قدم الحراك الجنوبي بمؤتمر الحوار الوطني اليوم رؤيته لمحتوى القضية الجنوبية وذلك أمام فريق القضية الجنوبية. نص الرؤية : الملخص التنفيذي لا يمكن الفصل بين الجذور ومحتوى القضية الجنوبية، فجذور القضية هي جزء من محتواها وهي الأسباب التاريخية الحقيقية لمحتوى القضية بأبعادها المختلفة السياسية،الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وغيرها. فرضت السلطة الخفية في صنعاء بعد عام 1994م نموذجها على الوحدة وعممت نظام الجمهورية العربية اليمنية كله، نظام أللادولة، نظام القبيلة والعسكر وعلماء السلطة، نظام تمركز السلطة والثروات بأيدي القوى المتنفذة في صنعاء. ولإدراك هذه المراكز لعمق مدنية شعب الجنوب عملت على اتباع سياسات ممنهجة لمحو هوية وثقافة ومدنية شعب الجنوب، خلق الثأرات والنزاعات القبلية، القضاء على المؤسسات العسكرية والأمنية. لقد طالت الحرب وبعدها كل شيء في الجنوب وما ألفه واعتاد وتعلق به من تاريخ ورمزيات ومن حضور حقيقي للدولة والنظام والقانون، عملت هذه المراكز المنتصرة بعد حرب 1994م على إلغاء الجنوب شعبا وهوية ودولة باتباع السياسات التالية: طمس هوية وثقافة الجنوب تدمير البنية المؤسسية والبشرية للجنوب القتل والإقصاء للكوادر الجنوبية نهب ثروات ومقدرات الجنوب المحتوى القانوني: إن شعب الجنوب المقيم على أرضه منذ الاف السنيين تطلع الى مشروع الوحدة على أساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحالة لم يبيع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الآخاء العربي والإسلامي والقومي ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل سلطات صنعاء. أن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على أسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية كما أن اتفاقية الوحدة المبرمة كانت بين دولتين ذات سيادة وأعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك أي من هذه الهيئات وتحديداً منظمة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود ولم تنشر تلك الاتفاقية او تودع لدى الهيئات الدولية ولا يعلم الشعب في الجنوب والشمال عن هذه الاتفاقية شيء سوى ما تسرب بانها من صفحة ونصف الصفحة وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل. المحتوى السياسي: اعتمدت مراكز القوى في صنعاء وسلطة الحرب الأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام سيطرتها على جغرافيا الجنوب لتكريس الفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته، مستخدمة مختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك البنية الاجتماعية والسياسية، فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون. أحدثت حرب صيف 1994م تصدعات عميقة في جدار الوحدة، ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب و انفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م، كما أنها لم تقم بحل المشاكل الناجمة عن الحرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب و الإقصاء والاستبعاد و التسلط في حين يؤكدمواطنوالجنوب أن السلطة الى جانب تسريح عشرات الألاف من المدنيين و العسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م، قد أطلقت يد الفاسدين و النافذين لنهب أراضي الجنوب و بيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن قرار تسريح عشرات آلاف من العسكرين و المدنيين دفعهم لان يطلقوا شرارة (الحراك الجنوبي). طمس هوية وثقافة الجنوب يقول عباس محمود العقاد " إذا أردت أن تدمر أمة فأبدأ أولاً بثقافتها ". ولما كانت سلطة صنعاء تعرف جيداً أن الجنوب هوية وثقافة وكيان سياسي وقانوني، تاريخي وجغرافي، ضارب أعماقه في جذور التاريخ. عملت السلطة، على السعي جاهدة لكل ما من شأنه طمس الهوية الثقافية للجنوب وتاريخة السياسي، لمصلحة المنتصر بمفهوم أن الجنوب مجرد فرع للشمال، بل تحويل التاريخ السياسي والثقافي والتراث الكفاحي الجنوبي إلى فيد صيُغ وفقاً لثقافة المنتصر في إطار من التضليل لخلق هوية وطنية جديدة زائفة يكون فيها الولاء للنظام في صنعاء. يؤكد الباحث أ. قادري أحمد حيدر أن قوى الحرب : ( حرمت شعب الجنوب من ثروته الوطنية و تجويعه و إفقاره بعد تحويل ثروته الوطنية و الإجتماعيه و التاريخية إلى غنيمة حرب, وفيد, للمتنفذين العسكريين و القبليين, و الجهاديين الإسلامويين, وكان أكثرها قسوة ومرارة على العقل والقلب والوجدان, تدمير وإهانة تراثه الثقافي و الإجتماعي و الوطني, وتحقير رموزه السياسية والوطنية التاريخية, و إزالة معالمه الثقافيه, و الإجتماعية و الوطنية المجسدة لشخصيتهم ولمعنى وجودهم الإجتماعي و الوطني, في عملية تدمير وتخريب واسعين, وبصورة ممنهجة ومنظمة من تدمير للذات الوطنية و الإجتماعية الجنوبية لم يعرفها أبناء الجنوب حتى في ظل الإستعمار). تدمير البنية المؤسسية والبشرية للجنوب أمتلك الجنوب مؤسسة عسكرية وأمنية مؤهلة تأهيلاً عالياً وتدريباً احترافياً بشهادة المراكز الاستراتيجية العسكرية العالمية وكان منأفضل جيوش المنطقة حينها حيث كان الاتحاد السوفيتي سابقاً وبلدان حلف وارسو وفي إطار بروتوكولات التعاون العسكري يجري تدريب وتأهيل كل مكونات جيش الجنوب في بلدانها. هذه المؤسسة التي ساهمت في ميزان معادلة الامن القومي والدولي في المنطقة كانت الهدف الرئيسي والاساسي لنظام مراكز القوى الثلاث في صنعاء حيث تم تصفيتها اثناء وبعد حرب 1994م. وتعرضت منشآت القطاع العام والتعاوني الى النهب والتخريب حيث تم: 1. نهب وتخريب 255 مرفق حكومي، كان يعمل فيها 25341 موظف. 2. نهب وتخريب 333 مؤسسة قطاع عام لها 859 فرع، تمتلك 1,192 منشأة منها 1,088 منشأة كانت عاملة في ديسمبر 1994م، وكان يعمل فيها 37,279 عامل. 3. نهب وتخريب 266 تعاونية لها 501 فرع، تمتلك 767 منشأة. كان عدد المنشآت العاملة منها في ديسمبر 1994م، 709 منشاة، يعمل فيها 3,839 عامل. اغلقت دواوين الوزارات في عدن، اما مكاتب فروع الوزارات فلا تستطيع شراء القلم الرصاص بدون العودة الى المركز في صنعاء. وقد اسهمت هذه السياسات التمييزية الشديدة في تعطيل مصالح التجار وانتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق اخرى في اليمن. وقامت الدولة وبشكل حثيث وباستخدام الوزارات ومكتب رئيس الوزراء بتغيير الوكلاء الجنوبيين للعديد من الشركات الى وكلاء شماليين مباشرة بعد حرب 1994م حتى أن وكلاء توزيع الصحف والمجلات الدولية الجنوبيين تم ارسال خطابات رسمية بتحويل وكالاتهم الى الناشرين. القتل والاقصاء: منذ إنتهاء الحرب بين الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمنالجنوبي) في 7 يوليو 1994، يشهد اليمنالجنوبي تصعيداً غير مسبوق في انتهاكات حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني والعنصرية الممنهجة، والتي ترتكب من جانب القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لنظام صنعاء المنتصرة في حرب 1994. نهب ثروات ومقدرات الجنوب أن مصالح مراكز القوى مصدرها الرئيسي ثروات الجنوب وتحديدا من قطاعات النفط... وذلك من خلال تقاسم الثروات بأوجه عدة... شركات النافذون لبيع النفط ووكالات تمنح من خلالها الشركات المنتجة نسبة من الدخل لشركات أخرى يملكها نافذون. مثال على ذلك وليس الحصر شركات الإنتاج النفطي لقطاعات نفطية وكلائها من المتنفذين الشماليين (قطاع شركة كالفالي وتوتال وأو.إم.فيو كي أن أو سي وكنديان نكسن ودوفإنرجي ليمتد...الخ) وشركات خدمات نفطية يمتلكها نافذون وشيوخ قبائل شماليين مثل شركةالحاشدي و شركة الحثيلي و شركة المازو شركة شلبمرجروشركةأركادياو شركة MIو شركة الكون و شركةجريفن وشركة تنمية ووكالات شركات خدمية ومقاولات من الباطن وكثير من الشركات الأخرى للمتنفذين في الدولة وكلهم من المحافظات الشمالية، وتمنح عقود بإجراءات غير سليمة، غالبا بمقابل عدم محاسبة الشركات المنتجة للنفط المالكة لحق الامتياز على الميزانيات المبالغ فيها والعمالة الأجنبية وإضرار البيئة وأمور كثيرة ساهمت في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في الجنوب. ----- نهاية الملخص التنفيذي.
