من أبي الأسود الدؤلي وضع رسم لأبنائه يستعينون به على تصحيح لغتهم ،وقد وضع للرفع والكسر والفتح نقطة حمراء فوق الحرف أو بين يدي الحرف أو أسفله ،وقد وضع ذلك لتعليم أولاد زياد قراءة المصحف .وفي زمن الحجاج ظهر نصر بن عاصم ووضع النقاط للحروف المعجمة بنقاط سوداء ،وقد ندبه إلى ذلك الحجاج بن يوسف الثقفي ،ثم جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي فابتكر الحركات المعروفة بشكلها الأخير بدلا عن النقاط الحمراء ،وجاء من تلاميذ الخليل “سيبويه “ووضع كتابه الشهير “الكتاب”ولأن الخليل كان من فلتات زمانه إلاّ أن تعاليمه كانت شفهية ،تلقى على تلاميذه من غير أن يهتم بتدوينها ،فهو أول مبتكر للمعاجم العربية والعروض والموسيقى العربية،إلاّ أن سيبوية حمل ذلك عنه وألف “الكتاب”الذي “أعجز من تقدم قبله ،كما امتنع على من تأخر بعده”. لقد استعان النحو بالشعر الجاهلي والمنطق الإغريقي ،لقد استمد معظم شواهده من الشعر ثم استنبط قواعده وفقا لقياسات المنطق من تلك الشواهد . لقد اهتم نحو اللغات الحديثة بتأليف الكلام وبيان ما يجب أن تكون عليه الجملة والعبارة ،أما النحو العربي فقد اهتم بالحرف الأخير من الكلمة ،وكيف تكون حركته ،ولهذا “صار النحاة لا يهتمون بتركيب الجملة قدراهتمامهم بإعرابها”.لهذا استكثر النحاة من الشواهد ودفعوا المال للأعراب كي يختلقوا لهم شواهد ف”يغشون من يليهم من المترفين والسلاطين ،ليحصلوا منهم على الجوائز والمال الوفير .إنها كانت سلسلة من المخادعات متصلة الحلقات .وكان المخدوع الأخير فيها هو الشعب المسكين!”فنحاة السلاطين جعلوا النحو وسيلة للتزلف ،مثل الشعر والوعظ والغناء ،وتعليم الجواري ،حتى يتنقل السلطان بين هذه المتع .لقد كان للكسائي من النفوذ لدى البرامكة وعند هارون الرشيد ،ما جعل سيبويه يبوء بالانسحاب من بلاط الرشيد ،بعد أن رتب البرامكة مع الكسائي طريقة في هزيمة سيبويه ،من خلال الاتصال بالأعراب والتآمر معهم “ويلقنهم ما يشتهي أن يقول .وكان ذلك من أسباب انتصاره الماحق على الخصوم”. اللغة والتمايز الطبقي : في المجتمع المكي كان السادة من قريش يرسلون أبناءهم منذ طفولتهم إلى البادية “ليتعلموا هناك الإعراب والنطق الفصيح .وقد أدى ذلك إلى ظهور فرق كبير بين لغة أبناء الأشراف من قريش ولغة غيرهم من أبناء الصعاليك “لهذا كانت لغة الموالي والأحابيش والفقراء من أهل مكة ركيكة ومملؤة باللحن ،فالمال غير متوفر لديهم ،حتى يرسلوا أبناءهم إلى البادية ،فاقتبسوا لغتهم من محيط مختلط “أما الشريف القرشي فكان ينطق باللغة البدوية المعربة .ومن هنا صار الناس يستمعون في مكة إلى الرجل فإن وجدوه يلحن في كلامه عدّوه من السفلة واحتقروه .”وهذا يشبه في بعض الوجوه الوضع الاجتماعي في أواخر العهد العثماني ،حين كان الأغنياء يرسلون أبناءهم إلى اسطنبول ليدرسوا في مدارسها العسكرية والمدنية .وحين جاء محمد بن عبد الله برسالته ،صارت المدينة دار الهجرة ،وأصبحت البادية ليست معيار لغة الأشراف ،وحين استتب الأمر لبني أمية “رجعت قريش إلى ديدنها القديم في التباهي باللغة وفي إرسال الأبناء إلى البادية ليتعلموا الفصاحة فيها”ولكنها هذه المرة بادية الشام التي حلت محل بادية مكة... غربة أديب : لقد كان الهمذاني ينتقد أسلوب الجاحظ لسهولته ووضوحه ،وجناية الهمذاني ومقاماته على الأدب والنثر العربي استمرت قرونا بعده .لكن أبا حيان التوحيدي اقتدى بالجاحظ في أسلوبه ،وتحيز أبو حيان للمعنى واستخدم لغة واضحة للتعبير عن أفكاره .لكن سؤ حظ التوحيدي الناتجة عن تفوقه على أهل زمانه من الأدباء جعلته أقلهم مالاً بل فقيراً لم ينتفع كثيرا من فكره ،وكان لصراحته سبب في ذلك”لقد كان أبو حيان يمتعض من التناقض الذي يلاحظه في أفعال الناس وأقوالهم ،لاسيما المترفين منهم ،ولا يبالي أن يفضحه في وجه صاحبه كائنا من كان ...حدث مرة أن ابن العميد أعطى أحد الأدباء ألف دينار .فتألم من ذلك مسكويه وقال لأبي حيان “أما ترى إلى خطأ صاحبنا في إعطائه فلانا ألف دينار ضربة واحدة؟!فأجابه أبو حيان بصراحة مريرة “أيها الشيخ ،أسألك عن شيء واحد فاصدق فإنه لا مدب للكذب بيني وبينك .لو غلط صاحبك فيك بهذا العطاء وبأضعافه وأضعاف أضعافه ،أكنت تتخيله في نفسك مخطئاً ومبذراً ومفسداً أو جاهلاً بحق المال ؟أو كنت تقول :ما أحسن ما فعل وليته أربى عليه ؟ فإن كان الذي تسمع على حقيقة ،فأعلم أن الذي ورد مقالك إنما هو الحسد أو شيء آخر من جنسه ،وأنت تدعي الحكمة ،وتتكلف الأخلاق ،وتزيف الزائف ،وتختار منها المختار ،فافطن لأمرك على سرّك وشرّك”...