بذور اليقطين.. الوصفة الكاملة من أجل أقصى فائدة    أسعار الذهب اليوم الإثنين 21-7-2025 في اليمن    غزة هي بداية النهاية 1-2    منصة عالمية: ما هو العرض الأمريكي السري الذي رفضته حكومة صنعاء ؟!    رغم تلقيه ضربة في الوجه.. تصرف نيمار مع مشجع اقتحم الملعب    فتح باب التظلم للثانوية العامة وطريقتها    دراسة تكشف حقائق "صادمة" عن طب "العصور المظلمة"    عدن.. سجن مفتوح للجوع والخذلان    دراسة أسترالية: البيض لا يزيد من الكوليسترول الضار    المرة 18.. كلوب بروج بطل السوبر البلجيكي    بعد اعتذار الهلال.. الاتحاد السعودي: نؤكد احترام الأنظمة وحماية المصالح    مدير مكتب البحسني يحذر: حضرموت على حافة انحدار خطير    "أغلى من الذهب والألماس".. حجر نادر يباع بملايين الدولارات للقيراط الواحد    حامل جواز دبلوماسي يمني سيسأل في المطار عن مهمته.. سيجيب أمي ألفت الدبعي    النصر يطير إلى النمسا.. والعروض أمام المبعدين    دّشن مركز معلومات المغتربين بوزارة الخارجية..الرهوي يحث على مواجهة أي طارئ لضمان استقرار الوضع التمويني للمشتقات النفطية    وزير الثقافة: المحتل هو من جلب المآسي والأوجاع للمحافظات المحتلة وأبنائها    اخر مستجدات إعادة فتح طريق حيوي يربط بين جنوب ووسط اليمن    وزيرا التربية والصحة ورئتيس مصلحة الجمارك يفتتحون معمل الحاسوب بثانوية عبدالناصر للمتفوقين بصنعاء    تعز .. قوة عسكرية تختطف ضابط أمن من وسط مدينة التربة    الرباعي والحوثي يناقشان أوجه التعاون في مجال مكافحة التهريب    في كلمته بذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام .. قائد الثورة : موقفنا ثابت في نصرة الشعب الفلسطيني    عدن.. خزانات مياه صلاح الدين مهددة بالانهيار بسبب أعمال إنشائية أسفلها    الطناجر الفارغة تصرخ.. غزة تحت الحصار والجوع    تعز تشكو المدخل و صنعاء تشكو المخرج !    من فهم منطلقات العدو إلى بناء الوعي السياسي.. مقاربة تحليلية من فكر الشهيد القائد رضوان الله عليه (2)    الأنظمة المأزومة إلى أين..؟ّ!    غزه تموت جوعاً    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (5)    جوهر الجنيد من الصراري إلى كربلاء.. شهيدٌ على خَطِّ الإمام زيد    فتى المتارس في طفِّ شمهان .. الشهيد الحسن الجنيد    البحر الأحمر مغلق    فيما كيان الاحتلال يصعد من حرب الإبادة والحصار والتجويع .. المقاومة الفلسطينية تفاجئ العدو بتكتيك قتالي جديد    مرض الفشل الكلوي (13)    تقرير حقوقي يكشف عن انتهاكات فضيعة لحقوق الانسان في السويداء    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة النقيب ناصر السعيدي قائد قوات الحزام الأمني قطاع دثينة    الحكومة: مليشيا الحوثي تستغل تجارة المشتقات النفطية لتمويل أنشطتها الإرهابية    السيد القائد: نحيي ذكرى استشهاد الامام زيد كرمز تصدى للطاغوت    المحمدي يطمئن على صحة الكابتن أحمد معنوز ويشيد بعطائه الرياضي والنضالي    عدن ستدفع التعويض المالي للبنوك المفلسة في صنعاء(وثيقة)    ميسي يواصل الإبداع في خماسية إنتر ميامي بالدوري الأميركي    عدن تعيش مجاعة غير مسبوقة في تاريخها    إب.. عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في مديرية السدة    عمليات بحث لصيادين فقدوا في خليج عدن ومناشدات بتحرك رسمي    عودة خدمة الإنترنت بعد انقطاع مؤقت جراء خلل فني    مجلس عزاء في نيويورك بوفاة البرلماني زيد أبو علي    ريال مدريد يجدد عقد حارسه كورتوا    رغم التجاهل وعدم الاهتمام.. أطباء يمنيون يوجهون مناشدة عاجلة إلى الشرعية لحل أزمتهم مع السلطات السعودية    توجيه من النائب المحرمي بضبط مقطورات الوقود والغاز غير المرخصة    حروب اليمن على الجنوب ليست وليدة اليوم بل منذ ما قبل ميلاد المسيح (ع س)    سهول دكسم.. في الجزيرة العذراء سقطرى    أغرب قصة تزوير في لحج.. زوجوه أخته ليستولوا على راتبه    عناصر مسلحة تطرد المنتخب الأولمبي من معسكره التدريبي بمأرب    رئيس الوزراء يشيد بجهود وزارة الصحة في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية    سقوط جزء من السقف يُدخل الفنانة رزان مغربي غرفة العمليات    هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟    الإسلاموية السياسية طائفية بالضرورة بغض النظر عن مذهبها    فتاوى الذكاء الاصطناعي تهدد عرش رجال الدين في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرم الرئيس علي ناصر محمد: من دمشق إلى صنعاء
نشر في الجمهور يوم 14 - 03 - 2011

رغم العدد الكبير من رحلات الطيران التي قمت بها في حياتي، ما زالت لحظات هبوط الطائرة تثير قلقي، لكن قلقي يومها كان مضاعفاً.. فالهبوط في مطار صنعاء المتواري بين ثنايا الجبال، بارتفاعها الذي يزيد على 2200م فوق سطح البحر، لا يشبه الهبوط في المطارات الأخرى.