المدخل: بينت جذور القضية الجنوبية بجلاء أن مشروع الوحدة اليمنية لم يعني في فكر السلطة في الجمهورية العربية اليمنية غير مشروع للتوسع ونهب الثروة وضم الفرع للأصل. هذا المفهوم للوحدة وواقع النهب والظلموالإلحاق لم يتغير منذ 1990م وحتى الآن. عملت السلطة الخفية (الائتلاف القبلي والعسكري وعلماء السلطة) في الجمهورية اليمنية منذ اليوم الأول للوحدة على قتل ولادة حلم الوحدة اليمنية الذي تغنى به الجنوب منذ الاستقلال ليكتشف بعد 1990م وتحديداً بعد حرب عام 1994م،أن مفهوم الجنوب للوحدة كان مختلفتماما، كانت تعني له الشراكة والقوة ومستوىأفضل لمواطنيه والخطوة الأولى لتحقيق حلم الوحدة العربية، بينما لم تكن الوحدة في ذهنية سلطة الجمهورية العربية اليمنية تتجاوز الاطماع في المزيد من الأراضي والثروة والسلطة. قدم الجنوب للوحدة طواعية كل ما يملك، الدولة، الأراضي والثروات وبنية اساسية وقاعدة مادية ضخمة ومقابل ذلك لم ينل الجنوب سوى المهانة والذل والظلم طيلة 23 عاما جعلته يرفض مشروع الوحدة ويدرك حجم الوهم والخداع الذي عاش فيه ولينتفض في 2007م بحراكه الشعبي السلميالجنوبي في ثورة جديدة لاستعادة هويته ودولته المنهوبة. إن المعاناة اليومية لشعب الجنوب طيلة 23 عاما، هذا الشعب الذي سادت فيه قيم مختلفة سياسية، قانونية، ثقافية واجتماعية شكلت عبر قرون من الزمن قيام دولة المؤسسات والنظام والقانون فيه ، ادرك بوضوح طبيعة السلطة الحقيقية الحاكمة في صنعاء، هذه السلطة الخفية التي تكونت من تحالف مصالح قبلية وعسكرية وعلماء سلطة على مر عقود من الزمن، هذه السلطة التي جثمت على أنفاس أبناء الجمهورية العربية اليمنية منذ ما قبل اندلاع ثورة 1962م والانقلابات على الرؤساء واغتيالهم حيث سيطرت هذه القوى على مفاصل الدولة وحرفت مسارها وبسطت نفوذها بالكامل على مقدرات وقرارات الشعب اليمني. حرب عام 1994م كانت الإعلان الرسمي لانتهاء الوحدة الطوعية وأظهرت الحرب السلطة الخفية بتحالفاتها ودفاعها المستميت ليس للوحدة بل لمصالحها التوسعية. شهدت الحرب تسخير وتعبئة دينية وقبلية من قبل (السلطةالخفية) تحت شعار المحافظة على الوحدة اليمنية بينما الحقيقة لم تكن سوى بهدف نهب مراكز النفوذ لثروات الجنوب حتى وقتنا الحاضر. إن النزاع المسلح الذي حدث في عام 2011م بين علي عبد الله صالح وال لحمر لم تكن بسبب موالاتهم للثورة بل لرفض ال لحمر توجه علي صالح في توريثه لابنه والانحراف عن الاتفاق الذي ابرم عند تنصيبه رئيسا أن تكون المرجعية للائتلاف الثلاثي، كانت حربا للحفاظ على السلطة وتثبيت مرجعية مراكز القوى القبلية على حساب مرجعية أسرة على صالح. قاوم شعب الجنوب الاستعمار البريطاني وناضل لحريته ورفضه للذل والتبعية، تعود على الحرية والمواطنة المتساوية والدولة المدنية، على عكس الشعب اليمني الذي تعود العيش في ثقافة القبيلة وسلطتها ورضخ لها لقرون عديدة كمسلمة من المسلمات، وفي المقابل لم ولن يقبل شعب الجنوب العيش في ظل نظام قبلي عسكري ينهب مقدرات الشعوب، قرر شعب الجنوب النضال لاستعادة حريته وكرامته وثرواته ودولته المدنية...... هذه إرادة شعب الجنوب إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر المحتوى للقضية الجنوبية: يأتي محتوى القضية الجنوبية كنتيجة موضوعية لتلك الأسباب والدوافع التاريخية والسياسية، الاقتصادية والثقافية والتي كانت اساساً وجذوراً لمحتوى القضية الجنوبية بأبعادها المختلفة ولا يمكن الفصل بين الجذور ومحتوى القضية الجنوبية، فجذور القضية هي جزء من محتواها وهي الأسباب التاريخية الحقيقية المشكلة لمحتوى القضية بأبعادها المختلفة السياسية،الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وغيرها. إن شعب الجنوب أتسم بمدنية تأسست كمنظومة متكاملة عاشتها مدينة عدن كمستعمرة بريطانية، شهدت خلال أوائل عشرينيات القرن الماضي النهوض الثقافي والاجتماعي والسياسي والنقابي والتعليمي، كما نشأت بينها وبين السلطنات والإمارات والمشيخات والتي بلغ عددها آنذاك 23 سلطنة وإمارة ومشيخة، علاقات جعلت من الجنوب تجمعات سكانية منسجمة فيما بينها، تميزت بالاحترام المتبادل والتعايش والتعاون الثنائي، حيث لم تكن هذه الكيانات تخضع لهيمنة أو سلطة دولة أخرى. ومع إعلان الوحدة في 22 مايو 1990م، تم الاتفاق على أن تمر دولة الوحدة بمراحل انتقالية بين طرفي الوحدة وهما جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية. التي قامت بين النظامين المختلفين، سادت في كل منهما قيم سياسية، قانونية، ثقافية واجتماعيةمختلفة شكلت عبر قرون من الزمن قيام دولة المؤسسات والنظام والقانون في الجنوب، بينما اتسمت دولة الشمال بمنظومة قيم تستند في مجملها إلى القوة العائلية والقبيلة والنفوذ الاجتماعي... حيث فشلت مراكز القوى في المرحلة الانتقالية في ترويض شعب الجنوب وفرض نظام الجمهورية العربية اليمنية عليه. وشهدت المرحلة رفض كامل من شعب الجنوب الانصهار في ثقافة الشمال، وأمام هذا الواقع لم تجد مراكز القوى أمامها سوى الحسم العسكري لإخضاع الجنوب لها فكان إعلانالحربفي 27 أبريل 1994م. فرضت السلطة الخفية في صنعاء بعد عام 1994م نموذجها على الوحدة وعممت نظام الجمهورية العربية اليمنية كله، نظام أللادولة، نظام القبيلة والعسكر وعلماء السلطة، نظام تمركز السلطة والثروات بأيدي القوى المتنفذة في صنعاء. ولإدراك هذه المراكز لعمق مدنية شعب الجنوبعملت على اتباع سياسات ممنهجة لمحو هوية وثقافة ومدنية شعب الجنوب، خلق الثأرات والنزاعات القبلية، القضاء على المؤسسات العسكرية والأمنية. لقد طالت الحرب وبعدها كل شيء في الجنوب وما ألفه واعتاد وتعلق به من تاريخ ورمزيات ومن حضور حقيقي للدولة والنظام والقانون،عملت هذه المراكز المنتصرة بعد حرب 1994م على إلغاء الجنوب شعبا وهوية ودولة باتباع السياسات التالية: 1. طمس هوية وثقافة الجنوب 2. تدمير البنية المؤسسية والبشرية للجنوب 3. القتل والإقصاء للكوادر الجنوبية 4. نهب ثروات ومقدرات الجنوب المحتوى السياسي للقضية الجنوبية تبدأ وقائع الخلفيات السياسية للقضية الجنوبية منذ العام 1989م وهو الذي سيقودنا الى معرفة الحقائق عنها بشكل سليم. حيث نستعرض خلفيتها التاريخية من خلال خمسة مراحل رئيسة وهي: المرحلة الأولى: من 30 نوفمبر 1989م 22 مايو 1990م: من فرائد الاتفاقيات الوحدوية التي كانت توقع بين دولتي شطري اليمن أنها كانت عادة تتم بعد حروب بين الطرفين وعلى سبيل المثال اتفاقيتي القاهرة عام 1972م واتفاقية الكويت 1979م، وفي عام 1988م كانت العلاقات بين الطرفين على أشدها توترا بسبب الخلافات حول الثروات النفطية في وادي جنة الواقع بين محافظتي شبوة ومأرب. فتم التوقيع على اتفاقية التنقيب المشترك. وعلى أثر ذلك قام الرئيس علي عبد الله صالح بزيارة رسمية إلى عدن في 30 نوفمبر 1989م بغرض حضور احتفالات شعب الجنوببعيد الاستقلال. وفجأة يتم الاتفاق بينه وبين علي سالم الابيض الأمين العام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني في نفق "جولدمور" بمدينة عدن على مشروع وثيقة مشتركة أطلقعليها (اعلان عدن) بشأن الوحدة اليمنية. فقوبلت هذه الوثيقة بمعارضة شديدة من قبل قيادات في الجنوب والشمال. فعلى صعيد الجنوب أعتبر أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني أن تلك الوثيقة غير مدروسة وتعبر عن قرار فردي. لأن الوحدة بقدر ما كانت مطلب شعبي ورسمي في الجنوب بحاجة الى خطوات متأنية وفترة زمنية لا تقل عن عشر سنوات كمرحلة انتقالية. فعقدت قيادة الجنوب عدة اجتماعات طلب فيها علي سالم البيض من قيادة الجنوب عدم وضعه في موقف محرج بإجباره على عدم التوقيع على الاتفاقية، واعداً أنه بعد التوقيع عليها لن ينفذ منها شيئا. ولكنه بعد ذلك ذهب نحو الوحدة بشكل منفرد مستغلا حماس الجماهير للوحدة، فأجبرت معظم القيادات على السير معه في نفس الطريق. أما على صعيد الشمال فإن الاتفاقية ايضا قوبلت بمعارضة شديدة ولاسيما من قبل المشايخ وبعض علماء الدين تحت مبرر أنه لا يمكن التوحد مع كفار وملحدين، وأن الجنوب فقير والشمال غني لما يمتلكه من ثروة نفطية في مأرب. غير أن عليعبد الله صالح كان يعلم أن الجنوب قد استخرج النفط وبكميات أكثر، فسار ايضا نحو الوحدة منفردا مستغلا التأييد الشعبي للوحدة، وهذا ما اجبر كثير من القيادات الشماليةعلى عدم معارضته والسير معه. تم تشكيل لجان الوحدة في مختلف الجوانب والمجالات. وتكررت الزيارات واللقاءات بين القيادات وعلى مختلف المستويات. فعرض الطرف الشمالي عدة مشاريع للوحدة منها الكونفدرالية والفيدرالية، لكن علي سالم البيض أصر على الوحدة الاندماجية. حتى أن الرئيس صالح كان متحفظا على التوقيع على الوحدة الاندماجية خشية من المعارضة في الشمال. لكن البيض قدم له عرضا مغريا، فمن يطلع على مذكرات الشيخ سنان ابو لحوم التي يقول فيها ((ان البيض قال له راجع صاحبكم يقصد الرئيس صالح أن يوقع على الوحدة ، فقد ابلغتني اليوم شركة نفطية أنه بإمكاني الاعلان بان انتاج الجنوب من النفط سوف يصل الى قرابة نصف مليون برميل يوميا ، واذا علم بعض الجنوبيين بهذا الامر قد يعارضون الوحدة)) ، فتم التوقيع على اعلان الوحدة في 22 مايو 1990م بين طرفين متساويين هما: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية على اساس الشراكة الاخوية الندية، ولكنها في الحقيقة كانت مشروعاً وحدوياً مليء بالأخطاء من ابرزها: 1. تم تجاهل وقائع التاريخ بأن هاذين الكيانين لم يكونا موحدين في أي عصر من عصور التاريخ. وان الوحدة اتت بالعاطفة وليس وفقا للمنطق والعقل.