تشهد العاصمة المصرية القاهرة خروج مسيرات احتجاجية في أنحاء متفرقة منها وسط هطول شديد للأمطار، بعد صلاة ما اسموها "جمعة الخلاص" للمطالبة باستكمال تحقيق أهداف الثورة. ويتهم المحتجون الرئيس المصري محمد مرسي بالانفراد بالحكم والتخلي عن أهداف الثورة التي اندلعت قبل عامين. وتحركت مسيرة من حي مدينة نصر بشرق القاهرة باتجاه قصر الرئاسة - المعروف بقصر الاتحادية - وسط هتاف مئات المتظاهرين ضد رئيس البلاد، محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين. وفي منطقة العباسية القريبة من قلب القاهرة مازال الحشد مستمرا استعدادا للتحرك صوب قصر الرئاسة. وفي نفس الوقت إنطلقت مسيرات من حي المهندسين وشبرا صوب ميدان التحرير بوسط القاهرة، للانضمام لمئات المتظاهرين المحتشدين هناك بالفعل. وبحسب وكالة "فرانس برس" هتف المتظاهرون الذي امتلات بهم الشوارع الرئيسية للقاهرة بعد صلاة الجمعة "ارحل، ارحل" وحملوا لافتات تطالب ب"القصاص" للعشرات من ضحايا موجة العنف التي شهدتها البلاد في الايام الاخيرة الماضية وهم متوجهين في مسيرات الى ميدان التحرير او الى امام قصر الاتحادية الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة حيث تم تشديد الاجراءات الامنية. وتجرى تظاهرات مماثلة في مدن اخرى استجابة خاصة لدعوة جبهة الانقاذ الوطني، الائتلاف الرئيسي للمعارضة. وتطالب جبهة الإنقاذ الوطني بانهاء "احتكار" جماعة الاخوان المسلمين للسلطة وهيمنتهم على كل مفاصل الدولة وتشكيل حكومة انقاذ وطني ومراجعة الدستور الجديد ورحيل النائب العام الذي عينه مرسي. واكدت جبهة الانقاذ انه بدون الاستجابة لهذه المطالب لا يمكن اجراء اي حوار سياسي بناء. ومن أبرز المشاركين في المظاهرات أحزاب الوفد والدستور والمصريين الأحرار والاشتراكيين الثوريين والتحالف الشعبي الاشتراكي والمصري الديمقراطي الاجتماعي والكرامة وبعض الحركات الثورية ومنها حركة 6 ابريل وما يعرف بمجموعة بلاك بلوك. ويطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وبلجنة لتعديل المواد الخلافية بالدستور، وإزالة آثار الإعلان الدستوري الصادر في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وإقالة النائب العام. كما يطالبون بتشكيل لجنة قضائية للتحقيق في سقوط الشهداء والمصابين في الأحداث الأخيرة ومحاسبة المسؤولين عنها، وإخضاع جماعة الإخوان المسلمين للقانون، وإلغاء حالة الطوارئ بمدن القناة. وبالتزامن مع خروج مسيرات الجمعة، قال المعارض البارز محمد البرادعي، بحسابه على موقع تويتر "أسقطنا نظام مبارك بثورة سلمية ومصرون على تحقيق أهدافها بنفس الأسلوب مهما كانت التضحيات أو أساليب القمع الهمجى". ومن جهته، طالب عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر شباب الثورة بأن يحافظوا على ممتلكات الدولة والناس، مؤكدا أن التظاهر حق، والاحتجاج ضرورة، والحفاظ على سلمية المسيرات مسئولية. بالمقابل، يتهم أنصار الرئيس المصري المعارضة باستخدام الشارع لمحاولة إزاحة أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر عن منصبه. ونقلت "بي بي سي" عن مصادر بجماعة الإخوان المسلمين قولها إن شباب الجماعة يؤدون صلاة الجمعة فى عدد من مساجد مدينة نصر بشرق القاهرة وسوف يترقبون المسيرات التي تتوجه نحو القصر الرئاسي. وأوضحت المصادر أنه "فى حالة تجاوز القانون، أو الاعتداء على الشرعية أمام قصر الاتحادية الرئاسي خلال مظاهرات اليوم سينزل الشعب المصرى وجماعة الإخوان والشرطة لحماية الشرعية". ويمكن ان تشكل تظاهرات الجمعة اختبارا لقدرة المعارضة على الحشد وايضا لمدى الاستجابة للدعوة الى وقف العنف في الشارع. وتاتي هذه الدعوة الى التظاهر غداة توقيع كل القوى السياسية أمس الخميس وثيقة لنبذ العنف وجدولة الحوار الوطني في مشيخة الازهر بعد الاشتباكات التي اوقعت عشرات القتلى في اسبوع، وهو ما يعده مراقبون ضربة قوية للرئيس مرسي الذي رفضت المعارضة في مصر دعوته للحوار قبل ذلك بثلاثة ايام. ومن ابرز نقاط الوثيقة التي وقعت عليها القوى السياسية المصرية وبرعاية أزهرية التاكيد على "حرمة الدماء وحرمة الممتلكات العامة والخاصة، والتاكيد على نبذ العنف بكل صوره واشكاله". كما اكدت الوثيقة على "واجب الدولة ومؤسساتها الامنية في حماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة". وكانت موجة العنف الجديدة بدات يوم 24 كانون الثاني/يناير في الذكرى الثانية لانطلاق الثورة التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. ووقعت اكثر المواجهات عنفا في بور سعيد (شمال شرق) حيث قتل اكثر من اربعين شخصا في مواجهات اعقبت صدور احكام بالاعدام السبت على 21 شخصا لادانتهم في قضية "مذبحة استاد بور سعيد" التي شهدتها المدينة اثر مباراة لكرة القدم بين فريقي المصري البورسعيدي والاهلي القاهري. وهذه الحادثة، التي تعد الاسوا في مصر وايضا من اكثر الحوادث دموية في تاريخ كرة القدم في العالم، وقعت قبل عام بالتحديد في اول شباط/فبراير 2012 وقتل فيها 74 شخصا من بينهم 72 من الالتراس الاهلاوي. وفرض الرئيس المصري حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدن قناة السويس الثلاث الاحد لكن الاف المتظاهرين تحدوا هذا الحظر بنزولهم بكثافة الى الشوارع طيلة ساعات الليل.