ما يزال الشاب الثلاثيني (ز.ص) غير مستوعب ما حصل له، فأحلامه وطموحه المقرونة بعمل صالح وفعل خير والتزام ديني وأخلاقي، لم تجنبه الانكسار ولا وقوع ما لم يكن يفكر فيه أبداً. كان(ز.ص) في السادسة من عمره حين ذهب والده إلى جوار ربه...تماسك الطفل الصغير وبات مدركاً تماماً أنه أصبح مسئولاً عن أسرته..فقرر تأجيل بكائه وإنهاء طفولته التي كانت بدأت للتو، ما بين إدارة شئون العائلة والمدرسة وحلقات الذكر الحكيم في المسجد سارت حياته، ومسيرة حياة بهذا الشكل تعني أن ثمة رجلا كبيرا خلقاً ومعرفة وخيراً قد أصبح ذلك اليتيم الذي ملأ قلب أمه وعائلته وحتى أصدقائه وجيرانه. تمر السنوات ويتخرج “ز.ص” من الجامعة ثم يتوفق بوظيفة ممتازة في إحدى شركات القطاع الخاص واتسع طموحه وبدأ في العمل بمشروع خاص به وكان يمني نفسه بازدهار مشروعه، لكنه في زحمة عمله وهمومه ومسئولياته لم ينس أصدقاءه المعوزين وكان يقول: خير ساقه الله لي بفضله وكرمه فلماذا لا يكون لأصحابي المحتاجين فيه نصيب؟ وقد كان فعلاً، فمنهم من احتواه وجعله يعمل معه بأجر جيد، ومنهم من كان يذكره بخيره غير أن ثقة هذا الشاب بمن حوله، خاصة الذين كانوا يعملون معه كانت كبيرة جداً فيما هم لا يستحقونها ولم يكونوا عند مستوى الأمانة، فتسببوا في فشل مشروعه وإفلاسه وإلى هنا وليست هذه المشكلة، لكن المشكلة تكمن في أن المشروع الذي حاول الشاب “ز.ص” التوسع فيه معتبراً إياها مشروع حياته وأسرته ورأسماله ليس مقتصراً على ذلك الشاب فثمة شركاء شجعتهم سمعة الشاب الطيبة لأن يصبحوا شركاء له بالمال فيما تولى هو أعباء الإدارة. شاءت أقدار الله أن يتعرض مشروع الشاب إلى خيانة قاسية وسرعان ما اتخذ شركاؤه موقفاً عدائياً؛ ولأنهم يعرفون أن نكبة الشاب تتجاوز إمكانياته وأسرته ولن يستطيع سداد ما عليه من التزامات مالية ولو بعد “100”عام فما كان منهم إلا اللجوء إلى القضاء الذي أودعه السجن المركزي بتعز. قابل الشاب “ز.ص” قرار المحكمة بسجنه بصمت منكسر.. وآنذاك كانت أفكاره تتوجس خيفة من مصير أسرته، والدته وزوجته وطفلتيه واثنين من اليتامى من أقاربه.. وجميعهم أصبحوا فجأه وفي لحظة مؤلمة جداً بدون عائل.. وبدأ وقع الخبر كارثيا على كل أولئك. منذ 3 أشهر يستقر الشاب “ز.ص” في زاوية ضيقة بإحدى زنازين السجن المركزي بتعز، محتسباً ابتلاءه شاخصاً ببصره صوب السماء يدعو الله تعالى فك كربته وبأمل المؤمن الواثق بالله يتوقف كثيراً عند قوله تعالى:{إن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا} والعجيب أنه لا يدعو على من تسببوا في محنته. يشتاق “ز.ص” لطفلتيه وحضن أمه، يشتاق لمشاهدة طفلتيه وهما مبتهجتان بملابس العيد الذي سيأتي بعد يومين. طفلة “ز.ص” ذات ال 4أعوام قالت لي ببراءة:”بابا بايجي يوم العيد” إنها لا تتخيل رغم صغر سنها أن يكون العيد بدون والدها، إنها تعتبره ببساطة عيدها الذي بدأت تدرك ملامحه وكم سيكون مؤلماً أن لا يكون والدها من يهديها عيديتها.. تركت تلك الطفلة في صدري غصة وضاعفت السيدة العجوز الفاضلة منها وهي تسألني بلهفة أم هدها حنينها لفلذة كبدها قائلة:”والله، أنه كان طائعاً لي ولربه.. قدني فاقدة لابني ثم انهمرت دموعها حزناً وكمداً.. يالله كيف لي احتمال مشاهد كتلك.. لقد كتبت هذه القصة الواقعية دون علم صاحبها، الذي يتعفف بث شكواه وحاجته للناس، لكن مبلغ العشرة الملايين ريال التي أودعت صديقي السجن وهو التقي الأمين تجعلني أسرد قصته باختصار شديد وصدق يشهد الله عليه.. ومع كل سطر كتبته كنت أتشبث بأمل أن يقرأ سطوري هذه من خولهم الله أن يكونوا يده الممدودة بالخير والإحسان للمحتاجين والفقراء والمرضى والمعسرين.ولطالما تحدث الناس في تعز عن أعمال الخير العظيمة التي يقوم بها أولاد المرحوم هائل سعيد طيب الله ثراه كالحاج عبدالجبار والأستاذ شوقي هائل والقائمة تطول من بقية الأسرة الكريمة..كما يتحدث كثيرون ممن كان لرجل الأعمال المعروف توفيق عبدالرحيم فضل في تجاوزهم لمحنتهم وإعادتهم إلى أهاليهم..وكم تتمنى أسرة هذا الشاب على الله تسخير هؤلاء المحسنين ليفكوا كربة ولدهم ويدخلوا على طفلتيه وأمه فرحة العيد التي تساوي الجنة. للتواصل يمكنكم الاتصال برقم: 733434485 713000830