وهناك فوارق كبيرة بين النظامين اقتصاديا وثقافياوإجتماعياً... الخ. 2. تم تجاهل نصوص الاتفاقيات السابقة التي عقدت بين الطرفين بشأن مشروع دولة الوحدة بما فيها نصوص مشروع الدستور الذي اعد في عام 1981م. 3. قدم الجنوب تنازلات كبيرة منها: العاصمة والعملة ورئاسة الدولة وارض واسعة وشواطئ بحرية وجزر وثروات طبيعية متعددة ... الخ. بينما لم يقدم الشمال مقابلها أي شيئا يذكر. المرحلة الثانية: من 22 مايو 1990 27 ابريل 1994م. 1. تم الاتفاق بين الطرفين على تطبيق افضلية التجربتين في دولة الوحدة، ولكن ما تم تطبيقه هو تجربة الجمهورية العربية اليمنية بكل مساوئها. 2. اتى الجنوب الى الوحدة بنوايا طيبة قاصدا بناء دولة مقترنة بالممارسة الديمقراطية بينما مراكز القوى العسكرية والقبلية والدينية في الشمال كانت نواياها مبيته وغير سلمية، والدليل على ذلك ما جاء في مذكرات الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر بأنه تم الاتفاق بينه وبين علىعبد الله صالح على ان يقوم بتشكيل حزب سياسي مهمته معارضة ما يتفق عليه صالح مع القيادة الجنوبية. فتم انشاء التجمع اليمني للإصلاح 23/9/1990م كحزب سياسي إسلامي عبر عن معارضته للوحدة من خلال رفضه للاستفتاء على مشروع دستور دولة الوحدة وأخرج مظاهرات قيل عنها انها مليونية ترفض ذلك الدستور باعتباره دستور علماني، ولكن فيما بعد قاتل حزب الاصلاح تحت مبدأ حماية هذا الدستور والوحدة عام 1994م. فكان الشمال هو الفاعل في السلطة والمعارضة في وقت واحد ويتحكم بكل مقاليد الامور بما فيها مال الدولة والاعلام ...الخ. 3. ارتكب الطرف الجنوبي اخطاء فادحة في عدم دراسته للواقع الاجتماعي والسياسي والقبلي القائم في الشمال. فاعتقد أنه باشتراطه لإقران الوحدة بالديمقراطية سوف يحقق توازن سياسي. ولكن الطرف الاخر اراد من الديمقراطية الغاء الشراكة الوطنية بين الجنوب والشمال. 4. كانت نتائج انتخابات 27 ابريل 1993م بمثابة استفتاء شعبي بأن الوحدة فيها خلل كبير، فقد حصد الحزب الاشتراكي اليمني كل المقاعد البرلمانية المخصصة للجنوب ما عدا مقعدين. اضافة إلى خمسة عشر مقعد في الشمال. بينما المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح حصدا المقاعد المخصصة للشمال. فاعتبر الشمال نتائج تلك الانتخابات الغاء لشراكة الجنوب المتساوية مع الشمال. من خلال تقسيم السلطة على ثلاثة وليس على اثنين. معتدا بالكثافة السكانية في الشمال وقلتها في الجنوب متجاهلا لوقائع التاريخ وكبر مساحة الجنوب وثروته. 5. ما أن بدأت الخلافات بين الطرفين حتى بدأت الاغتيالات للقيادات والكوادر الجنوبية في شوارع صنعاء بحجة انهم كفرة وملحدين. فذهب ضحية تلك الاغتيالات أكثر من (150) جنوبي. كما تمت محاولة اغتيال العديد من قادة الجنوب. 6. عندما عبر الجنوب عن رفضه للممارسات التي تقوم بها القوى النافذة قبليا ودينيا في الشمال ضده شنت عليه حرب تكفيرية وصلت إلى حد التشويه اللا اخلاقي للأسرة الجنوبية. ومواصلة اغتيال قياداته وكوادره عن طريق استقدام العناصر الارهابية التي كانت تقاتل في افغانستان يمنية وغير يمنية بهدف قتل الجنوبيين. وقد كشف الكثير منهم فيما بعد معلومات هامة عن تلك الاغتيالات. وأنها كانت تتم بعلم السلطات الحاكمة. ولهذا كانت هذه السلطات ترفض القبض على المتهمين في الاغتيالات. 7. مع اشتداد الخلافات بين الطرفين جرت الوساطات العربية وغير العربية. فكانت اهمها الوصول الى التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق برعاية اردنية من قبل كل الاطراف اليمنية الفاعلة في 20 ابريل 1994م، ولكن تلك الوثيقة لم يطبق منها شيئا وفي مقدمتها القاء القبض على المتهمين بالاغتيالات. بل بعدها بأسبوع أعلن الرئيس صالح من ميدان السبعين في 27 ابريل 1994م الحرب على الجنوب. فاندلع في مساء نفس اليوم اول صدام مسلح بين لوائين مدرعين في منطقة عمران شمال صنعاء. المرحلة الثالثة: من 27 ابريل 1994 7 يوليو 1994م. 1. بعد قتال عمران مباشرة تمت مهاجمة بقية الوحدات العسكرية والامنية الجنوبية المتواجدة في محافظات الشمال، بهدف جعل الجنوب ساحة المعركة، وهذا ما حصل، فقد بدأت مهاجمة الوحدات الجنوبية على مناطق الاطراف، وصدرت الفتاوى الدينية التي تبيح قتل الجنوبيين اثناء تلك الحرب باعتبارها حرب مقدسة. فالقوات الجنوبية أطلقت عليها تسمية (قوى الردة والانفصال) وهذا ما يعني أن المدافعين عن الجنوب هم قوى مرتدة عن الدين الاسلامي ومجرد مجموعة انفصالية يحق قتلهم شرعا وقانونا، وجازت الفتاوى استباحت الممتلكات العامة والخاصة، وكأن الجنوب دار كفر، واستعانت قيادة صنعاء بكل عناصر الارهاب للقتال معها. 2. أثناء الحرب رفض نظام صنعاء الاستجابة للقرارات الدولية واعتقد نظام صنعاء انه بنجاحاته العسكرية على الأرض سوف يحقق الانتصار المطلق. حتى انه رفض نصيحة حلفائه الامريكيين وهي نصيحة هامة جدا .. عندما نصحوه بعدم اقتحام مدينة عدن عسكريا لأنها تشكل معلم رمزي وسياسي وتاريخي ووطني للجنوب وستكون لذلك الاقتحام عواقب مستقبلية وخيمة وقدموا له عدة نصائح لحل مشكلتها. 3. استبيحت مدن الجنوب كلها وفي مقدمتها العاصمة عدن، ودمرت مقومات الجنوب الاقتصادية والخدمية والثقافية والعسكرية، ونهب كل شيء فيه بما في ذلك المتاحف الوطنية والوثائق التاريخية بشكل غير مسبوق في الحروب التي شهدتها البشرية، فقد كانت قوافل القبائل تأتي الى الجنوب بغرض النهب. 4. في يوم 7 يوليو 1994م أعلنت حكومة صنعاء عن انتصارها في الحرب بدخولها مدينة عدن. ووجهت رسالة الى مجلس الامن الدولي احتوت على سبع نقاط ومنها ضمان عودة كل الجنوبيين الى اعمالهم المدنية والعسكرية ودفع التعويضات للمتضررين. ولكن مع الاسف الشديد لم يتم تطبيق نقطة واحدة من تلك النقاط. المرحلة الرابعة: من 7 يوليو 1994 7يوليو 2007م. 1. بدلا من ان تقوم حكومة صنعاء بتنفيذ تعهداتها للمجتمع الدولي تم تطبيق سياسة الاقصاء والابعاد للجنوبيين من وظائف الدولة المدنية والعسكرية. وتم تقاسم ممتلكات شعب الجنوب من اراضي وعقارات ومصانع ومزارع ... الخ واصبحت ارض الجنوب تقسم كهبات للأقرباء والمواليين، وكأن الجنوب هبة الله للشمال. حتى أن الجنوبيين أصبحوا لا يجدون الأرض لدفن موتاهم. 2. ارتكبت أبشع الانتهاكات لحقوق الانسان في الجنوب، التي من الصعب ذكرها لأنه لا يليق ان يقال ان مسلمين ارتكبوها. 3. احتقار الانسان الجنوبي ووصفه بأنه مواطن وافد من الصومال والحبشة والهند وباكستان. حتى أن الأخ علي سالم البيض الذي وقع على اعلان دولة الوحدة قيل انه هندي وهو تمييز عنصري سافر يجرد الجنوبيون حقهم في الارض والتاريخ. 4. تم الغاء العمل بجميع الوثائق التي تمت الوحدة بموجبها. بما في ذلك دستور دولة الوحدة تم تعديل معظم مواده ولأكثر من مرة. بما يعزز سيطرة الطرف المنتصر. 5. حرمان الجيل الجديد في الجنوب من الالتحاق بالمعاهد والكليات العسكرية والأمنية حتى وصل الامر إلى منع التحاقهم كجنود في المؤسسات العسكرية والامنية وحرمانهم من التوظيف بشكل مطلق في بعض أجهزة الدولة الهامة مثل القضاء والنيابة العامة والنفط والسلك الدبلوماسي والمرافق الإيرادية مثل الضرائب والمالية والجمارك ... الخ وهذا يؤكد مجددا التعامل العنصري التمييزي من قبل سلطة النظام تجاه الجنوبيين. 6. حرمان الجنوبيين من البعثات الدراسية في الخارج. أو مواصلة دراساتهم للحصول على شهادات عليا. 7. لم يتم الاكتفاء بحرمان الجنوبيين من العمل في مراكز قيادية في مرافق دولة الوحدة المركزية فقط، وإنما حرمانهم من شغل الوظائف العامة على مستوى محافظاتهمومديرياتهم. حيث تم تعيين شماليين حتى في ابسط المناصب القيادية في الجنوب. فتصوروا ان يقال إنها دولة وحدة وفي كثير من الوزارات والمرافق العامة في صنعاء لا يوجد فيها جنوبي واحد. فأي وحدة يتم الحديث عنها. 8. حرمان الجنوبيين من حق الحصول على رخص الاستيراد والتصدير والاستثمار، وفي أحسن الاحوال يمارسون اعمال تجارية بسيطة. اتباعا لسياسة افقار منهجية مدروسة. فأصبح شعب الجنوب ساحة للعمل السياسي من قبل ما تسمى بالجمعيات الخيرية التابعة للحزبين الرئيسيين (المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح) والجمعيات الأخرى ذات التوجهات السياسية الدينية. 