قراءات في مفاهيم تشكيليّة للفنّانة ليلى محمّد طه مربّية من لاذقيّة سوريا بقلم: حسين أحمد سليم (آل الحاج يونس) كاتب وفنّان تشكيلي باحث في تاريخ الفنون لبنان – بعلبك – بلدة النّبي رشادة نجمة هلال بلدات غربي بعلبك غالبا ما تعيش الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه حالة توحّد مع العمل الفنّي التّشكيلي, وهي تحيا وترسم في ظلّ حالة نفسيّة وذاتيّة تكون مشحونه بالإنفعالات والإضطّرابات مع المحيط الّذي تعيش فيه, تنعكس بردود إفعال فنّيّة فهي عندما تقف أمام اللوحة الجديدة ذات الوجه الفارغ من كلّ شيء وهي المساحة البيصاء, وأكثر ما تخشاه هذه اللحظة أيّ لحظة الإبداع واللمسة الأولى على نسيج اللوحة حيث تحاول أن تضع أيّ بقعة لونيّة أو عجينة, المهمّ تقتحم عالم اللوحة البيضاء ثمّ تجد من خلالها الخطوط والألوان الّتي تولد منها الفكرة والتّكوين المطروح, أيّ عندما ترسم تنسي أنّها ترسم وتشعر بيدها وهي الّتي تأخذها حيث تنظر إلى فكرة غير الفكرة الّتي شحنتها لترسم وتشعر أنّها خارج المكان الّذي هي فيه وأحيانا تكون وسط اللوحه تذوب مع وجودها يعني أنّها بيدها وهي بيدها... لتصل إلى اللوحة الّتي تتحدّث عن شخصيّتها تلك الّتي رسمتها, لتحكي دلالاتها وإنفعالاتها وما أفرغرت من مكنوناتها... وبالتّالي تكون قد جسّدت أحاسيسها وما لا تسطيع قوله بلسانها تعبّر عنه باللون والخطّ... دائما تتفكّر الفنّأنة ليلى محمّد طه بخطوات أيّ عمل فنّي تشكيلي والّذي يحتاج لإنطلاق من فكرة معيّنة ويحتاج إلى لحظة إبداع لتجسيد تعابير الخطوط وترميز التّكوين ثمّ البدء بتشكيل عناصر اللوحة... تعتبر الفنّانة طه أنّ الفنّان التّشكيلي يعيش هاجس صراع نفسيّ في تحقيق إستمراريّة متكاملة في رحلة إنجاز العمل الفنّي في المحيط لتحقيق التّوازن والتّعادل النّفسي, وهو ما يحشر الفنّان غالبا في كيفيّة التّوفيق بين نفسه والمحيط الّذي هو فيه والّذي يتميّز بالضّبابيّة... معتبرة الفنّانة طه أنّ الحركه التّشكيليّة العربيّة والسّوريّه ساهمت بتنمية الفكر بكلّ أبعاده الثّقافيّة والفنّيّة ورفعت من سمعة الحركة الفنّيّة في ساحات الإبداع... هذا والفنّان التّشكيلي لا يمكن أن ينتج عملا فنّيّا بعيدا عن المجتمع أو خارج عالم الإنفعال أو التّحريض الذّاتيّ أو فكر آخر يتراءى في النّصّ البصري ويكون بذلك بحاجة إلى شحذ همّته وإحساسه لإمدادها بحركة فعل الإبتكار ويعبّر عن إرتباطه بالآخر... والفنّان التّشكيلي في عصرنا هذا وبسبب المفاهيم المختلفة والمتعدّدة وإنفتاحه على الحركة التّشكيليّة العالميّة بشكل واسع, جعلته حرّا أكثر من عصر النّهضة ليتجلّى فيها روحانيّا مع الخالق... الفنّانة طه تعتبر في رؤيتها أنّ الفنّان التّشكيلي هو إبن البيئة الّتي ينتمي إليها, وهي كفنّانة تشكيليّة إبنتة الرّيف والطّبيعة الخصبة والّتي تأثّرت بمناخها وتبدّلاتها وهي المحرّض الأساسي لها على الخلق والإبداع والعطاء... هذا وتعتبر الفنّانة طه أنّ لكلّ فنّان طقوسه الخاصّة في حركة التّعامل مع اللون وحسب حالة إحساسه وردوده النّفسيّة وإنعكاسها على نفسه ويجد روحه فيها ليعيد إلى روحه فرحها وإطمئنانها وتفاؤلها وهدوئها وهي عندما تقف بين البيوت تشعر بدفء قلوب النّاس بهذه الخصوصيّة وتختار اللون في لوحاتها... وكلّ فنّان يتميّز بخصوصيّة يتميّز فيها بلوحته والّتي يكتسبها بعد تجارب فنّيّة طويلة من تجاربه مع نصوصه البصريّة ويعمل عليها تشكيلا ونمنمة وإبداع... والفنّان