الاستثمار في الانسان من اهم اتجاهات الدول المتقدمة ولاسيما في الدول ذات المداخيل المحدودة , ولذلك لجأت الغالبية العظمى من الدول الفقيرة في صقل وتنمية مواهب البشر من خلال التعليم والنظرة الى العوائد المستقبلية التي يمكن ان ترفع اقتصاد دول بأكملها , فمثلا دولة الفلبين استثمرت في الانسان في مجال التمريض ومن خلال تعليم متقن فنجحت في ابهار العالم بالكفاءات وكذلك اصبحت تعتمد في اقتصادها على تصدير العنصر البشري المدرب بشكل رئيسي وكانت العائدات المكتسبة تفوق نسبة 50% من مجموع الدخل الكلي للدولة , وفي مجال التعليم نفسه تظهر دولة استراليا في تطوير كفاءاتها من خلال ابتعاثهم في الدول المتقدمة في السابق واستمرت حتى نجحت بأن تكون الدولة نفسها هدفا للابتعاث لغالبية الدول العربية فكانت العوائد الاقتصادية من التعليم مدخلا رئيسيا في اقتصاد استراليا بعكس الدول العربية التي تعتبره مجال انفاق فقط , حتى في مجال التعليم البسيط نجحت اندونيسيا في تدريب الخدم من خلال تعليم مبسط وذلك من اجل تعليم اسرار المهنة فنجحت في ان تكون دولة يشار اليها بالبنان في مجال توزيع الخدم على دول العالم , والرابط الاساسي بين الدول السابقة هو الاستثمار في الانسان وذلك من خلال وجود تعليم هادف وليس استهلاكا فقط وهذا التعليم الهادف هو من يوجه الى المسار الصحيح , لذلك يتساءل المتابعون لحال التعليم في غالبية الدول العربية لماذا تنفق ميزانيات طائلة على مجال التعليم في ظل عدم وجود عوائد اقتصادية ترجع للدولة ؟ ومتى تتخلص تلك الدول من النظرة الاستهلاكية للتعليم ؟ اننا بحاجة الى ادراج مواد تثير فكر الفرد الاقتصادي ضمن المنهج المدرسي وتثقيف الفرد في اقتصاد بلده قبل ان نستثمر فيه , فلو تحسن الفكر الاقتصادي للفرد فان ذلك يقود الى تحسن اقتصاد الدولة بأكمله , اما ان تنفق الميزانيات على تعليم الفرد وفي النهاية لا يستطيع الفرد ان يستثمر في بلده على المستوى الضيق ويترك الفرصة للمستثمرين القادمين من الخارج فهذا ما يجعلنا نطالب ببناء فكر اقتصادي للافراد , فثمة امور لابد ان تراجع فيها الحسابات لأن السواد الاعظم من شبابنا لم يؤثر فيهم التعليم اقتصاديا على المستوى المطلوب بالاضافة لعدم وجود معاهد متخصصه تتبنى صياغة فكر الشاب من مراحل مبكرة ومن ثم الاستثمار فيه ليستفيد الطرفان من هذا التفاعل , حتى في ظل وجود التعليم الاقتصادي المتخصص في الجامعات فانه ينتهي بمجرد الحصول على الدرجة العلمية مع انه من المفترض ان يبدأ في التطبيق على ارض الواقع لانه يملك السلاح الحقيقي الذي يقوده الى النجاح . عبدالعزيز وصل الذبياني المدينة المنورة