9. حرمان الجنوب من انتخاب ممثليه في مجلس النواب والمجالس المحلية، فقد أصبح اعضاء هذه المجالس يمثلون الحزبين الرئيسيين في الشمال وهما: المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح. 10. حاولت بعض القيادات الجنوبية تقديم مقترحات ومشاريع سياسية لحل أوضاع الجنوب المأساوية بعد حرب عام 1994م مثل: إزالة آثار هذه الحرب، واصلاح مسار الوحدة، والمصالحة الوطنية الشاملة، ولكن رفضت كلها دون وجه حق. المرحلة الخامسة: من 7 يوليو 2007م إلى يومنا هذا. القضايا التي عاشها شعب الجنوب في المراحل السابقة وتم ذكرها آنفا. هناك عشرات من القضايا المأساوية التي عاشها الجنوب لم يتم ذكرها. كانت بمجملها محفزا لثورة جنوبية سلمية وعندما قامت مجموعة من العسكريين والامنيين المحالين الى التقاعد قسرا بأول مظاهرة سلمية،استجابت لها كل محافظات ومديريات الجنوب، بتشكيل جمعيات للمتقاعدين العسكريين والامنيين والمدنيين، فقد كان الجنوب كله يئن من القهر والظلم، وتجلى ذلك في أول مظاهرة وطنية جنوبية شاملة جرت وقائعها في ساحة العروض بعدن في يوم 7/7/2007م، ومع ذلك كانت المطالب في البداية حقوقية ومطلبية بسيطة، وبدلا من معالجتها بحلول صادقة جرت مجابهتها بالقمع والعنف من خلال الاعتقالات الواسعة والقتل المفرط ، ومع الاسف في ظل صمت مطبق من قبل قوى المجتمع المدني والمثقفين في الشمال. ومع ذلك استطاع الجنوب الحفاظ على سلمية ثورته ولم ينجر الى دائرة العنف حتى اللحظة. انطلقت السلطات الحاكمة في صنعاء في بعض معالجاتها للقضية الجنوبية انطلاقا من تجربتها في معالجة القضايا في الشمال، والتي تتعامل فيها مع المواطن الشمالي تعامل الشيخ مع الرعية، من خلال تعيين بعض الشخصيات الجنوبية في مناصب قيادية أو تسوية مرتبات بعض المتقاعدين أو دفع مبالغ مالية وسيارات لشراء الذمم، أو تشكيل لجان للتعويض عن المنازل والاراضي. وهي نفس الطريقة التي اتبعت مؤخرا بعد الاطاحة بالرئيس صالح. فبدلا من اجبار الشماليين على تسليم ما نهبوه فيالجنوب. يتم تعويض الجنوبيين من أملاكهم، فأي عدل هذا؟ إن مثل هذه المعالجات غير مجدية في وضع حلول ناجعة للقضية الجنوبية. فالجنوب كدولة وشعب وارض وهوية دخل في وحدة ندية مع الشمال كدولة وشعب وارض وهوية، وبدون الاعتراف والعمل بهذه الحقيقة المطلقة فإن الحلول تبقى ضرب من الخيال. المحتوى القانوني للقضية الجنوبية: اختلال البناء القانوني والمؤسسي لدولة الوحدة: بناءً على اتفاق عدن الصادر في 30 نوفمبر 1989م بين قيادتي الدولتين (جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية) صدر في الثاني والعشرين من ابريل 1990م اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية موقعاً عليه من الاخوين/ علي سالم البيض، الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني، عن جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، والرئيس/ علىعبد الله صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية. وقد تم التوصل الى هذا الاتفاق في اجتماع عام شاركت فيه كافة الهيئات القيادية العليا السياسية والحكومية والحزبية وأعضاء هيئتي رئاسة مجلس الشعب والشورى في الدولتين. ويتكون الاتفاق في مجمله من صفحة ونصف الصفحة. ويحتوي على مقدمة و(11) مادة. نصت المادة الاولى منه على أن تقوم بتاريخ 22مايو1990م بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية لكلٍ منهما في شخص دولي واحد يسمى (الجمهورية اليمنية)، ويكون للجمهورية اليمنية سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة. وتضمنت بقية المواد أحكاماً حول كيفية تكوين مجلس رئاسة للجمهورية اليمنية، ومهامه خلال الفترة الانتقالية، وتحديد مدة الفترة الانتقالية بسنتين ونصف، وكيفية تكوين مجلس النواب خلال الفترة الانتقالية وتخويله الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور عدا انتخاب مجلس الرئاسة وتعديل الدستور. ونصت المواد الختامية على نفاذ الاتفاق ونفاذ أحكام الدستور بعد المصادقة عليهما من قبل مجلسي الشعب والشورى، واعتبار المصادقة عليهما ملغية لدستوري الدولتين السابقتين. ومن خلال الاطلاع على اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية وعلى دستور دولة الوحدة، وتمحيص نصوصهما نصاً نصاً تتبين لنا الاخطاء والنواقص التشريعية فيهما، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تتعارض بعض نصوص اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية مع أحكام دستور دولة الوحدة وانتهاء العمل بالدستور بعد انقضاء الفترة الانتقالية... ويتلخص أهمها فيما يلي:- الاخطاء والنواقص في اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية: - - عدم طرح اتفاق قيام وحدة اندماجية كاملة بين الدولتين على الاستفتاء الشعبي العام في كلا الدولتين قبل اعلان قيام الوحدة (بسبب رفض الجانب الشمالي اجراء الاستفتاء) خلافا لما تم الاتفاق عليه في وثيقة اتفاق عدن الصادر بين الدولتين في 30 نوفمبر 1989م مما أفقد هذه الوحدة الشرعية الكاملة لقيامها. - خلو الاتفاق من أية ضمانات عربية أو دولية، أو أحكام تضمن نجاح الوحدة وعدم الانحراف بها عن مسارها الصحيح أو الانقلاب عليها، وترتب المسئولية القانونية في حالة إخلال أحد الطرفين بالاتفاق وإفشال الوحدة. - ضعف الصياغة القانونية الفنية لنصوص الاتفاق المكون من صفحة ونصف الصفحة (في حين أن اتفاقية الوحدة الألمانية مكونة من أكثر من 750 صفحة) وجعله مقصوراً فقط على اعلان قيام الجمهورية اليمنية وتشكيل مجلس رئاسة الجمهورية، ومجلس النواب واختصاصاتهما بإيجاز، وتشكيل الحكومة، واعتباره اتفاقاً منظماً للفترة الانتقالية فقط (المحددة بسنتين ونصف) وليس كوثيقة قانونية أساسية تعتبر كميثاق ومرجعية دائمة لدولة الوحدة. - عدم اشتمال الاتفاق على جميع الاسس والمقومات اللازمة لبناء دولة الوحدة بسلطاتها الثلاث ومؤسساتها الدستورية، وهيئاتها وأنظمتها وأجهزتها المختلفة. - غياب التحديد لمدة زمنية كافية للفترة الانتقالية التي من شانها أن تهيئ للانتقال التدريجي من دولتين ذات نظامين سياسيين مختلفين ومتباينين الى دولة واحدة موحدة، وذلك في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والامنية وغيرها، وفق خطط علمية وبرامج زمنية مدروسة. ثانياً: الاخطاء والنواقص التشريعية في اعداد واقرار دستور دولة الوحدة:- 1-عدم طرح دستور دولة الوحدة للاستفتاء الشعبي العام في الدولتين لإقراره قبل اعلان قيام الجمهورية اليمنية، بينما تمت المصادقة عليه من قبل مجلسي الشعب الاعلى والشورى فقط، يوم قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م وأصبحت أحكامه نافذه منذ ذلك اليوم خلافاً لأحكام المادة(4) من الدستور باعتبار الشعب هو مالك السلطة ومصدرها، ولذلك أصبح الاستفتاء الشعبي العام على الدستور الذي اجري في 15-16 مايو 1991م أي بعد مرور عام على نفاذ الدستور مظهراً شكلياً غير ذي جدوى. وقد قاطع حزب الاصلاح وقواعده وانصاره الاستفتاء على الدستور تعبيرا منهم على رفض الوحده. 2-عدم القيام بمراجعة وتعديل مشروع الدستور قبل المصادقة عليه لأجل إنهاء القصور وسد النواقص الموجودة فيه، حيث تم اعداده بطريقة مرتجلة بعد حرب بين الدولتين قبل قيام الوحدة بعشرسنوات في ظل أنظمة الحكم الشمولي في دولتي الشمال والجنوب. وأهم الاحكام التي كان يتوجب تعديلها أو تضمينها في مشروع الدستور هي: - - مبدأ التعددية السياسية والحزبية وحرية تكوين التنظيمات والاحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي. - حرية النشاط الاقتصادي وحرية التجارة والاستثمار الذي يقوم على أساسه الاقتصاد الوطني. - وضع نظام انتخابي متوازن يعتمد في تكوين الدوائر الانتخابية للجمهورية الى جانب العدد السكاني، المساحة الجغرافية والثروة الطبيعية، ضماناً لعدم هيمنة أحد الشريكين على الآخر. - انتخاب رؤساء المجالس المحلية والمحافظين ورؤساء هيئات السلطة المحلية في إطار الدوائر الانتخابية للمجالس المحلية في المحافظات. - استحداث منصب نائب رئيس مجلس الرئاسة للجمهورية في تشكيلة المجلس الى جانب الرئيس والاعضاء ليتوافق ذلك مع ما نص عليه اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية. - تأكيد الالتزام بالعمل باتفاق اعلان الوحدة واعتباره ميثاقا ومرجعية دائمة ومترتبات الخروج عليه، بينما أكد الدستور الالتزام بالمواثيق الدولية والعربية. ثالثاً: التعارض بين نصوص اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية التي تم بموجبها تشكيل سلطات دولة الوحدة، وبين احكام الدستور: - تم انتخاب مجلس رئاسة الجمهورية اليمنية وأدائه اليمين في اجتماع مشترك لهيئة رئاسة مجلس الشعب الاعلى والمجلس الاستشاري وذلك وفقاً للمادة (2) من اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية، خلافاً لأحكام المادتين(82،83) من دستور دولة الوحدة، اللتين تنصان على انتخاب مجلس الرئاسة من قبل