يتأثّر ويؤثّر بدلالات المحيط والمذهب الّذي ينتمي له والفنّانة ليلى محمّد طه تأثّرت بالفنّ الإسلامي وفنّ العمارة الإسلاميّة لما لها من دلالات ومعان تؤكّد إنتمائها... ترى الفنّانة طه أنّ الحداثة أعطت الفنّان حرّيّة الإبداع والتّفكير وأن لا يقف عند مدرسة معيّنة ولا يتقيّد بإتّجاه محدّد وأعطت الفنّان حريّة يقدّم فيها رؤية خاصّة ويستخدم تقنيّات ورموز خاصّة تخدم الموضوع الذي يطرحه على نسيج اللوحة والحداثة تفتح آفاق أمام الفنّان ليقدّم الجديد... والفنّ ما هو إلاّ معاشرة يجمع ويوحّد العالم ويرتبط بالمحيط الإفتراضي, فهو يؤثّر ويتأثّر ويكوّن ردود فعله على العالم... فلسفة الفنّانة طه تتراءى من خلال مفهومها أنّ الأنثى ترسم لتوقها للعيش في فضاءات من الحرّيّة المفتقدة منذ سنوات أمام طغيان الذّكورة والفنّان يعيش تحقيق المعادلة بينه وبين الآخر المرأة أمّ الذّكر وهي الّتي أنجبته... شاركت الفنّانة ليلى محمّد طه في العديد من المعارض الجماعيّة والفرديّة في سوريا ومصر والسّعوديّة وشاركت بمعارض الدّولة اّلرسميّة وذلك من العام 1990 إلى العام 2014 ضمنا ... المعرض السّنوي, معرض الخريف ومعرض مهرجان المحبّة ومعرض جمعيّة أصدقاء دمشق للفنّ ومعارض صالة فري هاند السّنويّة ومعارض صالة الشّعب الرّسميّة ومعارض أصدقاء لقاء المحبّة ومعارض إتحاد الفنّانين... قناعات الفنّانة طه أنّ الفنّان التّشكيلي يرسم لنفسه قبل غيره ويعيش مع رسوماته مخاضا ممتدّا حتّى تنتهي و يقع عليها وتخرج للمتلقّي لتصبح ملك الجميع وتخضع لردود أفعال المحيط عليها ثمّ يقع في صراع نفسي ويشعر أنّها لم تكن هي حلمه وطموحه فيبدأ من جديد... وتعتبر الفنّانة طه أنّ النّقد هو صلة الوصل بين المتلقّي والفنّان ودوره تقديم إضاءة على النّتاج الفنّي كونه يوازي التّذوّق السّليم وحساسيّته البصريّة عليه وقدرته على رؤية ما لا يراه الآخر وهو وسيلة تثقيف فكري... والنّاقد يساهم في تقديم الفنّان للمجتمع المتلقّي عبر أسلوبه وبالتّالي يكون قد اسهم في تقديم إضاءة للمتلقّي عند ما يلقي الضّوء على نصّه البصري ويتابع التّحويل الّذي طرأ أو أدخله على تجربته في كل مرحلة من مراحل عمله الفنّي... وقد ينصف النّاقد الفنّان بأسلوبه وثقافته عندما يبتعد عن المعايير الخاصّة والإعلام أيضا يخضع لمعايير ومحسوبيّات ومقصّر في بعض الأحيان... من جهو فنّيّة أخرى ترى الفنّانة طه أنّ الفنّان يعيش حالة خاصّة وهي السّطح الّذي يسجّل عليه أحلامه وهي عصارة منظومة داخليّة مفتقدة عنده فيجد اللوحة هي الملاذ ومكان الهروب وللتّعويض يعبّر عن صدق لمسة الرّيشة ليستنهض المشاعر عند الآخر... من هنا فإنّ الفنّانة طه تغمس ريشتها الحالمة في عمق التّاريخ الّذي تحمله الأرض ليكون حوارا حميميّا يعكس حركة فعل فلسفة الفنّ حيث تدفّق المضمون من الفكرة لمجبولة بالذّات... وقد جعلت من نفسها لتزرع فيها أحلامها في الدّروب لتصبح أكثر دفئا وأمنا وتحمل تباشير الفرح لغد مشرق... لذلك إعتمدت في أعمالها الزّخارف التّقليديّة والرّموز ودلالاتها الدّائرة للدّيمومة اللانّهائيّة وشكل المربّع وحدة البيت والمثلّث للسّموّ مع الخالق... وتعترف الفنّانة طه أنّ الرّ سم علّمها أن تعطي النّفس والآخرين والفنّان يرسم وياللون ذاته في لوحات تحمل تفاصيل الهويّة واتقاسيم مفتوحة على خصوصيّة ذاكرة المكان ذات الشّرفات الواسعة الّتى تعكس بالتّحرّر من سكون الواقع إلى طموح روحي آخر... دنيا الوطن