تأخذ مسألة إنفاق زوجات الرؤساء في الغرب حيزًا من المراقبة والاهتمام، خلافًا للدول العربية، حيث تكدّس السيدة الأولى الثروات، حتى إذا هبّت رياح التغيير غادرت بها إلى حيث المنفى والملاذ والراحة. لوانا خوري من بيروت: يسألونك عن الفارق بين العرب والغرب. لا شك في أنه يتجاوز كثيرًا هذه النقطة فوق العين. فالفارق أخلاقي في السياسة، وسياسي في الأخلاق. ولا معيار في المعادلتين أدل من معيار المال العام، وحرص الناس عليه، مواطنين ومسؤولين، طلبًا للعقاب من ناحية، وخوفًا منه من ناحية مقابلة. فقد طلب نائب فرنسي أن يعرف تفاصيل ما تنفقه شريكة الرئيس من المال شهريًا على حاشيتها، فكان له ما أراد، بكل شفافية. استجواب وجواب في 12 آذار (مارس) الماضي، رفع النائب الفرنسي غيوم لاريفيه استجوابًا للحكومة الفرنسية، ممثلة في رئيسها جان مارك إيرولت، عن التكلفة التي تتحملها الخزينة الفرنسية شهريًا لتلبية متطلبات فاليري تريروايلر، شريكة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، هذا نصه كما ورد في الموقع الالكتروني الخاص بالجمعية الوطنية الفرنسية: "طالب غيوم لاريفيه رئيس الوزراء تبيان التكلفة التي تتحمّلها مالية الدولة لقاء أجور الموظفين المكلفين بالعمل لدى فاليري تريروايلر، شريكة رئيس الجمهورية، وموقعها الرسمي http://www.elysee.fr/valerie-trierweiler، وذلك بكشف عدد الموظفين المرصودين لخدمتها، وأجورهم". وفي 30 نيسان (أبريل)، أتى الجواب على النحو الآتي: "تم تعيين خمسة موظفين رسميين لخدمة فاليري تريروايلر، اثنان منهم بموجب تعاقد خارجي، وثلاثة من ملاك ديوان رئاسة الجمهورية. المجموع الصافي للرواتب الشهرية التي يتقاضاها هؤلاء يبلغ 19742 يورو. وعلى سبيل المقارنة، كان قد وضع ثمانية موظفين في خدمة السيدة الفرنسية الأولى في كانون الثاني (يناير) 2012، بأجور بلغ مجموعها 36448 يورو. إلى كل ذلك، تضاف أجور مقدمي خدمات خارجيين، يساعدون السيدة الأولى على إدارة موقعها الالكتروني، تبلغ 25714 يورو شهريًا، ما يجعل المجموع الشهري الصافي أكثر قليلًا من 60 ألف يورو. لكل مقام مقال لم يطلب النائب لاريفيه كثيرًا، ولم ينتظر طويلًا، فالجواب أتاه شافيًا وافيًا، في مقارنة بين شريكة هولاند اليوم، والسيدة الأولى السابقة، أي كارلا بروني ساركوزي. لاشك في أن الإجابة تحتمل الاتهام بالخبث، خصوصًا أن لاريفيه لم يسأل عن إنفاق زوجة ساركوزي الشهري، ولا أراد أن يصب ذلك في مصلحة صديقة هولاند، القاطنة اليوم في قصرالإليزيه. لكن، لكل سؤال جواب، ولكل مقام مقال. ورئيس الوزراء الفرنسي لم يكن ليترك الفرصة تضيع منه، كي يوحي لسعادة النائب، وللمكلف الضريبي الفرنسي، بأن آل هولاند ومن لف لفهم أحرص على المال العام من آل ساركوزي. فقد كانت السيدة بروني تكلف الخزينة شهريًا ثلاثة أضعاف ما تكلفها السيدة تريروايلراليوم، وهذا وحده ما يمكن أن يكون بيضة قبان مهمة حين تقرع أجراس العودة إلى صناديق الاقتراع. العربيات الثريات في الجانب الآخر من الدنيا، أو الجانب العربي المضيء من الشارع اليوم، كشفت الثورات المتلاحقة عن تجاوز زوجات الرؤساء العرب دعم المرأة والقيام بالأعمال الخيرية، إلى التدخل في السياسة، والمشاركة في سباق تكديس الثروات، هذا السباق الذي أثبتت آخر الإحصاءات فيه، قبل جولة الإطاحة بالسادة الرؤساء في بعض الدول العربية، تفوق زوجة الراحل معمّر القذافي. فثروة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، تقدر بنحو 30 مليار دولار، فتتفوق بذلك على التونسية المخلوعة ليلى طرابلسي، زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. وتملك فركاش شركة الطيران البراق، ومخزون 20 طنًا من الذهب. أما الطرابلسي، فقد سيطرت وأفراد عائلتها وبعض المقرّبين من حاشيتها على أهم التوكيلات التجارية والمؤسسات الاقتصادية في تونس، وتمكنت من تهريب نحو 1.5 طنًا من الذهب، بقيمة 65 مليون دولار، إلى خارج الأراضي التونسية، قبل هروبها مع زوجها بيوم واحد فقط، بينما جمّدت المصارف السويسرية حساباتها وحسابات عائلتها، وفيها ملايين الدولارات.