مجلس النواب بالاقتراع السري ويعتبر المرشح عضواً في مجلس الرئاسة بحصوله على ثلثي أعضاء المجلس في المرة الاولى، وإذا لم يتم فبالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس. بالإضافة الى ذلك، فإنه وفقاً لنص المادة(2) من اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية، فقد تم انتخاب مجلس رئاسة الجمهورية لمدة الفترة الانتقالية فقط (المحددة في المادة(3) من ذات الاعلان بسنتين ونصف) وذلك خلافاً لأحكام المادتين(87،84) من دستور دولة الوحدة اللتلن تنصان على ان المدة الدستورية لمجلس الرئاسة هي خمس سنوات شمسية ابتداءً من تاريخ أداء اليمين امام مجلس النواب، هذا من جهة ومن جهة اخرى، فقد تم انتخاب مجلس الرئاسة من خمسة أشخاص انتخبوا من بينهم في أول اجتماع لهم رئيساً لمجلس الرئاسة ونائباً للرئيس وفقاً للمادة (2) من اتفاق اعلان الجمهورية، خلافاً لأحكام المادة (84) من الدستور التي تنص على انتخاب مجلس الرئاسة رئيساً له (فقط) من بين أعضائه دون النص على انتخاب نائباً لرئيس مجلس الرئاسة في قوام تشكيل المجلس، وهو ما تم استخدامه في مواقف – غير معلنه- بقصد الابتزاز ضد نائب رئيس مجلس الرئاسة حينها بصورة تعمدت الاهانة والإساءة الى الرجل الذي وقع اتفاق اعلان الوحدة اليمنية. تم تكوين مجلس النواب للجمهورية اليمنية من كامل أعضاء مجلس الشورى ومجلس الشعب الاعلى في الدولتين السابقتين بالاضافة الى (31) عضواً صدر بهم قرار من مجلس الرئاسة، وأنيطت بمجلس النواب الصلاحيات المحددة له في الدستور ما عدا انتخاب مجلس الرئاسة وتعديل الدستور، وذلك وفقاً للمادة (3) من اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية بالمخالفة لأحكام المادة (41) من الدستور التي نصت على تكوين مجلس النواب من أعضاء ينتخبون بطريقه الاقتراع السري العام الحر المباشر المتساوي، ويمارس المجلس كافة الصلاحيات المحددة في الدستور دون استثناء بما في ذلك انتخاب مجلس الرئاسة وتعديل الدستور. وفي حالة خلو مقعد أي عضو من اعضاء مجلس النواب لأي سبب كان فقد نصت المادة (3) من اعلان اتفاق الجمهورية بأن يتم ملئه عن طريق التعيين من قبل مجلس الرئاسة، خلافاً لأحكام المادة (61) من الدستور التي نصت على انتخاب خلف عن العضو الذي خلا مقعده في مجلس النواب إذا كانت المدة المتبقية للمجلس لا تقل عن سنة. وقد نصت المواد (10،9،8) من اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية على نفاذ أحكام دستور دولة الوحدة خلال المرحلة الانتقالية فقط اعتبارا من تاريخ المصادقة عليه من قبل كلٌ من مجلسي الشورى والشعب، واعتبار المصادقة عليه مُلغية لدستوري الدولتين السابقتين. وذلك خلافاً للمبادئ والقواعد الدستورية التي تقرر نفاذ أحكام الدستور من تاريخ إقراره في استفتاء شعبي عام. كما أن الدستور يوضع لمرحلة تاريخية غير محددة المدة وليس لفترة انتقالية مدتها سنتان ونصف. وقد انقضت الفترة الانتقالية في 22 ديسمبر 1992م دون أن يعقبها اصدار دستور جديد – حسب اتفاقية الوحدة – لانتهاء فترة العمل بدستور الوحدة او على اقل تقدير تعديل دستور الوحدة لأنهاء القصور والسلبيات وسد النواقص التشريعية الموجودة فيه التي برزت خلال الفترة الانتقالية. كما انقضت الفترة الانتقالية دون ان يتم استكمال توحيد البناء المؤسسي لدولة الوحدة وعلى سبيل المثال الحصر المؤسسة العسكرية والامنية (الجيش والامن) ومؤسسة الطيران المدني والملاحة البحرية والإنشاءات الصناعية والانتاجية وشركات القطاع العام... الخ. كما ان الانتخابات البرلمانية التي جرت بعد انتهاء الفترة الانتقالية بانتخاب مجلس نواب عام 1993م انتخب بدوره مجلس رئاسة للجمهورية تمت في غياب الدستور وبطريقة اخلت بالتوازن في الشراكة القائمة لدولة الوحدة. إن هذه الاخطاء والنواقص والسلبيات الموجودة في اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية، ودستور دولة الوحدة، والتعارض فيما بينهما، والانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت بعد انتهاء العمل بالدستور لم تكن عفوية، بل كان مخطط لها وتعبر عن نية مبيته في الانقلاب على الوحدة من طرف (الجمهورية العربية اليمنية)، إذ كان لها تأثيراً سلبياً بالغاً على مسار الوحدة منذ بداية اعلانها، مما ساعد على تحويل المشروع الوحدوي من شراكة سلمية نديه متساوية ومتوازنة قامت بالتراضي والاتفاق بين دولتين ونظامين سياسيين مختلفين الى ضم وإلحاق لإحدى الدولتين بالأخرى، والهيمنة الكاملة عليها وعلى كامل مقدرات ومقومات الدولة، والشعب والارض بما فيها من ثروات والسلطة، وهو ما توج في 7/7/1994م باحتلال جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية بعد إعلان الحرب عليها واجتياحها بالقوة المسلحة من قبل الجمهورية العربية اليمنية، مما يعني ذلك صراحةً إلغاء اتفاق اعلان الوحدة ودستورها، وإحلال دستور آخر بديلاً عنه تم الاستفتاء عليه بعد ثلاثة اشهر من احتلال الجنوب وبالتحديد في 1/10/1994م وكان المسمار الاخير في نعش الوحدة. (وكان حزب التجمع اليمني للإصلاح في مقدمة الداعين للاستفتاء بنعم على هذا الدستور اذ كان شريكا في الحرب على الجنوب وفي السلطة التي اعقبتها). إن كل هذه الاسباب السابق ذكرها كافية لتقويض مشروعية ما جرى الحديث عنه من وحدة قائمة على اسس دستورية وقانونية سليمة، كما أن غياب ما كان ينبغي النص عليه من أحكام تنظيمية شاملة ومتكاملة و لفترة انتقالية كافية وتتضمن معالجات لحالات الخلاف بين طرفي الاتفاق، كان هو السبب المنطقي لممارسات الاغتيالات خلال الفترة الانتقالية ضد ابناء الجنوب من كادر مدني وعسكري ممن حملوا أمتعتهم واستجابوا لنداء وحدة اعتقدوا انها اقيمت على بنيان صلب ومتين، ولكن تبين لهم وفي اقل من اربع سنوات أنهم كانوا فريسة شريك لا يتمتع بمصداقية ووفاء بالعهود والعقود، وكانت حرب 1994م تتويجا لحلقات التآمر على الجنوب وشعبه وثرواته وكامل مقدراته. ولم تفلح وثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها بين الشريكين في الاردن الشقيق لايقاف مخطط الحرب على الجنوب، كما لم تلتزم سلطة الحرب بقراري مجلس الامن الدولي رقمي 924 و931 ولابقرارت مؤتمر ابها لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر وسوريا بايقاف الحرب على الجنوب. بالإضافة الى عدم وفاء سلطة ما بعد الحرب بالتعهدات التي قطعها رئيس الحكومة د/ محمد سعيد العطار للأمم المتحدة بحل الخلافات بالتفاوض والتفاهم مع الجنوب. ان الحديث عن الممارسات والانتهاكات بكافة اشكالها وانواعها التي تعرض لها الجنوب وشعبه وارضه وثرواته ومؤسساته وكوادره بعد الحرب واجتياح الجنوب في 7/7/1994م لا يعني بالمطلق ان القضية الجنوبية قضية حقوقية وأنها ليست قضية سياسية، والتناول للحقوق لا يعدو ان يكون مؤشر استدلالي لطبيعة القضية الجنوبية في محتواها السياسي الصرف، فالحقوق التي جرى انتهاكها تحولت الى ممارسات جماعية ممنهجة ضد فئة محددة هي الجنوب ارضا وانسانا وهوية. المحتوى الثقافي الاجتماعي للقضية الجنوبية: طمس هوية وثقافة الجنوب يقول عباس محمود العقاد "إذا أردت أن تدمر أمة فأبدأ أولاً بثقافتها". ولما كانت سلطة صنعاء تعرف جيداً أن الجنوب هوية وثقافة وكيانسياسي وقانوني، تاريخي وجغرافي، ضارب أعماقه في جذور التاريخ. عملت السلطة، على السعي جاهدة لكل ما من شأنه طمس الهوية الثقافية للجنوب وتاريخة السياسي، لمصلحة المنتصر بمفهوم أن الجنوب مجرد فرع للشمال، بل تحويل التاريخ السياسي والثقافي والتراث الكفاحي الجنوبي إلى فيد صيغ وفقاً لثقافة المنتصر في إطار من التضليل لخلق هوية وطنية جديدة زائفة يكون فيها الولاء للنظام في صنعاء. يؤكد الباحث أ. قادري أحمد حيدر أن قوى الحرب : ( حرمت شعب الجنوب من ثروته الوطنية وتجويعه وإفقاره بعد تحويل ثروته الوطنية والإجتماعيه والتاريخية إلى غنيمة حرب, وفيد, للمتنفذين العسكريين والقبليين, و الجهاديين الإسلامويين, وكان أكثرها قسوة ومرارة على العقل والقلب والوجدان, تدمير وإهانة تراثه الثقافي و الإجتماعي و الوطني, وتحقير رموزه السياسية والوطنية التاريخية, و إزالة معالمه الثقافيه, و الإجتماعية و الوطنية المجسدة لشخصيتهم ولمعنى وجودهم الإجتماعي و الوطني, في عملية تدمير وتخريب واسعين, وبصورة ممنهجة ومنظمة من تدمير للذات الوطنية و الإجتماعية الجنوبية لم يعرفها أبناء الجنوب حتى في ظل الإستعمار). إن القراءه المتأنية لهذه الفقرة، تعكس بمصداقية حقائق معاناة الجنوب أرضاً وإنساناً. والشواهد كثيرة في المحتوى الثقافي و الإجتماعي، و بشكل خاص في التهميش المعنوي الذي تبرز مظاهره من خلال تغيير حوالي (9552) من الأسماء و الرموز الجنوبية للشوارع والمدارس، و المستشفيات، وقناة