كان على الطيار البارع أن يناور مخترقاً السحب السوداء وأن يواجه بثبات اهتزازات المطبات الهوائية، قبل أن يهبط بنا على المدرج، مجتازاً ما يعتبر اختيار ملاحة من الدرجة الممتازة.
أخيراً على الأرض..
ثلاث ساعات ونصف تفصل دمشق عن صنعاء، المدينتين التوءم والنقيض.. فالمدينتان تتحدثان بمفردات معمارية إسلامية، وتتباهيان بنفائس المساجد والحمامات والخانات والبيوت الجميلة، تاج دمشق مسجدها الأموي، وتاج صنعاء مسجدها الكبير والمسجدان من أوائل مساجد الإسلام.. وللمدينتين ذات الإطلالة المؤثرة من بعيد مئات المآذن المتطاولة نحو السماء.. تمتد مشتاقة إلى الله.. ما إن تدخل أياً منهما وتطابق قدماك مواطئ أقدام العظماء الذين مروا في دروبهما، حتى يسري إليك ما يعتمل داخلهما من طاقات روحية كامنة.
ما زال لكلتا العاصمتين الموغلتين في القدم قلب نضر ينبض بالحياة، يتفرع داخله شريان "الحميدية" في دمشق و"الملح" في صنعاء.. وربما كان نهوض الاثنتين على أكتاف التجار قد أفرز تلك العادات والتقاليد والمفاهيم المشتركة بينهما.
دمشق شرعت أبوابها لكل الجنسيات والأعراق والأفكار، فتعاقبت عليها السلطات والأقوام لتضفي على شخصيتهما الواضحة نكهات الحضارات الأخرى ولم تتنازل أبداً عن لقبها كعاصمة، أما صنعاء التي بواباتها دون رياح التغيير وحصنت نفسها ضد الغزاة (حتى سميت اليمن بمقبرة الأناضول) (1)، فلم تعرف غير صورتها الأولى واحتفظت بشخصية فريدة صرفة منتزعة لقب عاصمة مرات عدة في التاريخ.
اتكأت دمشق على "قاسيون" احتنتها الغوطة الفيحاء وعانقها بردى، في حين استلقت صنعاء في فيء جبال "نقم" و"ظفار" و"عيبان" وتسللت المساحات الخضراء داخلها في مقاشم المساجد وروت السائلة قلبها.. وللأسف عانت المدينتان في العقود الأخيرة من اجتياح الأسمنت لأخضريهما.
لكلتيهما قلعة، وإن كانت صنعاء القديمة بأكملها قلعة داخل سورها الحجري ببواباته الست التي بقي منها باب اليمن جنوباً، بينما يتخلل سور دمشق القديمة بوابات سبع يقال إن من إحداها سيخرج المسيخ الدجال ذات يوم.
تسامقت بيوت صنعاء بتكويناتها الشاقولية نحو السماء.. انفتحت بجرأة على البساتين والساحات.. لتوفر في مساحة الأرض الزراعية وتلبي حاجات الدفاع الحيوية في حياة اليمنيين، في حين عمدت بيوت الشام إلى التناثر الأفقي المريح حول فسحات سماوية (2) ظللتها الأشجار وعطرتها الورود.
وبقناعتها "الجوهر لا المظهر" طوقت الواجهات الدمشقية البالغة التواضع والبساطة حميمية تتابع قاعات وفناءات، أسقط المعمار المبدع في جنباتها جل روحه زخارف وألوانا وتفاصيل، بينما احتفلت واجهات البيت الصنعاني ب"مهرجان من الزخارف والنقوش" لتستعرض كل زينتها في الخارج، خشباً محفوراً ونقوشاً ورسوماً جصية بيضاء.
بثوبها المحاك من حجارة البازلت وطوب الطين المشوي، نجحت صنعاء في أن تفرض شيئاً من شخصيتها حتى خارج أسوارها القديمة، فزينت واجهات المباني الصنعانية الحجرية الحديثة بالقمريات والزخارف البيض المميزة، بينما انقطع تواصل دمشق مع هويتها وبيوتها الطينية بفراديس فسحاتها السماوية خارج أسوارها.
اعترافا بعراقة مدينتين ظلتا على الدوام مصدر إشعاع علمي وفقهي، سجلت اليونسكو دمشق في عام 1982م وصنعاء في عام 1983م على لائحة التراث العالمي، وزفت صنعاء عاصمة للثقافة العربية في عام 2004م، لتعقبها دمشق في عام 2008م.
لم يتمكن العثمانيون من الاستقرار في بلاد اليمن التي فتحوها سنة 1538م أكثر من قرن واحد، بسبب الثورات والمقاومة العنيفة التي قابلها بها الشعب، فغادروها عام 1635، ولم يعودوا إليها إلا في منتصف القرن التاسع عشر ليقيموا حكمهم فيها قرابة نصف قرن آخر، تحولت فيه إلى مقبرة لأبناء الأناضول.
وربما كنا نستطيع تلمس شيء من الشبه في مباني حي بير العزب القديم في صنعاء، والتي حملت تأثيرات معمارية عثمانية، سيما في تصميم غرفة الاستقبال العامة في البيت التي تطل على البستان المحيط بالمبنى بفتحات واسعة مواجهة لنافورة تتوسط شرفة واسعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.