عدن التلفزيونية و كذلك سحب معظم الكتب و المراجع والمصادر الخاصة بالجنوب و إتلافها، بل إحراقها بما فيها كتب الأحصاء السنوي و الجريدة الرسمية للفترة ما قبل عام 1994م, مما يؤكد السياسات الممنهجة لمحو الجنوب وكل ماله صلة بالتاريخ و الهوية و المكان و الإنسان في الجنوب. (عدن) و الذي كان يتغزل نظام صنعاء بها, ومنحها من الألقاب ماشاء له (العاصمة التجارية والإقتصادية),(ثغر اليمن الباسم)، (العاصمة الشتوية) في محاولة لتأجيج العواطف من منطلق (رحلة الشتاء و الصيف) فهي المدينة الأمنه, المدينة التي ظلت لأكثر من قرن, مدينة متطورة مدينة منفتحة, عاشت فيها مختلف الأديان و المذاهب و الطوائف بسلام ومحبة, هويتها عالمية, كما كانت هوية حضرموت ذات الحضاره الموغلة في التاريخ لألاف من السنين, إستطاع الأجداد الحضارم نشر الإسلام في شرق و غرب آسيا, حيث أسلم على أيديهم أكثر من نصف مليار مسلم, في إطار من الوسطية ونبذ العنف و الإرهاب الديني, ولم يكفروا أحداً .. في الوقت الذي حولت السلطة في الشمال، أرض الجنوب إلى مزرعه للتطرف والإرهاب، وبث الدعاية المغرضة المسيئة ضد شعب الجنوب ممارسة الإرهاب الديني والفكري،وإنتشرت في غضون أقل من سنتين بعد حرب 1994م ظواهر إجتماعية سلبية وسيئة تم تعميمها في الجنوب تتركز في: - 1. ظاهرة عدم الإحتكام للنظام والقانون. 2. الظلم والتعسف الإجتماعي. 3. ظاهرة ثقافة العيب وظلم المرأهوإلغاء مكتسباتها المحققة إستناداً إلى الدستور، والقوانين الصادرة في ظل ج.ي.د.ش. 4. ظاهرة الرشوة والإختلاس للمال العام. 5. ظاهره التسول. 6. ظاهرة حمل السلاح والتعصب القبليوالثأر والتقطع. 7. ظاهرة تعاطي القات طوال الأسبوع وتوسع نطاق تناولهوتداوله، حتى أصبحت المدن الجنوبية أسواقاً فقدت مظهرها كمدن حضرية. طمس الهوية: في ظل نشوة الإنتصار، تم تغيير إسماء الكثير من المدارس،وتم تسميتهاﺒ(7يوليو)، كما تم تغيير النمط المعماري الجنوبي، ليحل محله النمط المعماري الشمالي، وبرزت (القمريات) كرمز من رموز هوية سلطة المنتصر، كما تم تدمير الساحات العامة ونصبها التذكارية وماتحمله من مضامين النضال وتضحيات الجنوبيين كساحة الشهداء بالتواهي– ضريح الجندي المجهول – وكذا نصب ساحة العروض بخورمكسر (حالياً هي ساحة الحرية والإستقلال). بوابة (سجن عدن) كانت تقف شاهدة على مساحة هي وحدة سكنية، جرى تدمير هذه البوابة وتسليم المساحة لمتنفذ حولها إلى (محلات خياطة، تنجيد وكوافير. إلخ) كما تم نهب العديد من الأثار والوثائق والمستندات من المتاحف الجنوبية وتم نقلها إلى صنعاء كما جرى تهريب كل مقتنيات المتحف الوطني (قصر السلطان) بل حول متحف الثورة في ردفان إلى (مخبز) وتم تغيير بوابة المتحف العسكري بمدينة كريتر، وزيفت فيه العديد من الحقائق التاريخية كما تعرض قصر السلطان بمحافظة لحج الى تدمير وتشويه لحق كل ممتلكاته. طال طمس الهوية بعضاً من المساجد التاريخية في الشيخ عثمان،وكريتر، يعود البعض منها إلى زمن الخلفاء الراشدين منها مسجد (أبان) حيث تم تدمير وسرقة محتوياته و إعادة بنائه على نمط المساجد الشمالية ولم يسلم (تلفزيونعدن) و هو الذي يعد من أقدم القنوات الفضائية في الجزيرة حيث تأسس 1962م, و إمعاناً في الإذلال تم تغيير الإسم إلى قناة (اليمانية) تأكيد لفرض هوية المنتصر!. وبحسب اعتراف مدير عام قناة عدن فانه تم نقلأكثر من اربعة الاف شريط الى قناة اليمن وتبث اليوم من قنوات خاصة. (ملحق رقم 10 ص1) كما تم نهب العديد من المخطوطات و القطع الأثرية, و العبث بعشرات المواقع التاريخية, بالإضافة إلى نهب تاريخ و أرشيف دولة الجنوب و المصادرة لكافة الوثائق التاريخية المختلفة المحفوظة في المكتبات الوطنية و المتاحف و مراكز البحوث و الدراسات بالكليات الجامعية, إلى جانب السطو على السجل المدني و الوثائق البلدية التي تعتبر مرجعاً ومصدراً هاماً من مصادر تاريخ الجنوب و الإنسان لم يسع الإستعمار البريطاني إلى تدميره أو تهريبه أو إتلافه وتتميز مدينة (عدن) بأنها شهدت أول إنتخابات بلدية و تشريعية إبان الإحتلال البريطاني, ويقف المجلس التشريعي شاهداً على هذه الحقبة التاريخية شارك في هذه الإنتخابات سكان(عدن) بمختلف أجناسهم, ودياناتهم .. واليوم يحيط بهذا المبنى التاريخي، العمارات الشاهقة لتطمس هذا المعلم الهام،ويحدث كل هذا في ظل تجاوز للتخطيط الحضري لمدينة (عدن) إلى جانب الإهمال المتعمد لصهاريج (عدن) في ظل غياب الدولة سعى بعض الأهالي الاستيلاء على هذه المعالم التاريخية الأثارية وبناء المساكن في باطن هذه الصهاريج والمعبد اليهودي ومعبد الفرس ومعبد الهندوس والاعتداء على الكنائس. كارثة التعليم وتشويه المناهج: - لقد تدهور المستوى التعليمي للسكان في الجنوب،ويلاحظ ذلك من خلال البيانات الرسمية طبقاً لمسح ميزانية الأسرة، متعددة الأغراض المنفذ عام 2006م، الملحق رقم(2) الجدول رقم (17) (ص45-49) توضح بجلاء حجم هذا التدهور الذي شمل كل المستويات التعليمية بدءاً من الروضه حتى الجامعه. وإذا سلمنا بأن المناهج التعليمية تشكل المحتوى الأساسي لعملية التعليم والتعلم، وأن أي نظام تعليمي تربوي، أول ما يولي من إهتمام، تكون مناهجه التعليمية مرتكزاته الأساسية. يقف المرء متألماً إذا ما عقد مقارنةً بين الأمس واليوم ليقيس من خلالها مستوى الاهتمام بالتعليم في جنوباليمن قبل التسعين وبعده، ويصل بعدها إلى حقيقة صادمة مفادها أن المدنية لم تنتقل من عدن إلى صنعاء بل العكس ما حصل فالشمال هو من أصاب الجنوب بعدوى القبيلة التي لم ترحم حتى مفاصله التعليمية. فالتعليم نهضة امة وسيادة وطن والعجلة الدافعة نحو تطور الشعوب ورفاهها والنظام السابق نجح بضرب الجنوب في مقتل من خلال استراتيجية التجهيل الممنهجه التي أصابت شباب الجنوب لينتج جيلا ضعيفاً مقارنةً بجيل ما قبل الوحدة. أما جيل ما قبل الوحدة فقد حظي بكثير من الامتيازات آنذاك تهتم كثيرا بالطالب ماديا واقتصاديا ما ينعكس على استقرار الطالب النفسي، فتأمين المناهج المجانية والدخل الشهري والمواصلات ومقاعد الدراسة كان كفيلا بخلق استقرار نفسي يدفع الطالب صوب مزيد من التحصيل العلمي. أما النظام الدراسي وآلية الانتقال من سنة دراسية إلى أخرى فقد كانت محكمة للغاية ولم يسودها الهرج والمرج كما هو حاصل اليوم، والصف السادس كان مرحلة مهمة ووزارية، واللغة الانجليزية جزء هام من التعليم الابتدائي ومحور هام في تنشئة عقلية الطالب، أما اليوم فهي مجرد كتاب يمنح في الصف السابع لمجرد إسقاط الواجب. وفور تخرج الطالب الجنوبي سابقا لم يكن يحتاج لوساطة قوية أو مبلغ محترم كي يحظى بمنحة دراسية إلى أي دولة أجنبية، فتفوقه يكفي ليكفل له ذلك وكانت الدولة تحترم مسؤولياتها تجاه رعاياها في الخارج بعكس ما يعانيه الطلاب اليوم من الجوع والبرد خارج البلاد. وحتى وان لم يحظى الطالب بمنحة خارجية فهناك العديد من الكليات الداخلية يمكنه أن يتلقى تعليمه فيها بقوة ويتخرج منها إنسان مؤهل ليخدم نفسه ومجتمعه، وبالإضافة إلى التعليم الجامعي القوي هناك تأهيل مهني وتدريب فني يهتم بمن لم يكمل تعليمه الأساسي والثانوي، بل قد يوفق هؤلاء الطلاب بمنح خارجية في تخصصاتهم المهنية اغلبها كان إلى كوبا والمانيا الديمقراطية-سابقاً-. إذن فقد عاش الجنوب في ظل نظام تعليمي قوي ومحكم يدعم الطالب ليبني الوطن، أما اليوم فنحن نرثي الماضي الجميل لما نشهده من واقع مؤلم حول عدن ومدن الجنوب إلى مدن بيوتها من الجهل وأسوارها من الغش وشبابها يحمل شهادة دون علم،فمجرد التفكير بالتعليم وعقد مقارنة موضوعية بين الحاضر والماضي يجعلنا نصاب بالضغط ويتسبب بأزمة قلبية وليس المطالبة فقط بالانفصال فحسب. لقد كان الجميع يأمل أن تجلب الوحدة الرخاء والقوة إلا أنها منحتنا الجهل والفقر والمرض، وأصبح من الصعب أن نتعلم بل أن نعيش. وصارت المقارنة بين الأمس واليوم إحدى الأسباب الرئيسية إلى جانب التدخين للإصابة بأمراض القلب والسرطان. (انظر الملحق رقم 2). أن سياسة المنتصر فرضت مفرداتها ومصطلحاتها على الكتاب المدرسي حيث كرست المناهج التعليمية إلغاء وإقصاء الأخر (الجنوب) في الكتاب المدرسي لمرحلة التعليم الأساسي والثانوي في مادتي التاريخ والتربية الوطنية. فكتاب التربية الوطنية للصف الثامن يكرس العديد من المفاهيم تندرج تحت مسمى طمس الهوية والثقافة، بل فرض سياسة القوة(ص16) من هذا الكتاب المدرسي يتناول دحر الإنفصالوحماية الوحدة: (يعتبر 7يوليو من الأيام الخالدة حيث تمكن الشعب اليمني وقيادته الوحدويةوقوات الشرعية من القضاء على مؤامرة الإنفصال التي سعت إلى تمزيق اليمن من جديد)وكأن الوحدة كانت أصلاً محققة وموجودة على أرض الواقع. وفي مكان أخر تشير المادة إلى:(لكن تضحيات الشعب وتلاحمه مع القيادة وقوات الشرعية أدى إلى الحفاظ على وحدتنا الغالية وحمايتها). هذه التعبئة في الكتاب المدرسي تشرعن للفتاوى التكفيرية المستمرة في حق الجنوبيين فالوحدة من الثوابت الدينية والوطنية. في الوحدة الثالثة من نفس الكتاب (ص38-43) اليمن الهوية.إستند الدرس إلى المادة الأولى من الدستور (الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولايجوز التنازل عن أي جزء منها.إلخ) ؟! هذا النص في ظل أوضاع التعبئة الخاطئة، تأكيد على أن هذه الوحدة بالقوة وحدة لا تتجزأولايمكن التنازل عن هذا الجزء الجنوب. منجزات الثورة في المجال السياسي توضح القضاء على الحكم الإمامي، جلاء الإستعمارالبريطاني، بناء الجيش الوطني القوي، إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، تطبيق الديمقراطية والتعددية السياسية، دحر الانفصال وحماية الوحدة! -العنف ضد المرأه: ظاهره العنف المنظور والغير منظور ضد المرأه وبشكل خاص العنف الأسري لم يعرفها المجتمع في الجنوب، تبرز كواحدة من الظواهر الإجتماعية، إلى جانب الزواج المبكر، ظاهره التسرب من التعليم في المرحلة الأساسية،والثانوية العامة(ملحق رقم 3). بموجب قرار مجلس الوزراء رقم(193) لعام 1995م. تم خصخصة القطاع الصناعي ومؤسسات القطاع العام تحت مبررات إنها مرافق صناعية متعثرة ومتوقفة عن الإنتاج من ضمنها تعاونية المرأه للخياطة والتي تأسست عام 1972م من خلال تشجيع الإتحاد العام لنساء اليمن، بتأسيس هذه التعاونية، تركز نشاطها في خياطة الملابس المدرسية، ملابس رياض الأطفال وملابس متنوعة. أفرزت الخصخصة النتائج التالية تحملت المرأه الجنوبية تبعاتها وهي: 1. إستفحال ظاهره الفقر بشكل كبير في المحافظات الجنوبية والشرقية. 2. الغاء الخدمات الإجتماعية التي تحصلت عليها المرأه العاملة الجنوبية من حيث الرعاية الصحية، تقديم المساعدة عند السفر والزواج، تقديم المساعدة المادية عند الولادة والوفاة. 3. إرتفاع عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر. 4. إرتفاع حالات التقاعد المبكر بين أوساط النساء العاملات. 5. فتح إجازة مفتوحة محدودة الأجر تدفع كل 3أشهر للعاملات والعاملين في المرافق والمؤسسات للقطاع العام والصناعي شكل كل ذلك بطالة جماعية. لقد كان للضمانات المقدمة للمرأة العاملة في الجنوب أن ساعدها في فرص العمل الممنوحة، أذ بلغ عددها في القطاع الصناعي (27,662) عاملة ما نسبته 21,8% من إجمالي القوى العاملة في الجنوب.واحتلت محافظةعدن، أعلى نسبة في توظيف النساء، حيث بلغت نسبتهن 25,4% من إجمالي العاملين في المحافظة،وفي القطاع الحكومي بلغت نسبة مشاركتها 65,4%.وانخفضت هذه النسبة لتصل عام 1996م إلى 18,4%،وتصل نسبتها كقوة عاملة فائضة إلى أكثر من 13,4%. الفنون والإبداع الإنساني: فرض نظام صنعاء ثقافة استهدفت التراث الشعبي و الثقافة الجنوبية الجامعه التي تدل على تماسك المجتمع المحلي و الألفة بين الناس و التجانس و التوازن المجتمعي الجنوبي وهويتة المدنية, فسعى سعياً حثيثاً للقضاء عليها مقابل إذكائه لثقافة العنف والتطرف والتعصب و الإستئثار و الإستحواذ ما أحدث جدباً في الإنتاج الأدبي و الفني و الغنائي فلم يسلم الأدب و الشعر و القصه و الرواية التي دخلت طرفاً واضحاً لتكشف أزمة الروح و الوعي الوطني تجاه الوحدة بعد قيامها وتحديداً بعد حرب 1994م وظهور نتائجها المأساوية و الكارثية, ويمكن في هذا الصدد العودة إلى الكثير من قصائد الشعر الشعبي و الزوامل حتى النكته أصبحت أحد أدوات التعبير الناقد للواقع السياسي القائم. ولقد تعرضت المؤسسات الإعلامية والثقافية والإبداعية إلىالتهميش، وفرضت سلطة صنعاء على المشاهد والمستمع والقارئ الجنوبي ثقافة المنتصر، وكرست منهج العنصرية والقبيلة. لقد لعب إعلام السلطة دوراً تحريضياً وعمل على تعزيز ثقافة الكراهية ضد الجنوبيين مفرداً لهم العديد من التصنيفات (كالخونة،والإنفصاليين)،والترويج للفتاوى الدينية في قتل الجنوبيين وإستباحة الأرض. صحيفة (الأيام) والتي تأسست عام (1958) وصدر أول عدد لها 30 يوليو1958م وكانت الصحيفة التي أفردت في صفحاتها الأخبار عن نضال الشعب في الجنوب ضد المستعمر البريطاني،واختطت لنفسها ملامح حقبة تاريخية هامة.وإحتلت المرتبة الأولى بين الصحف الأهلية الأوسع انتشارا لتصبح بحجم الجنوب (الوطن) تعرضت مثل شعب الجنوب إلى إرهاب الدولة، فكان 5يناير2010م تاريخ أسود في حياة الصحافة الجنوبية، دفعت صحيفة (الأيام) ثمن المبادئ والقيم والأخلاق المهنية ضريبة هائلة طالت الناشرين الفقيد هشام باشراحيل وتمام باشراحيل وأضراراً بالغة مادية ومعنوية... للتفاصيل أنظر ملحق رقم (7) و(8) لم تسلم الاندية الرياضية من الاستيلاء عليها من قبل المتنفذين لسلطة صنعاء، حيث سيطر وبسط هؤلاء على مقاليد الهيئات الادارية لهذه الاندية الرياضية والتي يعود تاريخ التأسيس لبعض منها الى اوائل القرن الماضي-نادي التنس العدني ونادي الهوكي -كل ذلك بهدف استغلال المال والقوة ولإذلال ابناء الجنوب ونشر الفساد وشراء الذمم وتحويل الأندية الرياضية الى ملكيات وإقطاعيات خاصة. تدمير البنية المؤسسية والبشرية للجنوب القتل: منذ إنتهاء الحرب بين الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمنالجنوبي) في 7 يوليو 1994، شهدويشهد الجنوب تصعيداً غير مسبوق في انتهاكات حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني وتمييز عنصري ممنهج، والتي ترتكب من جانب القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لنظام صنعاء المنتصرة في حرب 1994. حيث واصلت القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لها من المتنفذين وأمراء الحربفي فترة ما بعد (توقف العمليات العسكرية) في 7 يوليو 1994بإستهداف المدنيين الجنوبيين فيما كان يعرف ب اليمنالجنوبي، وإرتكبتإنتهاكات في مبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني. وتشمل تلك الإنتهاكات، أعمال القتل، وجرائم الاغتيال، والإنفجارات، والقصف للمدن والقرى الجنوبية، وتدمير البنية التحتية، وفرض الحصار والعقاب الجماعي على المدنيين الجنوبيين. ويغطي هذا المحتوى الفترة من 7يوليو 1994م حتى 11 مارس 2013م. ووثّق 1237جريمة قتل وإغتيال سياسي، بينهم 122 طفلاً، و55امرأة، و19كهل. وقدشجع صمت المجتمع الدولي نظام الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) على إرتكاب مزيد من الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين الجنوبيين، وبدأهذاواضحاً من خلال استهتاره بأرواح المدنيين الجنوبيين الأبرياء، وخاصة النساء والأطفال منهم، أثناء اقترافه لجرائم القتل. وقد تصاعدت وتيرة الانتهاكات، خاصة منذ بدء الحراك السلمي الجنوبيفي 7 يوليو 2007م المطالب بالإستقلالوأستعادة دولة الجنوب، التي كانت قائمة حتى قيام الوحدة اليمنية بين الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمنالجنوبي) في عام 1990م.قوائم القتلى في الملحق رقم (1). وهذه القوائم لاتضم اخر الضحايا الذين سقطوا وقت كتابة المحتوى للقضية الجنوبية مثل الشاب أحمد محمود درويش،16 عاماً، والذي قتل بطلقات الامن المركزي في الطويلة في عدن والشابان حسن جعفر امان،19عاماً، وخالد محمد الخطيب, 19عاماً الذان قتلا بدم بارد في صنعاء ودهست جثة الأخير بسيارة القتله اثناء فرارهم. الأقصاء: الاقصاء والتهميش من الوظيفة العامة للجنوبيين ملمح واضح في مجالات الخدمة العامة وهذا يتنافى مع المواثيق الدولية التي تنص على ان العمل حق انساني والممارسات التمييزية العنصرية تجاه الجنوبيين تبرز في الأمثلة التالية: وزارة التخطيط: منذ العام 1997م ووزارة التخطيط والتنمية سابقاً –حالياً وزارة التخطيط والتعاون الدولي-تخلوا من الكوادر الجنوبية في مواقع صنع واتخاذ القرار في الوزارة فلا توجد كوادر جنوبية في تشكيلات الوزارة او في منصب وكيل وزارة او وكيل مساعد في الوزارة فهناك على الدوام نائب وزير وخمسة وكلاء وزارة ووكيلان مساعدان كلهم من المحافظات الشمالية. لايوجد أي كادر جنوبي على رأس أحد المشاريع أو الصناديق التابعه للوزارة اما الذين يشغلون هذه المناصب فهم: 1. على جبل، وكيل وزارة، رئيس المكتب الفني والمسؤول عن عدد من المشاريع والصناديق ومكتب تنسيق المعونات. 2. محمد المسوري، صناديق دول الخليج. 3. م.العزي المنصوب، مشروع البنك الأسلامي. 4. نبيله الجرافي، منظمات المجتمع المدني. 5. خالد الذبحاني، البنك الدولي والامن الغذائي + مشاريع الاتحاد الأوروبي والإيفاد وبرامج الفاو والزراعة والمعونات السلعية الامريكية والفرنسية (ويسمى تندراً كمبيوتر الوزراة). 6. د.محمدالحاوري، رئيس لعدة وحدات إقتصادية والمسؤول الأول عن برنامج المعونات والمنح وتعهدات المانحين. عدد من هؤلاء المذكورين هم رؤساء الصناديق والمشاريع أعضاء في مجالس الأدارات والبنوك والمشاريع الأخرى في الحكومة اليمنية وكذلك أعضاء في مجالس إدارة في الصناديق الدولية والإقليمية والبرامج الاقتصادية التي تعقد خارج اليمن. إضافة الى لجنة شؤون الموظفين ولجنة شؤون التدريب ولجنة المناقصات. ويسود شعور عام لدى الكوادر الجنوبية ذات الكفاءة والخبرة في العلاقات الإقليمية والدوليةدولي في الوزارة انهم مواطنين من الدرجه العاشرة ويعاملون بالشك في كل خطواتهم وبان قيادة الوزارة لاتريدهم ان يعرفوا الأرقام والمشاريع المتفق بشأنها مع الدول والعالم الخارجي حتى لايفتضح أين تخصص ومت تخصص ولمن تخصص. القضاء (وزارة العدل) : الدفعة الاجمالي ابناء المحافظات الجنوبية النسبة % التاسعة\عام 1990 65 18 27.6 % العاشرة 35 4 11.4 % الحادي عشر 54 5 9.2 % الثاني عشر 80 2 2.5 % الثالث عشر 25 2 8 % الرابع عشر 23 1 4.3 % الخامس عشر 82 8 9.7 % السادس عشر 82 12 14.6 % السابع عشر 76 4 5.4 % الثامن عشر 92 18 19.5 % التاسع عشر 86 10 11.6 % العشرين 150 3 2 % الاجمالي العام 850 87 10.2 % إن الكوادر الجنوبية في القضاء والنيابة والعدل يواجهون التمييز والعنصرية من حيث التعيين والتسويات وكل ماله علاقة بالوظيفة العامة استناداً الى الكفاءة والخبرة والمستوى التعليمي ففي المعهد العالي للقضاء على سبيل المثال نسبة المقبولين من ابناء المحافظات الجنوبية ضئيل جداً منذ قيام الوحدة ولاتتعدى 10.2 % , الأمر الذي يتطلب ضرورة تعديل سياسة القبول في المعهد العالي للقضاء و اعطاء مقاعد كافية لأبناء المحافظات الجنوبية و فرص حقيقية في المعهد العالي للقضاء ويتحتم على لجنة القبول في المعهد العالي للقضاء ان تنزل الى محافظة عدن و بقية المحافظات الجنوبية للمفاضلة و اعطاء فرصة أكبر لأبناء هذه المحافظات حيث لا يعقل أن تظل هذه السياسة الاقصائية لأبناء المحافظات الجنوبية في القبول في السلطة القضائية و على سبيل المثال في الدفعة العشرين ثلاثة فقط من ابناء المحافظات الجنوبية في حين منحت احد المديريات في المحافظات الشمالية سبعة و عشرين مقعداً الأمر الذي يتوجب على المنتديات القضائية في المحافظات الجنوبية تبني هذا الأمر بقوة و إلزام السلطة القضائية بمراعاة ذلك والجدول ادناه يوضح هذا التمييز الفاضح بجلاء. وزارة الصحة: يضم ديوان وزارة الصحة 1225 موظفاً منهم 26 جنوبي فقط ورفع الى مكتب رئيس الجمهورية من قبل مكتب وزير الصحة طلب يتغيير عدد من وذكر جنوبي واحد فقط.. تدير الوزارة 13 هيئة (مستشفى) ثلاث هيئات في الجنوب وهي المستشفى الجمهوري بعدن ومستشفى ابن سيناء في حضرموت ومستشفى الرازي بأبينوبالمقارنه هنالك تسع هيئات في الشمال ثلاث منها في صنعاء. في هيكل قيادة الوزارة هنالك وزير وأربعة وكلاء شماليين ووكيلين جنوبيين. وهناك 36 مديراً شمالي يقابلهم 3 مدراء جنوبيين أما إدارة الشؤون المالية والتي يرأسها عبد الكريم الولي (شمالي) فهنالك 50 موظفاً جميعهم شماليين. اما الملحقيات الصحية في سفارات اليمن بالخارج فهنالك خمس ملحقيات واحدة فقط يرأسها جنوبي وهي الملحقية الصحية بالهند. وزارة المالية: في وزارة المالية الوزير شمالي ونائبة جنوبي بينما هنالك 16 وكيل وزارة شمالي مقابل واحد جنوبي ومدير المعهد المالي ونائبه شماليان وايضاً 22 مديراً شمالياً مقابل 4 جنوبيين. أكاديمية الشرطة (وزارة الداخلية): في تخصصات البكلاريوس، علوم قانون، دبلوم شريعه منذ العام 2000 كان توزيع الطلاب كما يلي: الدفعه عدد الطلاب الجنوبيون نسبة الجنوبيون الى الشماليين 34(2001) 240 34 14 % 35 220 22 10 % 36 187 22 11.7 % 37 330 30 9 % 38 450 40 8.8 % 39 700 75 10.7% 40 500 100 20 % 41+42 1029 137 13 % المجموع 3656 460 12.5 % كلية الدراسات العليا (ماجستير علوم شرطة) منذ انشاء المعهد العالي لضباط الشرطة في العام 1988م كان مجموع الخريجين 542 منهم 20 من الجنوب فقط وثلاثة سوريين. في العام الدراسي الحالي 2012م-2013م عدد الطلاب 146 منهم 6 جنوبيون اي 4 % فقط. بنهاية يوليو 2013م سيكون مجموع الخريجين من كلية الدراسات العليا: 542+146=688 منهم 26 جنوبي بنسبة 3% فقط. البعثات: هنالك 150 مبتعث لنيل درجة الدكتوراه منهم 5 من الجنوب فقط بنسبة 3% هنالك 150 مبتعث لنيل درجة الماجستير منهم 10 من الجنوب فقط بنسبة 6% المبعوثون الى الخارج في كليات الشرطة الخليجية 680 ضابطاً منهم 51 جنوبي فقط بنسبة 7.5% الكلية البحرية: في هذه الكلية 1113 طالب منهم 197 من الجنوب بنسبة 18% فقط. الكلية الحربية (وزارة الدفاع): اجمالي الخريجين من العام 1993 الى 2012 اي من الدفعه 30 الى 47 كان 7000 خريج منهم 400 جنوبي بنسبة 5.7 %. فعلى سبيل المثال الدفعه 30 للعام 1993 كان عدد الخريجين 250 منهم 11 جنوبي اي 4% وفي العام 2012م كان عدد الخريجين 422 منهم 35 طالب من الجنوب ومن المديريات الى ضمت الى محافظات الضالع ولحج باجمالي 8.2 %. كان اجمالي الضباط المنقولين من عدن الى الكلية الحربية كمدربين ومدرسين 176 تبقى منهم في الكلية اليوم 33 ضابطاً. اجمالي عدد الضباط العاملين في الكلية الحربية حالياً 179 ضابط منهم 30 ضابط جنوبي (عامل). هناك دورات في الكلية العسكرية للضباط عددهم 700 ضابط من الجنوب 15 فقط بنسبة 2%. وزارة الداخلية: عدد الضباط حالياً 18900 ضابط منهم 3800 جنوبي فقط في العام 1990 كان الضابط الجنوبيون 2800 مقارنه ب 3500 ضابط شمالي، وبنهاية 2012م كان الجنوبيون حوالي 3000 بينما تضخم عدد الضباط الشماليون الى 18000. خلال العامين 2011 الى 2012 تم تجنيد 26000 جميعهم من ابناء الشمال. متقاعدين الامنيين والعسكريين قسراً: تجدون في الملاحق الملحق رقم(9)كشوفات المتقاعدين الامنيين في المحافظات الجنوبية وعددهم 12089 متقاعد وفي الملحق رقم 10 المتقاعدينالعسكريين وتقسيمهم كالتالي: لحج: 11838 ابين: 11295 عدن: 10314 الضالع: 3639 شبوة: 2173 حضرموت: 1896 المهرة: 117 المجموع: 41272 نهب ثروات ومقدرات الجنوب الأراضي: إن قضية الأراضي المنهوبة في الجنوب لايمكن التطرق اليها في هذا الملحق بسبب طولها وتعقيداتها ولكننا نتحفظ في هذا التوقيت على الكشوفات الحاصرةلاسماء الناهبين وعقود التمليك في كافة محافظات الجنوب وسنتطرق الى هذا الموضوع بالتفصيل الممل في الأشهر القادمة. وكمثال فقط نورد أن أجمالي الأراضي المنهوبة في محافظة عدن هي 60% من اجمالي مساحة المحافظة وحصرت في 205,442,200 مليون مترمربع = 4,669,251 لبنه = 48,905 فدان = 20,544 هكتار وكان الوزير صالح باصرة صاحب تقرير الأراضي الشهير في لقائة مع صحيفة الخليج أشار الى ان هنالك أكثر من 60 شخصاً "عندهم من مائة بقعة ومافوق ومن الف فدان ومافوق وهنالك فدادين في مناطق زراعية تعتبر الان مناطق تجاريةيعني من الف الى 18 الف فدان الى 20 الف فدان."والفدان يساوي 4200 متر مربع. كما أضاف:" ان الأراضي الزراعية في المحافظات ابينولحجوحضرموت تم توزيعها على مسؤولين كبار بعد حرب 1994م". سيقتصر هذا الباب على نموذج واحد يبين التلاعب الحاصل من الدولة لصالح المتنفذين ضد اصحاب الحق كنموذج لما يدور في الجنوب واراضي الجنوب ... هذه القضية تتكرر بنفس السيناريو على المجموعات والافراد الجنوبيينحتى أصبح المتنفذين والدولة شركاء في الاحتيال على اصحاب الحق إذا كانوا من الجنوبيين. نهب الأراضي...اراضي العزيبةأنموذجاً(جميع وثائق هذا النموذج في الملحق رقم 6). يمتلك ابناء آل العزيبة وثائققانونية تؤكد ملكيتهم للأراضي. العزيبة اطلعوا كل اللجان والمحافظين وحتى رئيس الجمهورية بالوثائق التي تؤكد حقهم في الارض. شكا العزيبة للمحافظ عبد الجليل في 97م بالاعتداءات المتكررة على املاكهم في خط عدنلحج.باع العزيبة بعض اراضيهم على مستثمرين واستنزفت مبالغا باهضه للدفاع عن املاكهم , ورفض الجهات المعنية بتوثيقها. حيث تم البسط على مساحات من الارض بالقوة والاعتداء عليها وهي نفس الممارسات في مختلف انحاء الجنوب. رئيس الجمهورية وجه المحافظ في 95م بإعادة اراضي العزيبة بعد التأكد من وثائق الملكية. وبناء على ذلك اقرالاجتماع المنعقد بتاريخ 24/3/97م والذي ضم المسئولين في محافظة لحج ابان المحافظعبد اللهبامطرف ملكية العزيبةللارض وتضمن القرار اخذ 230 متر من جانبي الطريق وما تبقى عمقا شرقا وغربا من مفرق الوهط شمالا وحتى رباط ابن علوان جنوبا للعزيبة اعترض العزيبة على مقدار المساحة التي اقرت اللجنة اخذها بمقدار 230 متر من كل جانب. لان هذه المساحة تشكل اهم المواقع بالنسبة للارض وكان الخلاف بين العزيبةوأراضي وعقارات الدولة حول الاراضي الواقعة على جانبي الخط العام لحجعدن. اعترفت اراضي وعقارات الدولة بأراضيالعزيبةالآ انها طالبت استبدال وثائق العزيبة بوثائق من اراضي وعقارات الدولة وهوما